لا رفث ولا فسوق ولا جدال.. في «الحج»

  • 9/2/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

أحمد محمد (القاهرة) كانت قريش تقف عند المشعر الحرام بالمزدلفة، وكانت العرب وغيرهم يقفون بعرفة، وكانوا يتجادلون، يقول هؤلاء نحن أصوب ويقول هؤلاء نحن أصوب وهذا هو الجدال في الحج، فقد كانوا يقفون مواقف مختلفة يتجادلون، كلهم يدعي أن موقفه موقف إبراهيم، فحسمه الله حين أعلم نبيه بالمناسك، فأنزل الله تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) «سورة البقرة: الآية 197». قال ابن كثير اختلف أهل العربية في قوله «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ»، فقال بعضهم الإحرام بالحج فيها أكمل من الإحرام به فيما عداها وإن كان ذاك صحيحاً، والقول بصحة الإحرام بالحج في جميع السنة مذهب مالك، وأبي حنيفة، وأحمد بن حنبل، وذهب الشافعي، إلى أنه لا يصح الإحرام بالحج إلا في أشهره فلو أحرم به قبلها لم ينعقد إحرامه به، من أجل قول الله (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ...)، فخصصه بها من بين سائر شهور السنة، فدل على أنه لا يصح قبلها، كميقات الصلاة والأشهر المعلومات هي شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة. «فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ» أوجب بإحرامه حجاً، دلالة على لزوم الإحرام بالحج والمضي فيه. وقوله: «فَلَا رَفَثَ»، أي من أحرم بالحج أو العمرة، فليجتنب الرفث، وهو الجماع، وما دونه من قول الفحش، كما قال تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ...)، «سورة البقرة: الآية 187»، وكذلك يحرم تعاطي دواعيه من المباشرة والتقبيل ونحو ذلك، وكذا التكلم به بحضرة النساء. وقوله: «وَلَا فُسُوقَ»، وهي المعاصي، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر»، والفسوق أيضاً الذبح للأصنام والتنابز بالألقاب. والذين قالو الفسوق هو جميع المعاصي، معهم الصواب، كما نهى تعالى عن الظلم في الأشهر الحرم، وإن كان في جميع السنة منهياً عنه، إلا أنه في الأشهر الحرم آكد، ولهذا قال: (... مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ...)، «سورة التوبة: الآية 36». وقال ابن جرير الطبري، إن الفسوق هو ارتكاب ما نُهي عنه في الإحرام، من قتل الصيد، وحلق الشعر، وقلم الأظفار، ونحو ذلك وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه». «وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ» لا مجادلة في وقت الحج وفي مناسكه، وقد بينه الله أتم بيان ووضحه أكمل إيضاح، فليس فيه جدال بين الناس، وقال القاسم بن محمد، الجدال في الحج أن يقول بعضهم الحج غداً، ويقول بعضهم اليوم وكان ابن عمر يقول الجدال في الحج السباب، والمراء والخصومات. ولما نهاهم عن إتيان القبيح قولاً وفعلاً حثهم على فعل الجميل، «وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ» وأخبرهم أنه عالم به، وسيجزيهم عليه أوفر الجزاء يوم القيامة «وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ»، فقد كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون، ويقولون نحن المتوكلون وكان أناس يخرجون من أهليهم ليست معهم أزودة، يقولون نحج بيت الله ولا يطعمنا، فقال الله تزودوا بما يكف وجوهكم عن الناس، ولما أمرهم بالزاد للسفر في الدنيا أرشدهم إلى زاد الآخرة، وهو استصحاب التقوى إليها، وأنها خير وأنفع قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من يتزود في الدنيا ينفعه في الآخرة».

مشاركة :