نظمت لجنة التنمية الاجتماعية الأهلية بمحافظة رجال ألمع ضمن برنامج الديوانية الثقافية مساء أول من أمس، أمسية بعنوان "الرواية السعودية بين نسقية الانغلاق وزخرفة الاستلاب" للدكتور محمد يحيى أبوملحة نائب رئيس نادي أبها الأدبي، أدارها القاص عبدالله المطمي بمقر اللجنة بالجرف. وأوضح الدكتور أبوملحة في ورقته أن الرواية السعودية حققت كثيرا من النجاحات في العصر الحاضر، وستحقق مزيدا من النجاحات إذا لم تنحرف عن مسارها الصحيح بالبحث وراء الشهرة من خلال بعض الأعمال الرديئة فنيا، والتي تستجدي القراء بما تقدمه من إثارة وفضائحية دون أن يكون وراء هذه الإثارة وتلك الفضائحية عمل فني رصين. طفرة الرواية السعودية يرى أبوملحة، أن انغلاق المجتمع السعودي لفترة طويلة من الزمن، حين كان كتاب الرواية يتحاشون الخوض في أي موضوع يثير جدلًا اجتماعيا، أو مساءلة، أخر ظهور الطفرة التي تعيشها الرواية السعودية حاليا، إذ عندما اقتحم الروائيون تلك المناطق وجدوا موضوعات كثيرة لا تزال تنتظرهم، ووجدوا جمهورا عريضا، ووجدوا أن فن الرواية بما فيه من مرونة، وسعة قادر على إتاحة فرصة أوسع لتصوير المجتمع ومناقشة قضاياه، مبينا أن السكوت عن القضايا الدينية والسياسية والأخلاقية أمر غير صحيح، وأن أي رواية تتكئ على الجنس وحده ستكتسب وهجا ووميضا سرعان ما يتلاشى ولن يكتب لها الخلود. رفض الآخر أشار أبوملحة، إلى تفشي العنف والصراع داخل الروايات السعودية في تناولها للآخر المختلف عقائديا وفكريا، إلى سيادة تيار معين على الساحة ردحا من الزمن، الأمر الذي كان له الأثر في ذلك، وقال إن ثقافة الرأي الواحد التي ترسخت في مجتمعنا خلال الفترة السابقة، تمخض عنها عدد من الظواهر والممارسات ومنها رفض الآخر، وبخاصة حين يكون الخلاف معه فكريا أو عقائديا، وقد ألبس ذلك ببعض أدبيات التيارات الفكرية التي ترفض الاختلاف، وتعد المختلف معها في الفكر خائنا، ومارقًا، ولا بد من محاربته، أو على الأقل تهميشه وقد انعكس ذلك كله على الأعمال الروائية السعودية التي صورت أن من أسباب رفضِ الآخر والتقوقعِ على الذات التبعية المطلَقة، والطاعةَ العمياء التي يتربى عليها كثير من المنتمين للتنظيمات المتطرّفة أيا كانت أيديولوجيات تلك التنظيمات. نقاط مشتركة قال أبوملحة، علينا أن نتذكر جيدا أن ثقافة الحوار، وقبول الآخر، ومحاولة البحث عن النقاط المشتركة قبل نقاط الخلاف حديثةٌ نسبيا، وإذا غاب الحوار فلا يبقى إلا الصراع. لافتا إلى أن بعض النقاد حاول الجزم بأن هذا الزمن زمن الرواية، وأنها قد أزاحت الشعر عن موقعه، وأقول إن الرواية في هذا العصر قد تبوّأت مكانة بارزة، وصار لها حضور ملحوظ، ولكن القول بأنها احتلت موقع الشعر ليس دقيقًا، فلكل جنس من هذه الأجناس الأدبية مجالاته وجمهوره، وله إمكاناته وخصوصياته.
مشاركة :