ممنوع دخول النساء

  • 9/2/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

قبل ما يزيد على أربعة عقود، نالت المرأة الأردنية حقها في المشاركة بالعملية الانتخابية. وقد كان ذلك تحولا في النظرة المجتمعية لأدوارها ومكانتها، وبداية لحملة إزالة العوائق والعقبات التي تعترض مشاركتها في الحياة العامة وصناعة المستقبل. باستثناء ثلاث نساء عُيّنّ في المجلس الاستشاري، والسيدتين إنعام المفتي وليلى شرف اللتين دخلتا حكومتي عبدالحميد شرف وأحمد عبيدات، ظلت المجالس التشريعية والحكومات خالية من العناصر النسائية حتى مطلع التسعينيات من القرن الماضي، حين فازت السيدة توجان فيصل بمقعد نيابي عن الدائرة الثالثة في العاصمة كأول امرأة تدخل المجالس التشريعية الأردنية بالانتخاب المباشر. عبر العقود الثلاثة الأولى من تاريخ حصول المرأة على حق الترشح والاقتراع، وبرغم تفوق أعداد النساء اللواتي يمتلكن حق التصويت على نظرائهن الرجال، فإن مشاركة المرأة الفعلية في الترشح والفوز بقيت محدودة وخجولة. فقد ترشح لملء مقاعد المجلس الحادي عشر الذي مثل بداية عودة الحياة الديمقراطية للأردن العام 1989، عدد من النساء في بعض دوائر العاصمة والزرقاء وإربد. واختفت النساء من قوائم المرشحين في المحافظات الأخرى. ومع ظهور نتائج الانتخابات الأولى التي توزع الفائزون بها على ممثلي الأحزاب والقوى الاجتماعية والزعامات التقليدية، بدا ذاك المجلس خاليا من النساء. وكانت نتائج المرشحات صادمة ومخيبة لآمال كل الطامحين في تغير اجتماعي تشارك به المرأة في صناعة المستقبل إلى جانب الرجل. وكما كانت مشاركة المرأة في البرلمانات والمجالس المنتخبة محدودة جدا، فإن مشاركتها في الحكومات لم تكن أحسن حالا؛ فقد بقيت محدودة هي الأخرى. واستمر هذا الوضع حتى مطلع الألفية الثالثة، إذ ظهر زخم جديد في العام 2003 بإدخال نظام الكوتا النسائية كإجراء تشجيعي يحفّز المرأة على المشاركة في الترشح والاقتراع، ويضمن النجاح لست نساء يحصلن على أعلى نسبة مئوية من الأصوات في دوائرهن الانتخابية بصرف النظر عن عدد الأصوات. وقد شجع ذلك أعدادا أكبر من النساء على خوض الانتخابات البرلمانية في معظم مناطق المملكة، وبكثافة أعلى في المناطق الريفية. في ذلك العام، أسهمت الإجراءات والتعديلات التي أُجريت على النظام الانتخابي في إحداث تغييرات شاملة في الطريقة التي تنظر فيها المرأة لدورها في الانتخابات، كما نظرة الرجل والمجتمع لها، ولما يمكن أن تقوم به. في العام نفسه الذي أجريت فيه الانتخابات التي أتاحت لأعداد أكبر من النساء دخول مجلس النواب الرابع عشر، تشكلت حكومة جديدة ضمت في صفوفها وزيرات بأعداد تفوق أيضا الأعداد التي ألفناها في الحكومات السابقة. كما دخل إلى مجلس الأعيان عدد آخر من النساء، ما وسّع من مشاركة المرأة في الحياة السياسية، وأعطى دفعا جديدا لأدوارها ومكانتها في مختلف الأوساط والثقافات. اليوم، ما تزال المرأة عموما تتردد في الدخول إلى الفضاءات العامة أو التواصل مع الناخبين من دون التأكيد على أنها لا تنافسهم. الكثير من المجالس والنشاطات والفعاليات الاجتماعية، كالأفراح والأتراح والاحتفالات والمناسبات التي تعقد في الأرياف والبادية والمخيمات، لا تحضرها النساء، ولا يسمح لهن بالمشاركة فيها. التجربة الطويلة في استخدام الحوافز التشجيعية لمشاركة المرأة في الانتخابات، ورفع نصيبها في مقاعد المجلس، لم يؤثرا كثيرا في تغيير أدوارها والنظرة إليها في المجتمعات المحلية. العشرات من النساء المرشحات للانتخابات البرلمانية يجدن صعوبات بالغة في نشر صورهن أحياناً، أو التواصل مع أبناء مجتمعاتهن المحلية من الرجال لشرح أفكارهن وتصوراتهن وبرامجهن الانتخابية. بعض المهرجانات الانتخابية التي تعقد في أماكن ودوائر مختلفة لا تحظى بحضور نسوي، ما يجعل الانتخابات تبدو وكأنها تظاهرة رجالية، تسهم النساء في دعمها بتوجيهات من الرجل.

مشاركة :