واثقون من قدرة العنابي على المنافسة بقوة

  • 9/3/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

متابعة - صفاء العبد: ليس بالضرورة أن تأتي النتيجة عادلة في كرة القدم.. فالتجارب علمتنا أن هذه اللعبة يمكن أن تمد لسانها للفريق الذي يستحق نتيجة أفضل.. وفي تقديري الشخصي أن ذلك بالضبط هو ما حدث في مباراة أمس الأول التي خسرها العنابي بهدفين قاتلين ومتأخرين جداً أمام نظيره الإيراني في خطوته الأولى على الطريق الطويل في تصفيات الحسم الآسيوية المؤهلة لنهائيات كأس العالم "روسيا 2018".. لن أدافع عن العنابي ولست هنا بصدد تبرير خسارته المؤلمة هذه، لكنني أجزم بأن النتيجة لم تكن عادلة على الإطلاق.. فلا العنابي يستحق الهزيمة ولا الإيراني يستحق الفوز.. وقد أذهب تماماً إلى أن التعادل ربما كان هو النتيجة الأنسب فعلاً لهذا اللقاء الذي كان صعباً جداً على كلا المنتخبين. الدقائق "الهجينة" ..! وإن لم يكن التعادل هو الأكثر عدلاً لهذه المباراة فإن فوز العنابي كان يبدو هو المستحق عطفاً على الجهد الكبير والأداء المتميز والروح القتالية التي ميزت أداء لاعبينا طوال الدقائق التسعين، وقبل أن يحدث ما حدث في تلك الدقائق "الهجينة" التي حسبت بدلاً من الوقت الضائع لتضيع معها نقطة كان يمكن أن تكون بثمن ثلاث نقاط وفقاً لحسابات الذهاب والإياب المعتمدة في هذه التصفيات.. لا ألوم البعض ممن جرفتهم العاطفة بتلك الطريقة التي دفعت بهم لمهاجمة العنابي ولاعبيه على مواقع التواصل الاجتماعي عقب انتهاء المباراة .. فالسيناريو الذي انتهت إليه المباراة في دقائقها الأخيرة كان قد أثار الشجون وجعل الكثيرين يركزون على خطأين قاتلين لحارس المرمى وخط الدفاع وينسون تماماً ما كان قد حدث طوال الدقائق التسعين للمباراة .. وفي تقديري أن في ذلك إجحافاً وظلماً كبيرين على المنتخب واللاعبين .. وهنا فأنا أدعو كل هؤلاء إلى العودة إلى شريط المباراة ومتابعته بهدوء وبعيداً عن أي انفعال ليكون حكمهم بالتالي أقرب إلى المنطق والعدل والصواب. هكذا ظهر العنابي شخصياً أرى أن العنابي، وباستثناء ما حدث في دقائق الوقت بدل الضائع، كان قد قدم نفسه أمس الأول كواحد من المنتخبات التي يمكن أن تتنافس بقوة على إحدى بطاقتي التأهل المباشر عن مجموعته الأولى .. فعلى الرغم من أنه كان يلعب على أرض منافسه المسنود بأكثر من ثمانين ألف متفرج امتلأت بهم مدرجات ملعب أزادي بطهران، إلا أنه كان واثقاً بنفسه كل الثقة وإلى الحد الذي نجح فيه بتشكيل ضغط كبير على المنتخب الإيراني دون أن يتأثر أبداً بكل ما لهذا الأخير من تاريخ يمكن أن يرهب به خصومه كونه سبق أن تأهل لكأس العالم أربع مرات وأحرز لقب بطولة آسيا ثلاث مرات. أحداث المباراة كانت تؤكد على أن العنابي نجح كثيراً في مجاراة صاحب الأرض والجمهور طوال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، لا بل إنه كان قد تفوق عليه في أغلب زمن الشوط الثاني تحديداً، وهو ما دفع بالجمهور الإيراني لاحقاً إلى التعبير عن امتعاضه من عجز منتخبه الذي ظهر في أحيان كثيرة وكأنه قد قبل بالممكن وهو التعادل في مباراة كان يعتقد أنها ستكون سهلة وفي متناول اليد. لن أطيل الحديث عن هذه النقطة وإنما أحيلكم إلى تلك اللقطات التي سجلتها الكاميرا في اللحظات التي أعقبت تسجيل هدف التفوق الأول لتكتشفوا كم عانى الإيرانيون أمام العنابي وكيف كان الهدف "الهدية" ذاك قد تسبب في فقدان الأعصاب والتهور والانفلات لأنهم في الواقع كانوا قد يئسوا قبل ذلك تماماً وإلى الحد الذي دفع بالكثيرين إلى مغادرة مدرجات الملعب مثلما جعل هذا الـ"نيكونام" يخرج عن المألوف ليرتدي قميص "مهرج" بدلاً من قميص مساعد مدرب..!! نعم.. كانت هناك أخطاء لا أقول هنا إن صورة العنابي كانت متكاملة جداً .. فليس من فريق متكامل إلى الحد الذي يخلو فيه من الأخطاء .. نعم كانت هناك بعض الأخطاء لكنها أخطاء واردة في كرة القدم سواء على المستوى الفردي أو على مستوى التنفيذ الجماعي .. وإذا ما استثنينا ما حدث في الوقت بدل الضائع لوجدنا أن الأخطاء تلك لم تؤثر كثيراً في سير المباراة ولم تمنع العنابي من أن يحقق ما كان يبحث عنه وهو الخروج بالتعادل على الأقل من مباراة كبيرة على ملعب خصم اعتاد أن لا يفرط بأي نقطة على ملعبه في مثل هكذا مناسبات.. وهكذا فإن العنابي كان قد قبض فعلاً على النقطة التي كان يبحث عنها ولم يكن الأمر ليحتاج إلى أكثر من صافرة النهاية التي كانت ستطلق في أي لحظة من قبل الحكم السريلانكي الذي كان يمكن أن يخرج من هذا اللقاء بدرجة امتياز لولا علامة الاستفهام الكبيرة التي رسمت حول الهدف الأول المثير للجدل .. ملاحظات فنية .. أما عن الملاحظات الفنية فنقول إن خيارات المدرب كارينيو كان موفقة تماماً على مستوى التشكيلة التي بدأ بها المباراة.. فهؤلاء هم الأفضل فعلاً حالياً باستثناء ما يتعلق بلاعب أو اثنين كنا نأمل في أن يكون لهما حضورهما سواء في التشكيل الأساسي أو من خلال الزج بهما كبدلاء وهما تحديداً أحمد عبدالمقصود في الارتكاز وإسماعيل محمد في الإسناد الهجومي لأن الأول كان يمكن أن يسهم بدور مهم في الجانب الدفاعي، بينما كان بإمكان الثاني أن يعزز كثيراً من الجهد الهجومي عبر الانطلاقات الجانبية التي كان يمكن تربك دفاعات إيران وأن تسهم أيضاً في عدم السماح لمدافعيه في التقدم. وعندما نقول إن هؤلاء هم الأفضل حالياً فإن ذلك لا يلغي أيضاً أن هناك من كان دون مستواه أو أنه لم يقدم كل ما كنا ننتظره منه.. ففي حساباتنا أن تاباتا يمتلك ماهو أفضل بكثير من هذا الذي قدمه وكذلك لاعبا الارتكاز لويز مارتن وكريم بوضياف.. فكلاهما يتمتعان بقدرات أكبر، خصوصاً الأخير الذي عودنا على أن يكون خطيراً جداً في تحركاته في الوسط والأمام.. أما عدا ذلك فإن رباعي خط الظهر كان مثالياً في انضباطه التكتيكي باستثناء ما حدث في تلك الدقائق البديلة للوقت الضائع إذ كان بوعلام وأحمد ياسر في أعلى درجات الانسجام في قلب الدفاع وكذلك بيدرو، وعبدالكريم حسن في مركزي الظهيرين على الرغم من تقييد تحركاتهما وفقاً للواجبات المناطة بهما، حيث أفقدنا ذلك فاعلية عبدالكريم حسن تحديداً في الإسناد الهجومي عبر توغلاته الهجومية التي كانت ستشكل إحدى الأوراق المهمة جداً في البحث عن حلول مناسبة في الأمام في ظل معاناة حسن الهيدوس وسبستيان من الرقابة المشددة وما رافقها من خشونة متعمدة في أحيان كثيرة معهما ومع غيرهما من زملائهما في المنتخب، لا سيما في الشوط الثاني من اللقاء.. حذار من الإحباط لسنا هنا بصدد التوسع في مناقشة التفاصيل الفنية لكننا نؤكد أن الشكل العام للعنابي كان مرضياً جداً لولا ما حدث في الهدف الأول المتأخر جداً والذي تسبب به حارس المرمى كلود أمين بطريقة لا تتفق مع خبرته ومهارته، وكذلك الهدف الثاني الذي أعقبه بقليل والذي جاء نتيجة الغفلة التي سببتها صدمة الهدف الأول ذاك. ومع أن كرة القدم تقاس بالأهداف وليس بالمستوى أو الأداء إلا أننا نسجل هنا بأن الصورة التي كان عليها العنابي أمس الأول تؤكد أن فرصته تبقى كبيرة في هذه التصفيات، خصوصاً أن أمامه تسع مباريات أخرى سيكون خلالها قادراً على تجاوز ما حدث في مباراة طهران، لا سيما أن الجولة الأولى أمس الأول أثبتت بأن ليس هناك من كبير في هذه المجموعة وهو ما ينطبق تحديداً على منتخب إيران الذي عانى كثيراً أمامنا أو حتى المنتخب الكوري الجنوبي الذي حقق فوزاً بشق الأنفس على المنتخب الصيني الذي نعرف مستواه جيداً. نقول إن علينا جميعاً أن لا نجعل من هذه الخسارة سبباً بأي إحباط يمكن أن يصيبنا أو يصيب لاعبينا .. علينا أن نعمل على إخراج اللاعبين من آثار هذه الخسارة غير المستحقة، خصوصاً أن المباراة اللاحقة تطرق الأبواب ولا يفصلنا عنها سوى ثلاثة أيام، حيث سنكون على موعد مع أوزبكستان هنا في الدوحة يوم الثلاثاء المقبل وهي مباراة في غاية الأهمية على طريق الحلم المونديالي الكبير.

مشاركة :