لم يكن يجول في خاطر كاتب هذه السطور وهو يجري الحوار مع رئيس نادي الرماية المهندس دعيج العتيبي حول الدور المحوري للنادي في تألق الرماية الكويتية في أولمبياد ريو 2016 بما سيحدث بعده. ظروف شخصية حالت دون نشر الحوار بعيد إجرائه، حتى أن الوقت لم يسعف كاتب هذه السطور إذ عاشت الساحة زلزالاً كبيراً تمثل في حلّ اللجنة الأولمبية واتحاد كرة القدم بموجب قرار صادر عن الهيئة العامة للرياضة وتعيين لجنتين موقتتين لإدارة شؤونهما. اللافت أنّ العتيبي الذي حاورته قبل أيام كرئيس لنادي الرماية بات بعد أيام من الحوار نائباً لرئيس اللجنة الأولمبية. وفي ضوء الحوار الذي دار بيننا في تلك الأمسية التي سبقت قرار الحلّ بأيام، لم تصبني الدهشة عندما علمت، وأنا في العاصمة العمانية مسقط، بأن العتيبي سيلعب دوراً مفصلياً في مسيرة الرياضة الكويتية التي عانت الأمرين في السنوات الماضية، فهو قائد «سفينة الرماية» التي رست بالكويت على ضفاف الإنجازات الأولمبية، وهو صاحب الرؤية الثاقبة والدراسات الدقيقة المنتجة. هو مهندس انتصارات، ولا شك في ان وجوده ضمن اللجنة المولجة بإدارة اللجنة الأولمبية سيضيف الكثير، خصوصاً إذا ما نقل أفكاره الثورية المطبقة في نادي الرماية الى نطاق أوسع يشمل كل الرياضات في الكويت. مدرسة الإنجازات يعتبر العتيبي بأن «الرماية الكويتية هي بمثابة مدرسة للإنجازات»، وشدد على ان القائمين على نادي الرماية يحرصون على العمل كفريق واحد بهدف تهيئة الفرص لتحقيق الانجازات باسم الكويت. معلوم ان اول من شغل منصب رئيس لنادي واتحاد رماية كويتي كان وزير الاعلام وزير الدولة لشؤون الشباب الشيخ سلمان الحمود بين 1994 و2013 حيت انتقلت بعدها الشعلة الى دعيج العتيبي الذي سعى الى استكمال المسيرة التي أطلقها الحمود نفسه. ويقول: «الرماية في الكويت محظوظة بتولي الشيخ سلمان الحمود رئاستها في بداية مراحل تأسيسها كونه رامياً ومحباً للتطوير ومخلصاً لبلده»، ويضيف: «كان لي شرف التعاون معه والعمل تحت اشرافه. اعتبره استاذي في مضمار الرماية والداعم لكل نجاح تحقق»، وأردف: «وجود اخواني أعضاء مجلس الادارة كان له الدور الكبير في نهضة الرماية، فهم جميعا يعملون بإخلاص وتفانٍ لتحقيق النجاح وتطوير هذه الرياضة ودعمها بشكل مستمر والسهر على ضمان استكمال نهضتها». يذكر ان مجلس الادارة الحالي هو برئاسة العتيبي، فيما يشغل محمد مصطفى كرم منصب نائب الرئيس، ويضم عبيد مناحي العصيمي أميناً للسر، عيسى أحمد بوطيبان أميناً للصندوق، المهندس محمد الغربة كأمين سر مساعد، عدنان الابراهيم كأمين صندوق مساعد، الشيخ سالم الجابر الحمود الصباح عضوا، الدكتور نضال السيد عمر عضوا، والمهندس حسام الرومي عضوا. وشدد العتيبي على ان النجاح الحقيقي للرماية جاء ثمرة للخطط التي تم اعتمادها للتطوير وبفضل الله أولاً والدعم الكريم من الدولة وقال: «تحققت الأهداف بشكل كبير وأثمر العمل انجازات آسيوية وعالمية وأخيراً أولمبية». «رامي 2000» وأكد العتيبي الذي يشغل أيضاً رئاسة الاتحاد العربي للرماية بأن «العمل وفق الخطط الفنية جاء استكمالاً لجهود من سبقنا من مجالس ادارة كان لها الدور الجوهري في وضع أسس تطوير ونجاح الرماية». ويرى بأن أهم مراحل تطور هذه الرياضة في الكويت تمثل في «مشروع رامي 2000» الذي طرحه كفكرة في البداية، ولاقى اهتمام مجلس الادارة وخصوصاً الشيخ سلمان الحمود الذي دعمها شخصياً، وقال: «في السنة الاولى، تخرج أفضل خمسة رماة في صيف 2008. وفي 2009، تخرج أفضل 12 رامياً. وفي 2010 تم اعتماد المشروع كمدرسة وكان لي شرف الإشراف عليها ومتابعتها بصفة يومية، واليوم باتت أكاديمية متكاملة لألعاب الرماية كافة اذ تشمل السكيت والتراب والمسدس والبندقية والقوس والسهم للجنسين الشباب والفتيات، وقد جرى توفير مدربين ومشرفين متخصصين للأكاديمية». وأضاف: «كان لإصرار الشيخ الحمود والاخوة أعضاء مجلس الإدارة دور كبير في تأمين الدعم لرماة الصف الاول، والان لدينا رماة ناشئون يعتبرون من الأفضل في العالم، كما أنهم مصنفون بين أفضل الرماة في التقييم الدولي». عمل مستمر وأكد العتيبي بأن «الانجاز الاخير الذي حققه الابطال في ريو دي جانيرو يأتي تتويجاً لجهود وعمل مستمر لسنوات طويلة، فقد تحققت اول ميدالية اولمبية في أولمبياد سيدني 2000 عبر البطل فهيد الديحاني، وتكرر الانجاز في اولمبياد لندن 2012. كانت الميداليتان برونزيتين والان تحقق الذهب عن طريق الديحاني نفسه، كما انتزعنا البرونز عبر البطل عبدالله طرقي الرشيدي لترتفع الحصيلة الى أربع ميداليات هي الحصيلة الاجمالية للكويت في تاريخها الاولمبي، وجاءت جميعها عن طريق الرماية». وشدد: «انا سعيد بالانجاز الكويتي الذي تحقق في ريو. تمنيت ان يتم ذلك تحت علم الكويت لكن قدر الله وما شاء فعل. يكفي اننا لقينا اهتمام سمو الامير وسمو ولي عهده وتشرفنا بلقاء سمو رئيس مجلس الوزراء الذي ساهم في دعم الرماية ووفر البندقية الخاصة بالديحاني وأمر بتوفير بندقية خاصة للرشيدي». وتابع: «تمكنا وبكل جدارة من تأهيل ستة رماة الى الاولمبياد هم فهيد الديحاني وعبدالله طرقي الرشيدي وسعود حبيب وخالد المضف وعبدالرحمن الفيحان واحمد العفاسي. كل منهم كان مؤهلا، والحمد لله انتزعنا ميداليتين تعتبران انجازا مهما في ظل الظروف التي نعيشها والتحدي المرفوع ضدنا من اللجنة الاولمبية الدولية والاتحاد الدولي للرماية». وأكد: «سنضع الخطط الفنية للمرحلة المقبلة وانا على ثقه بأن المسؤولين في الهيئة سيدعمون الرماية كما انه من واجبي كرئيس للاتحاد العربي ان أتعاون مع الاشقاء العرب رؤساء الاتحادات لتحقيق كل ما من شأنه تطوير الرماية في الوطن العربي». وأضاف: «أفتخر بالكم الكبير من التهاني التي جاءتنا من الدول العربية والاصدقاء من مختلف دول العالم والذين تربطهم علاقات طيبة مع أسرة الرماية الكويتية». الدعم الأبوي ورأى العتيبي في «اننا في دولة الكويت محظوظون بالدعم الأبوي من سمو امير البلاد وسمو ولي العهد وسمو رئيس مجلس الوزراء الذين يحرصون دوماً على توفير كل ما من شأنه النهوض بالرماية ودعمها للاستمرار في تحقيق الانجازات». وشدد: «نعم، الهيئة العامة للرياضة وفرت كل ما نحتاجه من تجهيز وموازنات لتدريب الرماة وتأهيلهم. لا يمكن ان نتطور الا بتوفيق من الله اولا ومن ثم بما تقدمه لنا الدولة من رعاية ودعم مستمرين واعتماد الخطط والبرامج التي نقدمها سنوياً. مدير الهيئة الشيخ احمد المنصور داعم رئيسي لتطوير الرماية ونائبه الدكتور حمود فليطح وفر كل الامكانات اللازمة». وتابع: «للأسف ثمة مسؤولون كويتيون في الاتحادات الدولية سعوا الى عرقلة رياضتنا خارجيا بهدف ان تنصاع لهم الحكومة ويفرضون عليها امورا تتعارض مع سيادة الدولة. كنا وما زلنا ضد كل ما يتعارض مع سياسة الكويت. نتمتع بالحرية ولدينا مؤسسات وقضاء نزيه ونرفض ان توضع وصاية خارجية حتى لو أدى ذلك الى حرماننا من المشاركات الخارجية»، وتساءل: «كيف يتم التسامح مع دول لا تملك قوانين رياضية ولا تعتمد انتخابات ويُحجر على الكويت؟ هذه ازدواجية في معايير التعاطي وهو مرفوض من قبلنا. نحترم من يحترمنا ونقدر من يقدرنا ولا نقبل ان تفرض علينا امورا خارجية لا تحترم دولة الكويت وقوانينها. تقدمت شخصياً باستقالتي من مجلس ادارة الاتحاد الدولي عندما أصرّ على معاقبة الكويت وتعليق نشاط اتحاد الرماية. لا يهمني المنصب الخارجي لأنني في الدرجة الاولى اعتز ببلدي الذي اتشرف بأن يكون ولائي له ولقائده حضرة صاحب السمو امير البلاد المفدى». كلام غير صحيح وعن الأزمة التي تمر فيها الرياضة الكويتية، قال العتيبي: «ما عانت منه رياضتنا في الفترة الماضية يؤكد بأن اللجنة الأولمبية (المنحلّة) هي من لجأ الى اللجنة الاولمبية الدولية لإنزال عقوبات بحق الكويت بحجة ان الحكومة تتدخل في الشأن الرياضي وغيّرت القوانين. هذا كلام غير صحيح، فالحكومة هي من يدعم الرياضة، والاندية ملك للدولة وليست قطاعا خاصا. من حق الدولة ان تراقب أسس الصرف وتضع التشريعات عبر مجلس الامة. نحن بلد مؤسسات ولدينا دستور وقوانين وقضاء ونحترم القوانين الدولية. واذا وجدت مادة تتعارض مع الميثاق الاولمبي فمن الممكن مراجعتها وتعديلها اذا لزم الامر لكن ان تُنسف قوانين الدولة وتفرض عليها قوانين ويُشترط عليها توفير المنشآت والدعم المالي ويجري إنشاء محكمة خاصة باللجنة الاولمبية لا تخضع للقضاء الكويتي، فهذا عجيب ولا يمكن القبول به في أي دولة تحترم نفسها».
مشاركة :