الفنان الراحل ضيف الله القرني أحد رموز تأسيس مسيرة الفن التشكيلي السعودي

  • 9/2/2016
  • 00:00
  • 20
  • 0
  • 0
news-picture

في خضم تكاثر أعداد التشكيليين من الجنسين في الساحة التشكيلية المحلية في المملكة العربية السعودية في الفترة الحالية بتنوع اتجاهاتهم ومستويات قدراتهم وإمكانية استمرار بعضهم وتراجع البعض، قد يغفل المتابع أو ينسى من كان لهم حضور مشرف وفاعل ومساهم في بدايات انطلاقة هذا الفن وفي وقت لم يكن في المجتمع هذا الكم من المهتمين ولا في جانب سبل التواصل التي تنقل الفنان من حدود مرسمه إلى أعين المختصين على المستوى المحلي أو العربي ووصولاً إلى العالم إلا من خلال الصحف المحدودة المتابعة في ذلك الوقت حتى عكس ما يجده فنانو هذا الزمن من مساحات مفتوحة للتعريف بفنونهم أو التفاعل مع فنانين آخرين في كل أقطار الأرض، ولهذا قد تضيع أو تختفي من الذاكرة أوراق مهمة لأسماء كان لها دور كبير في تأسيس قاعدة هذا الفن، تستحق أن يتعرف عليها الأجيال الجديدة. ولذا يسرنا في هذا العدد أن نقدم رمزًا تشكيليًا أثرى الساحة بإبداعه فنًا عبر اللوحة رسمًا أو تصميمًا أو تشكيلاً للحرف وصولاً إلى القلم والكتابة والنقد، ذلك هو الفنان ضيف الله القرني الذي انتقل إلى رحمة الله عام 1417هـ، ولد الفنان ضيف الله في بلقرن آل يزيد جنوب المملكة العربية السعودية عام 1389 وتلقى تعليمه فيها ثم تلقى تعليمه المتوسط والثانوي في سبت العلايا بعد ذلك التحق بجامعة أم القرى بقسم الصحافة والإعلام له عضوية في المركز السعودي للفنون التشكيلية في جدة وعضو في بيت التشكيليين وعضو النادي الأهلي للفنون التشكيلية أسهم في الكتابة عن الفنون التشكيلية في الصفحات الثقافية في جريدة عكاظ الابتدائي بعد مسيرة أبت فيها مكانته وحضوره النشط قلمًا وألوانًا ومشاركات حيث أقام قبل وفاته أربعة معارض آخرها في المركز السعودي للفنون التشكيلية في جدة عام 1412هـ سبقه معارض في مكة المكرمة وفي سبت العلايا التي كان لها الحظ الأوفر من أعماله المجسمة. مساهماته النقدية أسهم الفنان ضيف الله القرني بمساحة كبيرة من الكتابة والنقد والتحليل وقراءة العمال في عدد من الصحف المحلية وكان لصحيفة عكاظ النصيب الأكبر حيث عمل بها فترة من الزمن من خلال الصفحات الثقافية، بمقالات توصف بالحادة أحيانًا وبالهادئة في حالات مماثلة، ويمكن أن نستعرض بعض من العناوين التي كتب تحتها تلك المقالات منها على سبيل المثال.. (الحضارات تأخذ من بعضها، الحرف العربي في أثوابه الشاعرية، العلاقة بين الشكل والصوت، جريكو كسر الرتابة، بيت التشكيليين.. صورة عن قرب، التشكيليون.. وسقوط الأقنعة على زبد الشك) أما في مجال الرؤية النقدية فكتب تحت العناوين (سمفونية الحرف.. وعظمة التراب، حميمية إنسانية تستلهم الموروث، نجا مهداوي ممارسة غيبية لحروفية متجاوزة أما جانب ما كتب عن الفنان الراحل ضيف الله فمنها على سبيل المثال ضيف الله القرني فنان يخطو بثبات نحو القمة بقلم الاستاذ محمد بن علي القرني وكتب هاشم أسعد مقالاً بعنوان تفجير الحرف العربي في معرض ضيف الله القرني الثالث وكتب عنه الدكتور خالد عبد الغني أمين جدة السابق الفنان القرني وظف الحرف العربي بشكل رائع كما كان له مع عدد من النقاد العرب بعض من المداخلات والمناظرات في مجال الفن التشكيلي، إضافة إلى معارضه ومشاركاته الفنية في معارض الرئاسة العامة لرعاية الشباب أو مرسم النادي الأهلي. إصدار يليق بالفنان وتاريخه وفي الحقيقة إنني لم أحظ بمعلومات كافية وموسعة إلا من خلال إصدار جميل وضافٍ من إعداد الاستاذ عبدالله أحمد آل جابر القرني أربعة أبواب أو كمًا سماعًا المعد لوحات اشتملت على كل ما يتعلق بحياة الفنان ودراسته ومقالاته ورؤاه التشكيلية وحوارات أجريت مع الفنان كما لم يهمل المعد للكتاب ما كاتبه أصدقاء ومعلمي الفنان ضيف الله سردوا كثير من المواقف والإشادات، ومجموعة من صور لوحات الراحل. حيث جاء في بعض سيرة الفنان أنه أسس ما سماه ذاكرة المربع وهي جماعة تهتم بالفن التشكيلي وشارك -رحمه الله- في أكثر من خمسة عشر معرضًا وحصل على إحدى جوائز ملون السعودية وشهادات تقدير في عديد من المعارض وتم تكريمه بعد وفاته من صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد وأقيم لأعماله معرض نظمه بيت التشكيليين كما أقام له الفنان فايز أبو هريس معرضًا تكريماً له وكذلك أقام له مركز التنمية الاجتماعية ببلقرن تكريماً له بعد رحيله. ختام من خلال الاطلاع على ذلك الإصدار يمكن القول إن الراحل ضيف الله القرني كان مشروع ناقد متمكن بحق في داوته النقدية وصاحب أفق واسع في الثقافة يجيد حبك المقالات ويتعامل مع كل اختصاص كما يجب فتجده في مجال المقالة سلسًا مبسطًا للعبارات محاكيًا درجات إمكانات المتلقي بين مختص وعام، كما نجده في النقد أكثر حده واهتمامًا باستنباط الأخطاء ووضع الحلول. أما جانب الفن التشكيلي فقد كان تشكيله للحرف جاء في وقت واحد من خلال تطويعه وتشكيله للكلمة ما يمكن أن نستشرف فيها التوجه الذي كان يسعى لتحقيقه -رحمه الله- فهو يجمع بين اللوحة المسندية وبين فكرة المجسم، كما كان يسعى إلى أن يكون للكلمة مكانتها التشكيلية بعيد عن قواعد الخط العربي. رحم الله الفنان ضيف الله فقد كان بالفعل رافدًا ثقافيًا أصبحت الحاجة له اليوم أكبر في ظل هذه الفوضى العارمة في الساحة التي تحتاج إلى قلم صادق كما كان الراحل.

مشاركة :