قلة قليلة جداً من اللاعبين يمكنهم الإفتخار باعتزالهم اللعب في كأس العالم FIFA وبرقم قياسي أيضاً في حوزتهم. وهذا ما فعله بات جينينجز. إذ اعتزل صاحب 119 مباراة دولية مع منتخب أيرلندا الشمالية اللعب رسمياً في نسخة المكسيك 1986 في سنّ الـ41، وبالتالي كان أكبر لاعب شارك في النهائيات العالمية في ذلك الحين. وهكذا وضع حدّاً لمسيرة دولية دامت 22 عاماً وشارك خلالها في ست تصفيات مؤهلة للعرس العالمي. وعلى الرغم من لعبه في المكسيك بعد تجاوزه عتبة الأربعين، أظهر النجم السابق في توتنهام هوتسبير وآرسنال قدرات وحماس كبير مثل حارس مرمى أصغر من سنه بـ20 عاماً، بل وحتى استعرض بعض الصدّات البهلوانية في مباراته الأخيرة ضد المنتخب البرازيلي بقيادة سقراط وزيكو وكاريكا. بعد الهزيمة ضد البرازيليين، أُقصيت أيرلندا الشمالية في ختام مرحلة المجموعات ولم تشارك بعد ذلك في أي نسخة من نسخ كأس العالم FIFA. وشكلت تلك المباراة أيضاً نهاية مسيرة جينينجز اللامعة. وعلّق جينينجز لموقع FIFA.com قائلاً "كانت طريقة جميلة لتوديع الملاعب،" مضيفاً "كان بإمكاني مواصلة المشوار بعد ذلك لأنه لم أتعرض لأي إصابة خطيرة، ولكن هذا هو الوقت المناسب للرحيل. خلال موسم 1985-1986، لعبت مع فريق توتنهام هوتسبير الرديف. كنت قد اعتزلت اللعب، وعدت فقط للمساعدة وعلى أمل استدعائي للعب مع أيرلندا الشمالية في التصفيات المؤهلة لكأس العالم." وأضاف "في الواقع، لم أفكر أبداً أننا سنصل إلى المكسيك، ولكن ما قادنا إلى النهائيات العالمية هو الحفاظ على شباكنا نظيفة في المباريات الأربع الأخيرة. لقد استند نجاحنا إلى الحفاظ على نظافة الشباك على أمل تسجيل هدف واحد على الأقل. وهكذا تم حسم التأهل في المباراة الأخيرة ضد إنجلترا في ويمبلي. كنا بحاجة إلى التعادل وكنا نعرف أنه إذا استقبلنا هدفاً سينتهي كل شيء بالنسبة لنا. ولكننا تمكننا من الحفاظ على شباكنا نظيفة مرى أخرى، وحجزنا تذكرة التأهل إلى نهائيات كأس العالم." سباق ضدّ الزمن على الرغم من اعتراف جينينجز بأن مساهمته في ويمبلي في التأهل لكأس العالم 1986 FIFA كانت دون شك واحدة من اللحظات الأبرز في مسيرته الدولية، تبقى النتيجة التاريخية التي تحققت في أسبانيا 1982 أكبر من أي إنجاز آخر. حيث حققت أيرلندا الشمالية إحدى أكبر المفاجآت المدوية في تاريخ كأس العالم FIFA بفوزها على منتخب البلد المضيف: الفريق الأكثر تواضعاً في البطولة هزم لاروخا بقيادة خوسيه سانتاماريا (1-0). تذوّق جينينجز أكثر من أي شخص آخر حلاوة ذلك الفوز. ففي سنّ الـ37 كان يخشى أن فرصة المشاركة في نهائيات كأس العالم FIFA لن تأتي أبداً. وتذكّر جينينجز قائلاً "كنت على يقين أنه لن ألعب أبداً في هذه المسابقة،" مضيفاً "كنت قد تعرضت لإصابة في العانة في شهر يناير/كانون الثاني، ولم أتعاف تماماً. لعبت فقط ثلاث أو أربع مباريات في التصفيات المؤهلة لكأس العالم. كنت أشعر بالقلق إزاء عدم حصولي على ما يكفي من الدقائق للعب وكذلك مرور وقت طويل على آخر مرة تأهل فيها منتخب بلدي إلى النهائيات العالمية (حوالي 25 عاماً). اعتقدت أنني لن أحقق ذلك. عشت لحظات صعبة طوال الموسم لأنني كنت أتعرض لانتكاسة بسبب نفس الإصابة كل سبعة أو ثمانية أسابيع حتى مايو/أيار، ولكن في النهاية حققت حلمي." ثم تابع قائلاً "هناك، لن أنسى ذلك أبداً، فزنا على البلد المضيف. لم يتوقع أحد منا تحقيق ذلك. لقد كان شعوراً رائعاً. لعبنا 30 دقيقة الأخيرة بنقص عددي بعد طرد مال دوناجي. لا شك أنها كانت أبرز لحظة في مسيرتي الدولية." وجوه مألوفة مرّت 30 سنة على آخر مشاركة لمنتخب أيرلندا الشمالية في كأس العالم FIFA. ولكن هذا لا يمنعها من خوض التصفيات المؤهلة إلى روسيا 2018 بتفاؤل كبير. بعد مشاركته للمرة الأولى منذ ثلاثة عقود في بطولة كبرى، ظلت كتيبة مايكل أونيل وفية لتقليد معاكسة كل التوقعات في المرحلة النهائية ببلوغها مراحل خروج المغلوب في كأس الأمم الأوروبية 2016. في التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم FIFA في أكتوبر/تشرين الأول سيواجه الأيرلنديون الشماليون منتخب ألمانيا، بطل العالم وأحد الوجوه المألوفة بالنسبة لهم. إذ التقى كلا الفريقين أيضاً في كأس الأمم الأوروبية. وتثق الكتيبة الأيرلندية الشمالية أن يقدم حارسها مايكل ماكجوفرن عرضاً رائعاً بين الخشبات الثلاث مثل ذلك الذي قدمه خلال مباراتهما في فرنسا. تأهل فريق أونيل إلى الدور ثمن النهائي من بطولة فرنسا 2016 بعد هزيمة صعبة (1-0) ضد فريق يواكيم لوف. وعلّق جينينجز عن أداء ماكجوفرن مبتسماً: "كانت الجماهير تهتف: أنت جئت في صفة بات جينينجز،" مضيفاً "كنت سأشعر بفخر عظيم لو قدمت أداءاً مثل أدائه. لعب بشجاعة ودائماً ما واجه الخصم بدون أي خوف على سلامته البدنية. كما قام بصدات عظيمة ومتنوعة خلال المباراة ضد أبطال العالم! ليس هناك شك بأن مساهمته كانت كبيرة، وفي النهاية ساعدت أيرلندا الشمالية على تخطي الدور الأول." جناح خاص سيتابع جينينجز التصفيات المؤهلة لكأس العالم FIFA من رواق بات جينينجز، جناح الضيافة الذي يحمل اسمه، ويقع في ملعب ويندسور بارك الذي تم تجديده حديثاً، ويقوم فيه بدور الضيافة أيام المباريات. وبهذا الخصوص، علّق قائلاً: "أشعر بالفخر. يعيد إلي ذكريات السنوات الماضية، عندما لعبت في الملعب وحتى قبل ذلك بفترة طويلة عندما كان عمري 10 سنوات وكان والدي يصطحبني إلى ويندسور بارك لمشاهدة كرة القدم." عندما لا يستقبل الضيوف في هذه الصالة، يشارك هذا المخضرم الذي شارك في بطولتين عالميتين في برنامج الناشئين التابع لاتحاد كرة القدم الأيرلندي، وذلك بمساعدته على تدريب نجوم الغد في أيرلندا الشمالية. وفي هذا الصدد، قال جينينجز، البالغ من العمر 74 عاماً: "إنه لشرف كبير المساهمة في هذا البرنامج. بدون قاعدة، لن يكون هناك مستقبل لكرة القدم. ومن المدهش رؤية العمل الكبير المبذول. فالجميع يقوم بعمل رائع." ثم أضاف مسترسلاً "في السنوات الأخيرة تم إدخال مباريات مصغرة للأطفال. قبل سنوات، كان لدينا 22 طفلاً يركضون وراء الكرة في ملعب ضخم، ولكن الآن، بفضل مع هذا الحجم المعدّل، أصبح بإمكان الأطفال لمس الكرة أكثر وتحسين كيفية ترويضها ونرى تسديدات أكثر على المرمى. وبالتالي، يضطر حراس المرمى لصد كرات أكثر." ومن يدري، فمن الممكن جداً أن يكتشف هذا الحارس الكبير على مر العصور بات جينينجز المقبل.
مشاركة :