كثفت باريس اتصالاتها أمس، لتدارك التدهور المستمر في أوضاع جمهورية أفريقيا الوسطى الذي شكل محور محادثات أجراها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند مع نظيره التشادي إدريس ديبي في قصر الإليزيه. جاء ذلك بعد زيارة وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان عاصمة أفريقيا الوسطى بانغي للوقوف على كيفية التعامل مع الأعمال الانتقامية الدامية التي تنفذها ميليشيات «أنتي بالاكا» (ضد السواطير) المسيحية المناهضة للمسلمين. وعثر أمس على 13 جثة لم يعرف أصحابها في خزان فارغ بمعسكر في بانغي احتشد فيه مقاتلون ينتمون إلى حركة «سيليكا» المسلمة السابقة. وسبق اللقاء بين هولاند وديبي انعقاد مجلس وزاري فرنسي مصغر جمع هولاند مع الوزراء المعنيين بالوضع في أفريقيا الوسطى قرر إرسال 400 جندي إضافي، واتصال بينه وبين الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. وأشاد بيان أصدرته الرئاسة الفرنسية «بإرادة هولاند الانخراط شخصياً في تعبئة الأسرة الدولية لدعم أفريقيا الوسطى». وأوضح البيان أن «الأهم بالنسبة إلى باريس هو تسريع الإعداد لعملية حفظ سلام بعد مرور نحو شهرين على بدء عملية سنغاريس العسكرية الفرنسية لوقف أعمال القتل ارتكبتها ميليشيات سيليكا المسلمة بحق المسيحيين في أفريقيا الوسطى». ونفذت العملية بمشاركة 1600 جندي فرنسي ما زالوا موجودين على الأرض، ثم انضم اليهم 5400 جندي من القوة الأفريقية لحفظ السلام. لكن هذه القوات لا تكفي لوقف الأعمال الانتقامية التي تستهدف المسلمين، الذين يشكلون نحو 17 في المئة من السكان الذين يناهز عددهم 5 ملايين، ما يضطرهم إلى النزوح عن مناطقهم غرب البلاد، في عملية وصفها مسؤول الهيئة العليا للاجئين انطونيو غوتيريز بأنها «تطهير عرقي - ديني». وتسعى باريس، التي تحملت بمفردها تبعات التدخل العسكري في وسط افريقيا ونفقاته، إلى حض الدول الأفريقية والأوروبية على تكثيف انخراطها في الأزمة، وصولاً إلى تطبيق كامل لقرار الأمم المتحدة الذي شكل أساساً للتدخل. وإضافة إلى حفظ السلام، ينص القرار على إعادة إرساء سلطة الدولة بقيادة الرئيسة الموقتة كاترين سامبا بنزا، ومساعدة الحكومة في تنظيم انتخابات عامة. لكن الأولوية الآن هي لإرساء الأمن، وهو ما أوحى به قول لودريان خلال زيارته بانغي: «لن نتغاضى عن أعمال الخارجين على القانون، وسنطبق قرار الأمم المتحدة بالقوة إذا اقتضى الأمر». ويرجح أن تتركز المساعي على تفعيل القوة الأفريقية بالتعاون مع تشاد التي تشكل قواتها النواة الأساسية لهذه القوة، ودفع أوروبا إلى الإسراع في تنفيذ قرارها إرسال وحدة أوروبية تضم 500 فرد للمساهمة في إرساء الأمن والاستقرار. في بروكسيل، أعلن القائد الفرنسي للقوة العسكرية التي يعتزم الاتحاد الأوروبي إرسالها إلى جمهورية أفريقيا الوسطى التي مزقها العنف، الميجر جنرال فيليب بونتي، أن هذه القوة ستركز جهدها على الإسراع في إيجاد ملاذ آمن بجزء من بانغي. وقال بونتي: «سيكون أمام القوة الأوروبية المؤلفة من 500 فرد، ستة أشهر من الوقت الذي تصبح فيه جاهزة تماماً للمساعدة في تحسين الأمن، لذا «يجب أن تحقق نتائج ملموسة بسرعة، بهدف إقامة ملاذ آمن في منطقة عملياتنا يشعر فيه الناس بالأمن». إلى ذلك، أبدت منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (يونيسف) شعورها «بالصدمة لوحشية عمليات قتل أطفال وتشويههم في أفريقيا الوسطى»، منددة بـ «إفلات منفذيها من العقاب». وقال المدير الإقليمي لليونيسف لغرب ووسط أفريقيا مانويل فونتين: «الأطفال هم الأكثر استهدافاً بسبب ديانتهم. ونعتبر أن لا مستقبل لدولة يستهدف راشدون فيها أطفالاً أبرياء بوحشية وبلا عقاب». وزاد فونتين: «قُتل ما لا يقل عن 133 طفلاً وقُطعت أعضاؤهم بطريقة وحشية جداً، بينما لم تتوقف أعمال العنف الإثنية منذ شهرين».
مشاركة :