قبل عام ونصف العام طرق الخوف قلب ياسين الشمري من مستنقع مجاور لمنزله في ضاحية الملك فهد بالدمام، فأرسل رسالة "واتساب" إلى أمانة الشرقية يشكو فيها تجمع المياه التي تشكل خطورة على أبناء الحي، لكنه لم يجد إجابة، حتى جاءته مصيبة فقد أحد أبنائه، حينما كان يلهو بجانب المنزل ويلاحق كرته التي استقرت وسط المستنقع، فغامر الطفل ببراءة بالدخول إلى المياه، فغاصت قدماه في الوحل ليطفو بعدها على سطح المياه جثة هامدة. وكالعادة لا تزال الجهات المعنية ترمي الكرة في ملعب بعضها البعض حول من يتحمل مسؤولية ما يحدث من إهمال في ضاحية الملك فهد، حتى سجل الطفل عبدالعزيز الشمري "4 أعوام"، اسمه ضمن قائمة المتوفين غرقا، بالرغم من التحذيرات ومطالبة أهالي الحي ذاته الجهات المعنية بردم المستنقعات. خطط لم تنفذ تحدث والد الطفل الغريق ياسين الشمري لـ"الوطن" بصوت خيم عليه الحزن قائلا إن ابنه وقع في المستنقع عصر أول من أمس، موضحا أنه بادر بردم هذا المستنقع تحديدا لثلاثة أعوام متتالية، وهو عبارة عن أرض مجاورة لمنزله تبلغ مساحتها 500 متر. وأضاف: كلما تمت عملية الردم يعود المستنقع مع موسم الأمطار كل عام. وأكد الشمري قيامه بتقديم بلاغ إلى أمانة المنطقة الشرقية قبل عام ونصف العام من خلال رسالة "واتساب"، وتم الرد عليه بأن هناك خططا مجدولة لردم المستنقعات في المخطط. وأضاف "اليوم فقدت ابني، ولا أعلم من أقاضي في سبب وفاته". وأردف "أطالب المسؤولين بالتدخل في هذا الأمر وإنصافي". حالتا غرق لم يكن الطفل عبدالعزيز الشمري هو الوحيد الذي توفي جراء المستنقعات التي تحيط بأرجاء المخطط الذي يعتبر أكبر المخططات السكنية بالمنطقة الشرقية، ففي العام الماضي توفيت الطفلة فاطمة ذات الأعوام الخمسة بعد سقوطها في مستنقع مائي بجوار منزل أسرتها الكائن في الحي نفسه. وأعاد أهالي مخطط الضاحية رفع مطالبهم بضرورة إيجاد حل لمشكلة المستنقعات، مؤكدين أن وجودها يشكل خطرا على حياة أطفالهم، مشيرين إلى أن الأمانة لم تقم بردم المستنقعات، على الرغم من تقديم أكثر من شكوى لها. أما وزارة المياه فلم تنشئ مشروع الصرف بالحي على الرغم من اكتمال البناء فيه. الردم حل جزئي أوضح المهندس المعماري عبدالعزيز الشمري لـ"الوطن" أن الحل الوحيد للمستنقعات، والذي يعالج بعض الإشكالات بمخطط الضاحية هو عملية الردم، مؤكدا أنها أسهل الطرق للحل الجزئي، وهو ما تنفذه جميع الأمانات والبلديات في جميع مدن المملكة، خصوصا بعد هطول الأمطار. وذكر أن الحل النهائي الذي يبعد طفح المياه، يتمثل في إنشاء شبكة صرف صحي متكاملة وبجودة عالية، موضحا أن المخطط كبير وبه عشرة أحياء، ولا بد من التدرج في هذه الأحياء، ووضع الخطة المناسبة من قبل وزارة المياه لتنفيذ المشروع، علما بأن مياه الأمطار لها دور كبير في المستنقعات الحالية. وأضاف الشمري أن تربة البناء في المخطط بحاجة إلى الفحص، وأن الأمانة وضعت شرطا بعدم الفسح للبناء إلا إذا كانت التربة صالحة. التنصل من المسؤولية تواصلت "الوطن" مع المتحدث الرسمي لأمانة المنطقة الشرقية محمد الصفيان فذكر أن سبب ارتفاع منسوب المياه يعود إلى عدم وجود شبكة صرف صحي، موضحا أنها تتبع مديرية المياه. وأشار إلى أن الأمانة تقوم بجدول متكامل من رش للمستنقعات وردمها، وهذا ليس حلًّا جذريا لمشكلة المستنقعات، لافتا إلى أنه لا بد من وجود شبكة صرف صحي. بدوره، ذكر المتحدث الرسمي لمديرية المياه بالمنطقة الشرقية فهد الحميدي العنزي لـ"الوطن" أن مسؤولية المستنقعات والتعامل معها في المخطط المذكور تقع ضمن اختصاصات الأمانات والبلديات وليست المديرية، موضحا أن المديرية تأخذ على عاتقها سحب مياه الصرف الصحي (البيارات) الخاصة بالمباني السكنية عن طريق المتعهد المختص لديها. وأكد أنه تم تخفيض ميزانية المشاريع للعام الحالي 2016، والذي شمل جميع قطاعات الدولة، والذي كان له الأثر في عدم تخصيص مشاريع بقيمة 500 مليون ريال للمياه بالمنطقة الشرقية، بما فيها مشاريع للصرف الصحي لمخططات غرب الدمام، وتم تأجيلها لاحقا حسب الاعتمادات المالية التي قد تعتمد في الميزانيات القادمة، إلا أن مبادرة لوزارة البيئة والمياه والزراعة قدمت إلى مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية طلبا لتخصيص مبلغ 380 مليون ريال لمشروع إنشاء محطة معالجة للصرف الصحي وبعض الخطوط الرئيسية والفرعية في مخططات غرب الدمام كمرحلة أولى، وكذلك طلب اعتمادات أخرى بقيمة 250 مليون ريال كمرحلة ثانية لاستكمال شبكات وخطوط الصرف الصحي في المخططات ذاتها، وهاتان المرحلتان هما جزء من مشروع أكبر يستهدف منطقة غرب الدمام لمشاريع شبكات المياه والصرف الصحي ومتطلباتها.
مشاركة :