نوح سميث قليل جداً من المرشحين الرئاسيين يقومون بتفصيل دقيق لبرامجهم الاقتصادية كما فعلت هيلاري كلينتون، إلا أن هنالك بعض الغموض الذي يكتنف أجندة مرشحة الحزب الديمقراطي إذا ما فازت في السباق الرئاسي. ويأتي هذا الغموض مرتبطاً بشخصية معينة وهي هيثر بوشي التي تعتبر الخبير الاقتصادي الأول للحملة. وتعمل بوشي حالياً كمدير تنفيذي وخبير اقتصادي في مركز واشنطن للتنمية، علاوة على أنها ألفت كتاباً أثار الكثير من الجدل في أوساط الخبراء والمحللين الاقتصاديين، حيث تشير في كتابها إلى أن المؤسسات الأمريكية لا تدعم مسألة التوازن المثالي بين العمل والوقت المخصص للأسرة، وهو الأمر الذي يلقي الكثير من الضغوطات على النساء العاملات في الولايات المتحدة. حيث إنه يترتب على الحكومة الأمريكية العمل على إيجاد حلول مستدامة للقضية، بما في ذلك الإجازات المرضية وإجازة الأمهات والمعونات التي يحظى بها الأطفال والعناية بالمسنين. وأعتقد أن هذا الكتاب مفيد وممتع، بيد أنه وبالتجربة التي قمت بها فإن بوشي لديها إيمان عميق بالحلول المركزية والإلزامية التطبيق، وأنه من الرائع على سبيل المثال أن تقدم شركات التأمين الخاصة كامل الوصفات الطبية سابقة بوقت طويل مراكز الرعاية الصحية، وأن العديد من مديري الأعمال قدموا فوائد كبيرة للجنسين قبل أن تقوم حتى الحكومة الفيدرالية بذلك، وعند الحديث عن الابتكار، بما في ذلك فوائده، فإن الحكومة الاتحادية في الأغلب يُنظر إليها على أنها متقاعسة في هذه المسألة، وذلك نتيجة للطبيعة البيروقراطية والصبغات السياسية والموازين التي تسيطر على معظم التشريعات. لذلك فإنني متردد في إعطاء الحكومة دوراً أكبر في إدارة أساليب حياة العائلات الأمريكية. تصور بوشي سياساتها وكأنها تسهم في تعزيز حرية الاختيار أكثر من تقييدها. وكذلك فإنها أثارت الجدل بقولها، إن التجارب الحديثة تظهر بأن دفع الإجازات المرضية إلزامياً لا يؤدي إلى إلحاق الضرر بالأعمال، إلا أن هناك حقيقة دلائل تثبت عكس ذلك، حيث إن ما يمكن تطبيقه في ولاية كاليفورنيا يختلف عن ذلك في ميسيسيبي، وعلى الأرجح هنالك فرق كبير بين التأثيرات قصيرة الأمد وطويلة الأمد. فعلى سبيل المثال يقدر مديرو الأعمال العاملين لديهم ويترددون كثيراً في مسألة تسريحهم من العمل عندما ترتفع تكاليف الشركات من حيث النفقات وتكاليف التشغيل. ومع مرور الوقت وبينما يتم استبدال جيل العمل القائم لعدة سنوات، تمثل مسألة الفوائد الإلزامية تكلفة إضافية حقيقية بالنسبة لمسؤولي الشركات، مما يدفعهم إلى التعامل مع هذه الحالات، من خلال خفض الرواتب وإلغاء فوائد وظيفية أخرى لموظفين آخرين، أو التخلي عن الخطط والبرامج الجديدة .. ويبدو أن مستقبل الإجازات المرضية وإجازات الأمومة في الولايات المتحدة سيكون أفضل للنساء العاملات، مع خيارات محدودة من الأعمال ذات الأجر المنخفض بالنسبة لهن، فهل ذلك أفضل؟ وهل يمكننا أن نثق بالآلية التشريعية للحكومة لاتخاذ ذلك القرار على مدى سنوات من التحول الاقتصادي والاجتماعي؟ مع الأخذ في الاعتبار أن هناك آلية بديلة تبدو أكثر مرونة مع كل عيوبها ونواقصها: دعوا الشركات والعاملين يقررون بأنفسهم آلية المنافع التي تتضمن الإجازات وغيرها.
مشاركة :