بدأت تجارة «الماجد للعود» من «مبسط صغير» لوالدهم «علي بن عثمان الماجد» في «المقيبرة» وسط الرياض، حيث عُرف عنه الصدق في التعامل، وردد الناس حينها: «ابن ماجد ما يغش»، ولا حتى أيضاً يترك الزبون في حيرة التفكير عن الأجود من العود؛ فهو -رحمه الله- من يتولى بنفسه إرشاده وتوجيهه عمّا هو معروض، ثم يترك له الخيار بحسب إمكاناته، وهو ما أكسبه ثقة الزبائن وقبل ذلك ثقة من حوله من تجار الجملة؛ ليمتد مشوار الأسرة في البحث عن «العود» في بلاد الهند، فأرسل الوالد أبناءه إلى هناك؛ لضمان اختيار الأجود؛ لأن ما يشغل تفكيره هو فقط كيفية الحفاظ على ثقة الزبائن، ومع مرور الوقت ازدادت تطلعات الأخوة ليؤسسوا شركة تهتم بتقديم منتوجات متنوعة من العود والعطورات والدخونات، وهو ما ضمن لهم تحقيق الأرباح من خلال كسب الكثير من العملاء. سار وإخوانه على منهج والدهم: «اصدقوا مع الناس»، وسيرته: «كلٍ الله يرزقه»، ومسيرته: «لا تخذل من وثق بك» «ماجد بن علي بن عثمان الماجد» -رئيس مجلس إدارة شركة الماجد للعود- حقق وأخوانه نجاحات كبيرة، متمسكين جميعاً بمنهج والدهم: «اصدقوا مع الناس»، وماضين على سيرته: «كلنا الله يرزقه»، ومسيرته: «لا تخذل من وثق بك»، وهم سائرون على درب لم يعد طويلاً بسبب تلاحمهم، وتعاونهم، واحترام صغيرهم لكبيرهم، حتى أصبحوا اليوم من بين أكبر الشركات في سوق العود، وتضم حالياً (50) فرعاً في مناطق المملكة، وتهتم بابتكار تركيبات العود والعطورات، ونالت استحسان وإعجاب الجميع. «الرياض» تستقصي نجاحات رجل الأعمال «ماجد الماجد» وأخوته. اتصل بنا تجار سنغافورة في حرب الخليج رغم تحفظنا على الاستيراد: «سنُصدّر لكم البضاعة.. نثق بكم ومالنا سيعود»! مبسط صغير وقال «ماجد الماجد» -عن بدايات تجارة «الماجد للعود»- انطلقت البداية من والدي «علي بن عثمان الماجد» -رحمه الله- في عام 1956م، حيث كان يبيع في مبسط صغير مثل غيره في سوق «المقيبرة» وسط الرياض، ثم انتقل بعد ذلك إلى محل صغير مشترك بين ثلاثة بسّاطين في العود، بعدها أتى إلى الوالد أحد تجار العود الكبار آنذاك وهو «ابن عيسى»، حيث لاحظ على والدي الحركة والجرأة فأحبه وعرض عليه بضاعة كبيرة، إلاّ أن أبي -رحمه الله- قال له: «ما عندي فلوس أُسددك»، إلاّ أن «ابن عيسى» قال له: «إذا بعت البضاعة سدد لي»، مشيراً إلى أنه من هذا الموقف بدأت انطلاقتهم الحقيقية في تجارة العود، حتى ان والدي فتح محلاً للجملة، وأصبح التجار الذين يجلبون العود من الهند -تجار الشنطة- يثقون في سمعته، فأصبح يأخذ منهم العود بطريقة «المعاشرة»، وهي التي تعتمد على الصدق في عملية أنه اشتراه بالسعر الحقيقي، فيأخذ مكسباً (15%) أو (20%) بالاتفاق فيما بينهم، على أن يتم السداد في المرحلة الثانية من جلب العود. لدينا مصنعان في الوشم والرياض لتركيب الخلطات وجلب «الخامات» من دول أوروبية وآسيوية.. ونعرف «ذوق الزبائن» مشوار الاستيراد وأوضح «الماجد» أن بعض التجار بيّتوا النية في عدم إعطاء والدي بضاعة؛ الأمر الذي أغضبه، فأرسل ابنه الكبير «خالد» إلى الهند وكان عمره (16) عاماً، وبفضل الله ثم بفضل سمعة الوالد بين تجار الهند كسب ثقتهم، وبدأ مشوار الاستيراد، مضيفاً أنه بقي «خالد» في الهند فترة طويلة، ثم تبعه في هذه المهمة أخي «سعد» الذي مكث في الهند أيضاً مدة ستة أشهر، للتعرف على المصادر واختيار العود الطيّب؛ لأن والدي اشتهر بجلب الأعواد الطيبة، كما أن أصحاب المحال يثقون فيه وفي رؤيته، مبيناً أنه في عام 1396ه ذهب «سعد» إلى تايلند لاكتشاف العود هناك، ووجد مبتغاه، ثم بعد ذلك اكتشف ماليزيا ومكث وقتاً طويلاً هناك. نملك (50) فرعاً والقادم أفضل بسبب تكاتف الإخوة والصدق..ثم الصدق وقال في عام 1984م بدأت مرحلتي، فمكثت في تايلند وماليزيا وهونج كونج، ذاكراً أنه كان يشتري العود من سنغافورة لأنها بلد الأمان للتجار، كما كان يشتري العود من فيتنام وكمبوديا ولا يعطيهم النقود إلاّ عندما تأتي البضاعة إلى سنغافورة، مبيناً أنه في عام 1986م تم اكتشاف أندونيسيا، وفعلاً وجد فيها العود الطيّب، إلاّ أن رغبة الزبون للعود الأندونيسي كانت قليلة، مضيفاً أنه في عام 1990م قلَّ العود في كمبوديا وفيتنام وماليزيا فاتجهوا إلى أندونيسيا بكميات كبيرة، ومكثوا على ذلك حتى عام 1995م، ليكمل المشوار أخوه الصغير «بدر». برامج المسؤولية الاجتماعية: دعم الجمعيات الخيرية، تحفيظ القرآن النسائية، الزواجات الجماعية، الدعوة والإرشاد، تعطير المساجد فكرة الشركة وأكد «الماجد» أن فكرة إنشاء الشركة كانت على وقت والده -رحمه الله- في عام 1405ه، إلاّ أن الوالد لم يُفضّل اسم شركة لأنه صاحب جملة، مضيفاً أن اخواني اتفقوا على فتح محال تجزئة، مبيناً أنه وأخوته كانوا يستوردون العود لأبيهم وفي الوقت ذاته يأخذونه منه. وعن الفائدة التي جناها من والده في مشواره التجاري، قال: بدأت مع والدي في محل الجملة عام 1982م واكتسبت الخبرة والتعامل مع الزبائن من هذا المحل، مؤكداً على أن والده يُعد قدوته في الحياة؛ لأنه لا يبيع ولا يشتري إلاّ بالصدق، مبيناً أن والده كان يُشدد عليهم التعامل بالصدق؛ لأنه بر الأمان وهو البركة، لافتاً إلى أنهم استفادوا من نصائحه كثيراً، خاصةً مع التجار غير المسلمين، فقد صدقوا معهم في دفع المال ووقت الشراء، ذاكراً أن التجارة لا تُبنى إلاّ على الصدق، فهو في النهاية يقود إلى ثقة الناس وهي المكسب، وقديماً اشتهر مثل يقول: «من أمنو أغنوه»، موضحاً أنه بعد وفاة الوالد في عام 2007م تعاهد الإخوان جميعاً على الاتحاد أكثر من أي وقت مضى. وعن الحياة في الماضي أوضح «الماجد» أنهم كانوا يسكنون في «البطيحاء» في الرياض، وكانت الحياة بسيطة جداًّ وعفوية، كما أن العلاقات بين الناس طيبة، والتسامح والتعاون هو سمة الجميع، مضيفاً أن النصح وصفاء القلوب كان أفضل من وقتنا الحالي، مبيناً أن «الأولين» عاشوا ظروفاً صعبة وعاشروا «الفقر»، وهي المرحلة التي تصنع الرجال، أمّا في هذه الأيام فنحن في نعمة مباركة ولله الحمد. ثقة التجار وسرد «الماجد» موقفاً يكشف ثقة التجار الأجانب في والده -رحمه الله- قائلاً: في عام 1990م كنت أنا المسؤول عن الاستيراد، وشهد ذلك العام «حرب الخليج» الثانية، مضيفاً أنه اتصل به التجار من سنغافورة وقالوا له: «نريد أن نبيع لكم العود»، مبيناً أنه ذهب إلى والده لاستشارته فقال له: «الآن حرب»، ذاكراً أن التجار اتفقوا على الاجتماع في سنغافورة وقالوا له: «سنُصدّر لكم البضاعة، نثق أن مالنا سيعود إلينا»، الأمر الذي أجبره على الذهاب إلى سنغافورة والاتفاق معهم، مشيراً إلى أن هذا الموقف يُبرهن مدى ثقة التجار بوالده، وأنهم كانوا ينوون تصدير العود إلى المملكة دون أن يحصلوا على أموالهم، وفي ذلك ثقة لا حدود لها في استرجاع حقوقهم، بل إنهم لم يخشوا عليها إطلاقاً. تطوير العود وحول مرحلة التطوير، قال «الماجد» ان الأخوان اجتمعوا لبحث عملية التطوير لشركة الماجد للعود، مضيفاً أنهم بدأوا بفكرة تطوير مرحلة العود إلى العطور؛ لأنها انتشرت فكرة رائدة هي «البخّاخات الشرقية»، مبيناً أنهم بدأوا تركيب بعض الأصناف، ووجدوا فعلاً لها طلبا كبيرا، وكذلك رواجا في السوق، مبيناً أنه أصبح الزبون يتردد عليهم لبحث هذا الصنف، مشيراً إلى أنه بعد ذلك أنشأوا مصنع العود ودهن العود لتثبيت الجودة، ذاكراً أنهم أنشأوا مصنعا في منطقة الوشم لأن هناك مزرعة لهم، وكذلك أنشأوا مصنعاً آخر في المنطقة الصناعية الثانية، لافتاً إلى أنهم بدأوا في تركيبات العطور وجلب الخامات من بلدان كثيرة مثل أندونيسيا والهند وفيتنام، وكذلك فرنسا وأسبانيا وألمانيا وسويسرا، وبدأوا في عملية التركيب والتنويع فيما يطلبه زبائن المملكة ودول الخليج، لأنهم دائماً يحتاجون إلى أنواع مركب فيها روائح العود أو ما يُشابهه وكذلك بعض النباتات العطرية. وأضاف: كوننا من أهل البلد فنحن نعرف طبيعة سكان المملكة وما يحتاجونه من روائح مناسبة، مؤكداً على أن ذلك شفع لهم في التركيب، حيث وجدوا الطلب الكثير عليها، كاشفاً أنه وأخاه «بدر» هما من كانا يعملان على ذلك. فروع كثيرة وعن إنجازات شراكته مع أخوته، أكد «الماجد» على أنهم استطاعوا فتح فروع كثيرة داخل المملكة، وكذلك ابتكروا تركيبات في السوق نالت إعجاب الكثير من العملاء، مضيفاً أن ذلك يُعد من أهم التطورات بالنسبة لهم، مبيناً أنهم ابتكروا بعض «الدخونات» التي لاقت استحسان مواطني المملكة وسكان الخليج، مشيراً إلى أن لديهم في الوقت الحالي (50) فرعاً في الرياض وجدة ومكة والمدينة وخميس مشيط، وكذلك حائل والباحة والدمام والخبر والأحساء، إضافةً إلى الخرج وبيشة والقصيم. وأضاف أن جميع المعروضات في فروع الشركة هي من منتجات المصنع فقط، ولا نعرض أي شيء آخر من مصانع أخرى، كما أنهم لا يعرضون البيع بالجملة، ذاكراً أن من بين ما يُعرض في الفروع؛ العطور الفرنسية والعربية و»الدخونات» والتركيبات ودهن العود، إلى جانب مخلطات العنبر والمسك، موضحاً أنهم يُقدمون أسعاراً تتناسب مع جميع أطياف المجتمع، حيث تبدأ أسعار العود من (125) ريالاً للأوقية حتى تصل إلى (1500) ريال. سعودة وظائف وفيما يتعلق ب»السعودة»، قال «الماجد» وصلنا إلى «النطاق الأخضر المرتفع» في توظيف السعوديين، بل ولا زالنا نستقبل الشباب الطموح، مضيفاً أنه على الرغم من وجود تسرب إلاّ أن الشركة مازالت صابرة، مرجعاً الأسباب إلى قلة الوعي، مُشدداً على أهمية المساهمة في بناء الوطن والمواطن، مؤكداً على أنهم مازالوا يستقطبون الشباب السعودي، بل إن بعض الوظائف الإدارية في الشركة يقف على هرمها مواطنون، كإدارة شؤون الموظفين وشؤون الإدارة المالية والسكرتارية، وكذلك إدارة الاستيراد وإدارة المصنع وإدارة التسويق، إلى جانب إدارة عليا للتطوير، وكل هذه الوظائف تحت إدارة سعودية. صبر ومثابرة وحول النصائح التي يُقدمها للشباب، شدّد «الماجد» على أهمية الصبر في بداية المشوار، ف»الصبر مفتاح الفرج»، مضيفاً أنه من المهم أن يُثابر الشباب في البداية ويكتسبوا الخبرة، مبيناً أنه دائماً في لقائه مع الشباب يقول لهم: «اصبروا، واكتسبوا خبرة، حتى تستطيعوا فتح المشروعات الخاصة بكم»، مبيناً أنه لو رجعنا إلى سيرة «الأولين» نجد أنهم بدأوا كموظفين بسيطين حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه من نجاح مبهر، متأسفاً على أن شباب اليوم يستعجل النتائج، وترى منهم في بعض الأحيان عدم الجدية، مشيراً إلى أن هناك من النماذج من حقق النجاح وبدأ يصرف على نفسه وعلى والديه، ذاكراً أن العاملين الأجانب يأتون بتطلعات مستقبلية رغم مواجهتهم الصعاب إلاّ أنهم في النهاية يحققون النجاح، موضحاً أن بعض الآباء لا ينتظر من ابنه أن يصرف عليه، بل يُريد منه أن يعمل ويصرف على نفسه فقط. مسؤولية اجتماعية وعن برامج المسؤولية الاجتماعية كشف «الماجد» أن الشركة لها إسهامات في الجمعيات الخيرية ودور تحفيظ القرآن النسائية والزواجات الجماعية، وكذلك الدعوة والإرشاد وتعطير المساجد، إلى جانب جمعية إنسان والمعوقين، ناصحاً رجال الأعمال بأنهم مثل ما يبحثون عن الربح لابد أن ينظروا إلى الأعمال الخيرية، فهي الرصيد الحقيقي لهم، وما يعملونه تجاهها هو في صالح ورثتهم مستقبلاً، مُشدداً على أهمية أن يُساهم التجار في دعم الفقراء والمساكين وذوي الاحتياجات الخاصة، مضيفاً: «ما قدمته تلقاه»، وهذا ما حثّنا عليه ديننا الحنيف، مشيراً إلى أن ذلك هو بركة المال، وهو من أهم أنواع التكافل الاجتماعي، ذاكراً أن للفقراء حقوقا عليهم سواء من صدقات أو زكوات، موضحاً أن الأهمية تتطلب أن ينظر رجل الأعمال لهذا الأمر بنظرة حقيقية وثاقبة، فالأجر الكثير بانتظارك.
مشاركة :