رفضت المحكمة الاتحادية العليا طعن متهمَين ضد حكم استئناف قضى بحبسهما ثلاثة أشهر والإبعاد عن الدولة، لهتكهما عرض طفلة بالإكراه، مبينة أنه لا يجوز الطعن في أحكام الاستئناف، التي صدرت غيابياً، والتي يمكن إلغاؤها بالمعارضة. وكانت النيابة العامة أحالت متهمين إلى المحاكمة، بتهمة هتك عرض طفلة بالإكراه عمرها أقل من 14 عاماً، فضلاً عن شربهما الخمر دون ضرورة شرعية، تبيح لهما ذلك. وقضت محكمة أول درجة ـ حضورياً ـ بمعاقبة المتهم الأول بالحبس ثلاثة أشهر عن تهمة هتك العرض، وإبعاده عن الدولة بعد تنفيذ العقوبة، وبرأته من تهمة شرب الخمر، وحبس المتهم الثاني ثلاثة أشهر عن تهمة هتك العرض وإبعاده عن الدولة، وعاقبته عن تهمة شرب الخمر بالحبس لمدة شهر. واستأنفت النيابة العامة والمتهمان الحكم، وقضت محكمة الاستئناف غيابياً برفض استئناف المتهمين، وتأييد الحكم الأول، وفي استئناف النيابة العامة قضت بإلغاء الحكم الأول، والقضاء بمعاقبة المتهم الأول بالحبس شهراً تعزيراً عن تهمة شرب الخمر، وتأييد ما عدا ذلك. وطعن المحكومان على الحكم بالنقض بالطعن الماثل، وقدمت النيابة العامة مذكرة، طلبت فيها نقض حكم الاستئناف للبطلان. وذكرت المحكمة الاتحادية العليا أن المقرر قانوناً، وعملاً بنص المادة (244/2) من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي، أن الطعن بالنقض لا يجوز إلا في الأحكام النهائية الصادرة من محاكم الاستئناف، ومرد ذلك أنه إذا كانت هناك سبيل عادية للطعن في الحكم يحتمل معه إلغاؤه أو تعديله، فإنه يجب استنفاد هذه الوسيلة قبل الطعن بالنقض، الذي لم يجزه المشرع باعتباره طريقاً غير عادي للطعن في الأحكام، إلا بشروط محددة لتدارك خطأ الأحكام النهائية دون سواها، ومن ثم فإذا صدر الحكم غيابياً قابلاً للإلغاء أو الطعن فيه بالمعارضة، امتنع على المتهم الطعن فيه بطريق النقض قبل انقضاء المعارضة، أو استنفاد حقه فيها، فإذا ولج هذا الطريق كان طعنه غير جائز، وتقضي المحكمة بعدم جوازه من تلقاء نفسها، لتعلق ذلك بقواعد الطعن في الأحكام. وأشارت إلى أن نص المادة (160/1) من قانون الإجراءات الجزائية على أنه «يجب على المتهم في جناية أو جنحة معاقب عليها بغير الغرامة أن يحضر بنفسه»، يدل على أن المشرع اشترط لاعتبار الحكم حضورياً بالنسبة للجرائم الواردة بهذا النص، أن يحضر المتهم بشخصه وليس بوكيل عنه جلسات المحاكمة، التي سمعت فيها المرافعة سواء صدر فيها الحكم أو صدر في جلسات أخرى، وإلا كان الحكم غيابياً قابلاً للإلغاء أو الطعن فيه عن طريق المعارضة. وذكرت أن جريمة هتك العرض بالإكراه موضوع التهمة الأولى المسندة للمتهمين معاقب عليها بالسجن المؤقت، طبقاً لنص المادة 356/2 من قانون العقوبات الاتحادي، وتعد من ثم من الجنايات المعاقب عليها بغير الغرامة، ما كان يتعين معه على المتهمين إعمالاً لما توجبه المادة 160/1 إجراءات جزائية سالفة البيان، أن يحضر كل منهما بنفسه الجلسات المحددة لنظر الاستئناف المرفوع منه طعناً على الحكم المستأنف، حتى يكون الحكم حضورياً في حقه، ولا يغني عن ذلك حضور محاميه الموكل، لأنه يعد تمثيلاً لغائب. وأضافت المحكمة أن أياً من المتهمَين لم يحضر بنفسه جلسة المحكمة التي نُظر خلالها الاستئناف، رغم إعلانهما بموعدها، وحضر عنهما محاميهما، كما أنهما لم يحضرا الجلسة التي صدر فيها حكم الاستئناف، ومن ثم يكون هذا الحكم غيابياً، وقابلاً للسقوط عملاً بنص المادة 203 من قانون الإجراءات الجزائية، التي يجري نصها على أنه إذا حضر المحكوم عليه غيابياً أو قبض عليه يسقط الحكم في ما يتعلق بالعقوبة أو التدابير أو التعويضات، ويعاد نظر الدعوى أمام المحكمة، ومن ثم لا يجوز أن يلج المتهمان طريق الطعن بالنقض، الأمر الذي يكون معه الطعن الماثل قد أقيم سابقاً لأوانه، وتسلط على حكم غير جائز الطعن فيه بالنقض، ما يتعين معه القضاء بعدم جوازه.
مشاركة :