فنانون عرب في فخ «التطبيع» مع «إسرائيل»

  • 9/2/2016
  • 00:00
  • 18
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة: محمد شبانة عاصفة هوجاء طالت الفنان خالد أبو النجا والنجمة بسمة، بعد مشاركتهما في الجزء الثالث من المسلسل الأمريكي Tyrant واتهامهما بالتطبيع، ومن قبلهما واجه الفنان عمرو واكد والمخرج محمد الحجر نفس التهمة، وهي المشاركة في أعمال غربية، سواء في السينما أو التلفزيون، يشارك بها إسرائيليون. نقابة المهن التمثيلية في مصر فتحت النار ضد أي فنان يثبت أنه قام بالتطبيع مع إسرائيل، قبل حل القضية الفلسطينية، وباقي الأراضي العربية المحتلة منذ حرب 1967، وشطب اسمه فوراً من سجل المنتسبين إليها. كيف يتم التطبيع فنياً؟ وما حدود مشاركة الفنانين المصريين والعرب في أعمال فنية عالمية يشارك بها إسرائيليون؟ حول هذه القضية الشائكة كان لنا هذا التحقيق. الناقدة ماجدة خير الله، بدأت الحديث قائلة: التطبيع بجميع أشكاله بما فيه التعاون الفني، أمر مستهجن، والفنانون العرب، من المحيط إلى الخليج، متفقون على استمرار مقاطعة الكيان الصهيوني. من ناحية أخرى فإن مشاركة أي فنان عربي في عمل عالمي، سواء أكان فيلماً أو مسلسلاً، شيء ضروري ومهم، فهو مفيد للفنان ولبلاده على السواء، توجد هنا نقطة عويصة بعض الشيء، لنفترض أن فناناً مصرياً عرض عليه الاشتراك بدور محوري في فيلم عالمي كيف يعرف جنسية كل المشاركين في العمل؟ أفلامهم ليست كأفلامنا، فهم لا يعرفون ظاهرة النجم المزمن، فكل فيلم يضم مجموعة نجوم جدد، عدد المشاركين في الفيلم الأجنبي يبلغ أحياناً عشرات الأضعاف بالنسبة للفيلم العربي الفقير تقنياً ومادياً، أنا لا أحقر من أنفسنا، لكنني لا أحب النظرة الوردية والمثالية للأشياء، يجب ألا نكون ملكيين أكثر من الملك، يجب أن يكون هناك ميثاق مكتوب لحدود مشاركة الفنانين العرب في أعمال عالمية، لأنه عملياً لا يمكن منع أي فنان عربي من الاشتراك في أي عمل عالمي حتى لو كان العمل يهاجم العرب أو يشارك به فنانون "إسرائيليون" أو ذوو الميول صهيونية، والأمثلة كثيرة جداً في هوليوود لمخرجين وفنانين لهم نفس الميول. الفنان خالد أبو النجا قال: لا أعرف سبب هذا الهجوم غير المبرر علينا، أنا والفنانة بسمة، لم أقم بالتطبيع، ولا أهتم بالسياسة، إلا فيما يخص بلدي، اشتركت في الجزء الثالث من المسلسل الأمريكي الطاغية Tyrant أحداثه تدور في دولة خيالية اسمها أبدين، أجسد شخصية رجل دين مسلم، يحاول توعية الناس بحقوقهم السياسية، فهل يوجد في هذا الدور ما يعيبه؟ فوجئت بأن مؤلف المسلسل إسرائيلي يدعى جدعون ريف، وله تاريخ في مناصرة الصهيونية في كتاباته، وله مسلسلان من قبل يمجد فيهما إسرائيل هما أسرى الحرب وأرض الوطن، لكنني لا أعرفه ولم أتعاقد معه أو ألتق به، ولم أكن أعرف أنه مؤلف المسلسل من الأساس. أضاف أبو النجا: أيضاً قيل إن المسلسل تم تصويره في إسرائيل، وهذا كذب وافتراء، تم التصوير في دولة المجر، الأحداث نفسها لا علاقة لها ب إسرائيل، وأنا هنا أتكلم عن الجزء الثالث الذي شاركت فيه، بل بالتغييرات السياسية في دولة أبدين، كما قيل أيضاً أن المسلسل يتحدث عن سوريا الشقيقة، وما يحدث فيها الآن، وهذا ليس صحيح بالمرة، ولا يوجد بينهما أدنى تشابه، وهو نفس ما حدث مع الفنانة بسمة، فقد قامت الدنيا ولم تقعد ضدها، لأنها ظهرت في الحلقة الرابعة مع الممثلة الإسرائيلية موران أتياس، التي لم تكن تعرفها مطلقاً، فالفنانة بسمة ابتعدت عن العمل الفني لفترة وعندما تعود ينبغي أن نشجعها، لا أن نعرضها لهجوم واتهام ظالم. وأكمل أبو النجا: المشكلة أن الكتاب والفنانين الإسرائيليين غير معروفين لدينا كفنانين عرب، وبالتالي لا ينبغي أن يتم اتهامنا بما لم نقصده أو نتعمده، فنحن جميعاً ضد التطبيع، ولا يمكن أن نشارك في عمل به شبهة تطبيع، فلا مصلحة لنا في مشاركة الإسرائيليين في أي عمل، وأنا وبسمة لسنا أبطال المسلسل على كل حال. النجم عمرو واكد أشار إلى أن الأعمال الفنية العالمية لا تعرف الخلافات السياسية، ولا يهتمون بجانب جودة العمل، إلا بالعائد المادي، وعندهم مثل يقول: Time is money أي الوقت هو المال. وأضاف: بسبب خلفيتي الدراسية، فأنا على اطلاع بكل الأعمال الفنية العالمية في التلفزيون والسينما تقريباً، وتابعت أزمة مسلسل Tyrant هذا المسلسل عدد الإسرائيليين فيه ملحوظ بعض الشيء ابتداء بالمؤلف مروراً بالبطلة وليس انتهاء بالممثل أشرف برهوم، الإسرائيلي من عرب 48 الذي لعب دور الرئيس السابق لدولة أبدين، لكن هذا لا يعني اتهام الزميلين بسمة وخالد بالتطبيع، فمنذ عدة سنوات تعرضت للموقف نفسه، عندما شاركت في الفيلم العالمي بين النهرين دون أن أعرف أن البطل إسرائيلي، وواجهت إعصاراً من الغضب، وتم التحقيق معي في نقابة المهن التمثيلية بواسطة لجنة تم تشكيلها بواسطة الدكتور أشرف زكي، الذي كان نقيباً أيضاً وقتها، في النهاية تم حفظ التحقيق، بعد أن تأكدوا من أنني لم أقصد شيئاً، حتى أن الدكتور أشرف زكي وقتها رفض محاولات بعض الصحفيين للحصول على نص التحقيقات لنشره، وهو ما ساعد على تهدئة المشكلة، وذهبت في طي النسيان. تابع واكد: إذا تكلمنا بصراحة، فإن الفنان العربي لن يضيع فرصة التواجد في فيلم عالمي لمجرد أن به ممثلاً إسرائيلياً، الأفلام العالمية تضم ممثلين من كل الجنسيات، أبطال هوليوود أنفسهم أغلبهم ليسوا أمريكان، الفن يتخطى حواجز الزمان والمكان والجنسية واللغة، فعندما تكون هناك شوائب إسرائيلية في فيلم عالمي يجب أن نتعامل معها على طريقة الدواء المر، لأنه ليس باستطاعتنا منع "الإسرائيليين" من العمل بالسينما العالمية وفي أمريكا تحديداً، والنجم العربي ليس في وضع يسمح له بفرض شروطه، فلا يوجد فنان عربي على اختلاف الأقطار العربية، يؤيد التطبيع مع إسرائيل أو حتى يلمح به، لكن فرصة التواجد في أي عمل عالمي يجب ألا نضيعها لنحسن صورتنا في الخارج، وأعتقد أن الفن هو خير سفير لهذه المحاولة. المخرج خالد الحجر أشار إلى أن نظرية المؤامرة دائماً جاهزة لتفسير ما نعجز عن تقديم حلول له، تعرضت لنفس التهمة في بداية عملي في مجال الإخراج لمجرد أنني قدمت فيلماً ينادي بالتسامح الديني، لكنني لم أهتم بهذا الهجوم، وكانت شهرتي في بدايتها، إلا أنني التزمت الصمت، وتركت العاصفة تمر. وأضاف الحجر: المشكلة عندنا أنه لا يوجد تعريف واضح لكلمة تطبيع.. كيف يتم التطبيع في مجال الفن؟ هل بالمشاركة في عمل تنتجه إسرائيل؟ أم المشاركة في عمل عالمي يشارك به إسرائيلي من باب الصدفة؟ أنا عن نفسي أميل إلى أن التطبيع - إذا كنا سنضع تعريفاً - هو المشاركة في عمل تنتجه إسرائيل بشكل مباشر ومعلن، أكرر معلناً لأنه من الممكن أن تنتج إسرائيل عملاً، بأبطال غير إسرائيليين ويشارك به بعض العرب دون دراية بالفخ المنصوب لهم، ولا تعلن مسؤوليتها عنه إلا عند عرضه، وهي تدرك جيداً ما سيتعرض له الفنانون العرب في بلادهم، من اتهامات بالخيانة. وأنا متأكد أن خالد وبسمة لم يعلما بأمر "الإسرائيليين" إلا وقت عرض المسلسل Tyrant فأنا أتابعه منذ عرض الجزء الأول عام 2014 وهو مسلسل جذاب جداً، وله شعبية كبيرة في الغرب، لكن يجب أن ننتبه، ليس فقط بمشاركة فنانين إسرائيليين، لكن لأن العمل نفسه يقدم الشرق عموماً بصورة غير متوازنة، حيث يظهر القصر الرئاسي في الدولة المتخيلة أبدين ليس إلا ساحة للمؤامرات والدسائس!

مشاركة :