الحذر من استغلال الشعائر الدينية لشعارات سياسية أو طائفية

  • 9/3/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

أكد الشيخ صلاح الجودر أن للأماكن المقدسة مكانتها وحرمتها وقدسيتها، وأن مكة هي المكان الآمن، فيجب احترام القوانين والأنظمة، والتعاون مع المسؤولين على حملات الحج، ويجب الحذر من الدعوات المغرضة في استغلال الشعائر لشعارات سياسية أو طائفية أو مذهبية. وقال في خطبة الجمعة أمس بجامع الخير بقلالي إن شد الرحال لا تجوز إلا إلى ثلاثة مساجد كما جاء عن رسول الله: (لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ، وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى)، والتذكير بأن الصلاة الواحدة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، كما جاء عن جابر بن عبدالله أن رسول الله قال: (صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ) سنن ابن ماجه. قال تعالى عن البيت العتيق ومكة المكرمة: وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءامِناً وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَـاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱلله غَنِىٌّ عَنِ ٱلْعَـالَمِينَ آل عمران: 97. وأوضح الشيخ الجودر أن مكة المكرمة لها تاريخ طويل وسجل حافل من الأحداث، وقد سردها أهل السير والتاريخ، فللمسلمين وأتباع الأنبياء والمرسلين ارتباط وثيق بها، فهي مأوى الإيمان، ومهوى الإسلام، ومهبط القرآن، ومولد خير الأنام، وآله الأطهار وأصحابه الأخيار، فمن مكة المكرمة انبثق النور والهدى، ووضعت أسس الإيمان والتوحيد، ورفعت فيها رايات الإسلام والسلام، والكعبة المشرفة هي قبلة المسلمين من أتباع إبراهيم والأنبياء جميعًا إلى خاتم المرسلين سيدنا ونبينا محمد. وأشار الجودر إلى ما جاء عن ابن عباس عن الرسول صلى الله عليه وسلم، قال: (جَاءَ إِبْرَاهِيمُ بهاجر وَبِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُرْضِعُهُ، حَتَّى وَضَعَهُمَا عِنْدَ الْبَيْتِ، فَوْقَ زَمْزَمَ وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ، وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ، فَوَضَعَهُمَا هُنَالِكَ، وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ، وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ، ثُمَّ قَفَّى إِبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا راجعاً إلى الشام -حفظها الله وأهلها- فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَتْ: يَا إِبْرَاهِيمُ أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الْوَادِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ؟!!، قَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا، وَجَعَلَ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ لَهُ: آللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَتْ: إِذَنْ لَا يُضَيِّعُنَا، ثُمَّ رَجَعَتْ، فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لَا يَرَوْنَهُ، اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْبَيْتَ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ ودَعَا، وَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إِسْمَاعِيلَ، وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ، حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ وَعَطِشَ ابْنُهَا، وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى من شدة العطش - فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَوَجَدَتِ جبل الصَّفَا، فَقَامَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الْوَادِيَ -وهو عميق يومها- تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أَحَدًا، فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَهَبَطَتْ مِنَ الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْوَادِيَ، ثُمَّ سَعَتْ حَتَّى أَتَتِ الْمَرْوَةَ، فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أَحَدًا، فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قال النبي: (فَذَلِكَ سَعْيُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا)، فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا فَإِذَا هِيَ بِالْمَلَكِ -جبريل عليه السلام- عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ، فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ حَتَّى ظَهَرَ الْمَاءُ، فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:قَالَ النَّبِيُّ:(يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ الْمَاءِ لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا) البخاري. ثم فَشَرِبَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا، حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ مِنْ جُرْهُمَ من اليمن-حفظ الله اليمن وأهلها- فَنَزَلُوا فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ بعد أن أستأذنوا أم إسماعيل بأن يكونوا في جوارها، فشَبَّ إسماعيل بينهم وَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ، وتزوج امرأة من جرهم. ولما بلغ إبراهيم المائة وإسماعيل الثلاثين جاء إبراهيم إلى أبنه قائلاً: يَا إِسْمَاعِيلُ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ، قَالَ: فَاصْنَعْ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ، قَالَ: وَتُعِينُنِي؟!! قَالَ: وَأُعِينُكَ، قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ هَا هُنَا بَيْتًا، وَأَشَارَ إِلَى أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا، قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَا الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ، فَجَعَلَ إِسْمَاعِيلُ يَأْتِي بِالْحِجَارَةِ وَإِبْرَاهِيمُ يَبْنِي حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ، جَاءَ بحَجَرِ فَوَضَعَهُ لَهُ، فَقَامَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَبْنِي، وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ وَهُمَا يَقُولَانِ: رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ البقرة: 127. ولما أنهى إبراهيم البناء وجد حجرًا ليس من جنس حجارة الكعبة فوضعه في جسم الكعبة، وذلك هو الحجر الأسود، فلما فرغ أذن - بأمر الله - في الناس بالحج، فقال: يا أيها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق، فسمعه من بين السماء والأرض، فقالوا لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إنها رسالة التوحيد الخالص لله تعالى.

مشاركة :