قال مسؤولون فلسطينيون لـ»الحياة» إن مشاريع التوسع الاستيطاني الإسرائيلية الأخيرة في الأراضي الفلسطينية قلصت فرص لقاء الرئيس محمود عباس مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في موسكو. وكان الرئيس عباس تلقى الأسبوع الماضي دعوة من الرئيس فلاديمير بوتين للقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي في موسكو في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل. ورد الرئيس الفلسطيني بشكر بوتين على الدعوة، لكنه طلب تحديد جدول أعمال للقاء والنتائج المتوقعة منه. وقال المسؤولون إن عباس أبلغ الجانب الروسي إنه يتوقع من روسيا العمل على حمل رئيس الوزراء الإسرائيلي على وقف الاستيطان في أراضي دولة فلسطين المحتلة، المعترف بها من جانب الأمم المتحدة على حدود عام 1967، وإطلاق سراح الدفعة الأخيرة من أسرى ما قبل اتفاق أوسلو. وقال عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» الدكتور محمد أشتية لـ»الحياة» إن النتائج المتوقعة من اللقاء أمر مهم وحاسم لجهة عقده من عدمه، كما أن المناخ أيضاً مهم. وأضاف: «لا يمكن أي فلسطيني أن يلتقي نتانياهو في ظل مشاريع التوسع الاستيطاني التي لا تتوقف». وأعلنت إسرائيل في الشهر الأخير عن خطط لإقامة أكثر من ألف وحدة استيطانية جديدة. كما أعلنت عن مشاريع توسع استيطاني تقوم على استكمال تحويل المدن الرئيسة إلى كانتونات معزلة، من بينها مشروع لإقامة بناء استيطاني في المنطقة الواقعة بين مستوطنة «أفرات» ومزرعة «تل عيتم» بهدف ربطهما مع بعضهما البعض وتحويلهما إلى تجمع استيطاني واحد. وسيؤدي المشروع الجديد إلى فصل مدينة بيت لحم كلياً عن مدينة القدس، وهو ما اعتبرته «حركة سلام الآن» الإسرائيلية «مدمراً» لحل الدولتين. وتقع هاتان المستوطنات ضمن كتلة استيطانية مؤلفة من 14 مستوطنة تسمى «غوش عتصيون» وتحيط مدينة القدس على نحو يفصلها تماماً عن مدينة بيت لحم ويجعل منهما كانتونين منفصلين. وتزامن الكشف عن مشروع التوسع الاستيطاني هذا مع مشروع آخر لفصل مدينة الخليل عن مدينة بيت لحم وتحويل كل منهما إلى «كانتون» منفصل عن الآخر. كما أعلن عن مشروع استيطاني لبناء ما يسمى «مدينة الحدائق» في أراضي بيت لحم يضم حوالى عشرة آلاف وحدة سكنية تقام على 11 ألف دونم. ويمتد المشروع من الخط الأخضر غرباً وحتى البحر الميت في أقصى الشرق. وترافق هذا المشروع مع مشروع آخر لإنشاء سكة حديد تمر من اسفل مدينة بيت لحم، وتصل المستوطنات مع مدينة القدس. وشرعت السلطات الإسرائيلية منذ عامين في تنفيذ مشروع لبناء 4000 وحدة سكنية على أراضي بيت جالا لتوسيع مستوطنة «غفعات همتوس» التي تضم 2600 وحدة وسكنية. وصادرت أيضاً 52 دونماً من أراضي جبل كريمزان لإقامة مقطع من الجدار الفاصل يمر من وسطه ويعزل خلفه مئات الدونمات من الأراضي المزروعة بالكروم. ويربط الحي الاستيطاني الجديد بين مستوطنتين ويحيلهما إلى جسم استيطاني واحد يغلق مساحة واسعة بين القدس وبيت لحم. وكانت إسرائيل أعلنت العام الأخير عن سلسلة مشاريع توسع استيطاني في المستوطنات المحيطة بالقدس. وبينت دائرة شؤون المفاوضات في تقرير لها أن 80 في المئة من مشاريع التوسع الاستيطاني هذه تقع في مستوطنات مقامة على أراضي مدينة بيت لحم والبلدات المجاورة لها، مثل بيت جالا وبيت ساحور. ورفض الفلسطينيون مساع أميركية لاعادة المفاوضات المباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في ظل استمرار الاستيطان. وقال مسؤولون فلسطينيون إن رئيس الوزراء الإسرائيلي لجأ إلى روسيا لاعادة إحياء المفاوضات الثانية الفلسطينية - الإسرائيلية بهدف تقويض المبادرة الفرنسية التي تقوم على مؤتمر دولي للسلام في باريس في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل. وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الدكتور أحمد مجدلاني لـ»الحياة»: «لا يمكن نتانياهو أن يقاطع المؤتمر الدولي الذي دعت إليه فرنسا لأنه يعرف أن مقاطعته ستغضب فرنسا وستدفعها مع دول أوروبية عدة للاعتراف بدولة فلسطين، لذلك يحاول تقويض المبادرة الفرنسية عبر إعادة إحياء المفاوضات الثنائية». وأضاف: «لجأ نتانياهو إلى الرئيس الروسي الذي يعتبره الفلسطينيون حليفاً مهماً، لكننا أبلغنا أصدقاءنا الروس مرامي نتانياهو، وطلبنا منهم العمل على حمله على الاستجابة للقرارات الدولية ومنها قرارات اللجنة الرباعية بوقف الاستيطان باعتبارها متطلبات دولية لإنجاح المفاوضات».
مشاركة :