لو جرت انتخابات الرئاسة غداً بدل 8 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل لربما كان المرشح الجمهوري دونالد ترامب سيمنى بأسوأ خسارة في تاريخ هذه الانتخابات. لا أرى سبباً يجعلني أتوقع أن يكون وضعه أفضل بعد شهرين. ترامب سيخسر كاليفورنيا ونيويورك، وهما أكثر الولايات الخمسين كثافة سكانية، واستطلاعات الرأي العام تجعله متأخراً عن المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون في ولايات كثيرة أخرى عادة ما تختار المرشح الجمهوري. قرأت أنه سيخسر كولورادو وفرجينيا وبنسلفانيا حيث تتقدم كلينتون عليه بأكثر من 10 في المئة من أصوات الناخبين. أقول للقارئ العربي إن الفوز بالرئاسة الأميركية يعتمد على أصوات أعضاء الندوة الانتخابية، وقد قرأت أرقاماً يصعب تصديقها من نوع أن كلينتون ضمنت لنفسها الآن أصوات 242 عضواً من أصل 270 صوتاً تحتاج إليها للفوز. ترامب عدو نفسه فلسانه يسبق عقله، ويعتذر ثم يتراجع ويخطئ من جديد، وخطابه الأخير عن الهجرة سيناقضه خلال أيام. ترامب زار المكسيك وأجرى محادثات مع الرئيس إنريكي بينا نييتو وأرى أنه فشِل فهو في حمقه لا يزال يريد بناء سور بين الولايات المتحدة والمكسيك تدفع المكسيك ثمنه، ويهدد اللاجئين كافة من شرعيين وغير شرعيين. هناك أميركيون كثيرون يعتقدون أنه مرشح روسيا، وتحديداً مرشح الرئيس فلاديمير بوتين للرئاسة. وقد اتُّهم عملاء روس بتسريب «ايميلات» كلينتون، وترامب لا يزال يطالبهم بالمزيد. كل يوم هناك خطأ جديد، أو تكرار لخطأ سابق، وترامب لا يزال يرفض كشف سجله الضريبي ما أثار غضب كثيرين عليه، وقرأت أنه ربما كان الأمر أنه لا يدفع ضرائب على رغم أن ثروته تقدَّر بحوالى عشرة بلايين دولار، وأعماله تشمل حوالى 500 شركة ومؤسسة أخرى. مدير حملته الجديد ستيف بانون لم يكد يتسلم عمله حتى اتهم باللاساميّة في شهادة في محكمة من زوجته السابقة التي زعمت أنه رفض دخول ابنتيه التوأمين مدرسة في كاليفورنيا حتى لا تختلطا بطالبات يهوديات. ترامب قال أخيراً إن الرئيس أوباما ووزيرة خارجيته في ولايته الأولى هيلاري كلينتون أسسا داعش، أو الدولة الإسلامية المزعومة. المصادر الرسمية الأميركية كافة أنكرت هذا الزعم، وترامب قال على تويتر بعد ذلك إنه كان يسخر، ثم عاد ليكرر التهمة أن قيام داعش «نتيجة مباشرة» لقرارات أوباما وكلينتون. طبعاً هو لا يزال يلاحق كلينتون في موضوع إرسال مادة رسمية على «ايميلها» الخاص وهي وزيرة خارجية، والاستخبارات الأميركية قالت إن كلينتون أخطأت، ولكن لم ترتكب جريمة. الاستخبارات نفسها أعطت كلينتون أخيراً تقريراً سرياً دورياً بصفتها المرشحة الديموقراطية. في الأيام الأخيرة زعم ترامب أن اللجنة الفرعية للاجئين في مجلس الشيوخ الأميركي أعلنت أن كلينتون تريد إدخال 620 ألف لاجئ إلى الولايات المتحدة في ولايتها الأولى. اللجنة قالت إن كلينتون تريد إدخال 65 ألف لاجئ سوري، ثم عرضت أفكاراً خلاصتها أن كلينتون إذا أدخلت 155 ألف لاجئ في السنة خلال ولايتها الأولى المتوقعة لكان عدد اللاجئين في هذه الولاية 620 ألفاً. هذا فرضية من لجنة فرعية غالبيتها من الجمهوريين، والرقم الوحيد الذي قالته كلينتون هو 65 ألف لاجئ سوري. وكتبت كثيراً عن حملات ترامب المستمرة على الإسلام والمسلمين، خصوصاً رفضه لاجئين من بلدان فيها إرهاب... ما يعني عملياً أن يشمل فرنسا وألمانيا بموقفه لأنهما تعانيان من الإرهاب. أكتفي اليوم بإشارته في خطاب أخير إلى جرائم الشرف في باكستان وإلى تحرش مهاجرين بنساء ألمانيات في كولون، ورأيه أن هذا دليل على أن المهاجرين المسلمين خطر على النساء الأميركيات. الأقليات الأميركية تؤيد كلينتون، وترامب يحاول استمالتها فيثيرها ضده، كما فعل أخيراً مع الأميركيين السود فقد قال لهم: أنتم تعيشون في فقر. مدارسكم لا تصلح. 58 في المئة من شبابكم من دون عمل. قادة السود أنكروا كلامه وردوا عليه بغضب والاستطلاعات تقول إن واحداً في المئة فقط من السود يؤيد ترامب مقابل 85 في المئة مع كلينتون. والناخبون من أصول إسبانية لهم الموقف نفسه. الانتخابات بعد أكثر من شهرين ولا أرى أن ترامب سيستطيع اجتراح معجزة ترفع حظه في الفوز بالرئاسة.
مشاركة :