بدأ المواطن النازح من مدينة القيارة (جنوب الموصل) عمر فرحان حزم أمتعته من الصباح الباكر في مخيم ديبكة، الذي وصله منذ نحو شهر منتظرا مجيء السيارة التي ستنقله مع عشرات العوائل الأخرى التي اختارت العودة إلى مناطقها المحررة جنوب الموصل، بعد انتهاء القوات الأمنية العراقية من تأمين وتطهير هذه المناطق. قال عمر لـ«الشرق الأوسط» «أنا عائد إلى القيارة التي تركتها قبل أكثر من شهر هربا من مسلحي (داعش)، الأوضاع في المخيم صعبة جدا، وأعداد النازحين كبيرة جدا، والمساعدات الإنسانية قليلة مقارنة بهذا العدد، والآن بعد أن حررت القوات الأمنية القيارة وأمنتها، قررت العودة إلى عائلتي التي بقيت هناك ولم تهرب معي». وتمكن الجيش العراقي والقوات الأمنية الأخرى وبإسناد من طيران التحالف الدولي في 25 أغسطس (آب) الماضي، وبعد نحو خمسة أيام من المعارك الضارية من تحرير مركز ناحية القيارة الاستراتيجي جنوب الموصل المأهولة بنحو 20 ألف شخص كانوا محاصرين بين العبوات الناسفة والألغام التي زرعها مسلحو التنظيم قبل هربهم من المدينة باتجاه ناحيتي الشورى وحمام العليل (شرق الموصل)؛ لذا باشرت فرق الهندسة العسكرية فورا بإبطال مفعول المتفجرات، ورفع الأنقاض من شوارعها؛ استعدادا لعودة من نزح منها هربا من التنظيم. عملية عودة النازحين من مخيم ديبكة (جنوب شرقي أربيل ويحتضن نحو 34 ألف نازح) إلى بعض المناطق المحررة بدأت قبل نحو أسبوعين، حيث عادت المئات من العوائل إلى مناطق في محافظة كركوك وناحية العلم في محافظة صلاح الدين، وإلى قرى الحاج علي جنوب الموصل، وبحسب إدارة المخيم فإن نحو 1500 - 2000 شخص عادوا إلى المناطق المحررة من نازحي المخيم، وغالبيتهم كانوا من سكان قرى الحاج علي وناحية القيارة. من جهته، قال مدير فرع مؤسسة بارزاني الخيرية في مخيم ديبكة، رزكار عبيد «عاد أكثر 900 شخص إلى ناحية القيارة، من ضمنهم أكثر من تسعين عائلة، بعد حصولهم على الموافقات الأمنية المطلوبة من قوات الآسايش (الأمن الكردي) في أربيل، ومحور قوات البيشمركة، والجيش العراقي»، مضيفا: «نرى أن عملية عودة النازحين إلى مناطقهم المحرر خطوة جيدة، ونحن في إدارة المخيم نحث الأهالي على العودة إلى مناطقهم، لكن بشرط أن تكون هذه المناطق مؤمنة تماما». وتابع عبيد «العوائل العائدة، اختارت العودة إلى مناطقها بإرادتها دون أن تتعرض لأي ضغط». وعما إذا كانت عملية عودة النازحين ستستمر أم لا، بيّن عبيد «هذه العملية مستمرة وستستمر مستقبلا، نتلقى التبليغات اللازمة بهذه العملية يوميا من القوات الأمنية، بعد أن نسلمهم قوائم بأسماء العوائل التي تنوي العودة إلى مناطقها، وبعد التأكد من أن هذه المناطق مؤمنة بالكامل، وبعد موافقة الجيش العراقي الذي يؤكد عدم وجود خطر على حياة العائدين وأن باستطاعته توفير الأمن والحماية لهذه المناطق، حينها نعد القوائم بالتنسيق والتعاون مع قوات الآسايش ونبلغ وزارة الهجرة والمهجرين في الحكومة العراقية بذلك؛ لأنها هي التي توفر السيارات لنقل النازحين إلى مناطقهم». النازحون الآخرون في مخيم ديبكة طالبوا الجهات الأمنية بتأمين مناطقهم المحررة أيضا ليعودوا إليها كما عاد أقرانهم خلال الأيام الماضية. وقال النازح عبد القادر عبد الغفور «أنا من قرية الإمام غربي (جنوب الموصل) أود العودة إلى قريتنا التي حُررت من مسلحي تنظيم داعش؛ فالعيش في المخيم أهلكنا، منذ شهرين ونحن لا نعلم ماذا حل بقريتنا. تنظيم داعش سرق مواشينا وكل ممتلكاتنا وباعها في الشرقاط. نريد العودة لنعمر قرانا ونحميها بأنفسنا من الإرهابيين».
مشاركة :