يبدو أنّ معاناة شباب وطننا ذكوراً وإناثاً مع (الـتّـعْـلِـيْـم) مستمرة؛ فقبل دَمْج وزارتي (التربية والتعليم، والتعليم العالي) كان الحديث عن أزمة ثِقَة بينهما؛ فـ (التعليم العالي) لا تثق بمخرجات الثانوية العامة؛ ولذا تُخْضِعُ طلابها وطالباتها لاختبارات (قِـيَـاس، وتحصيلي قبل إلحاقهم بجامعاتها). وفي الوقت نفسه بَــدَت (التربية) غير مقتنعة بخريجي الجامعات؛ ولذا قبل تعيينهم على وظائف التدريس تُلزمهم بـ (اختبار كِـفَـايَـات)!. ثُـمّ بعد أن أصبحت التربية والتعليم العالي تحت مظلة ومرجعية واحدة هي (وزارة التعليم)، قُـلْـنَـا: يا بَـرَكَـاتِ الله؛ انتهت الأزمة، وزالت الـغُـمّــة؛ ولكن الـصّـدمَــة حضرت لِـتَـفْــتَــح ملَـفّـاَ نازفاً جديداً، وأزمة أخرى قَـذفَــت بطائفة من أبنائنا في عمق المأساة، ودوامة البطالَــة. فَمَن كانوا يحلمون (بالتدريس وهذا حَـقّـهــم)، أو مَـن كانت تخصصاتهم التي تخرجوا فيها مجالها العَـمَـلِي المُمْكِن والمتاح هو الالتحاق بمهنة الـتّـعْـلِـيْـم، يشترط لوصولهم لتلك المحطّـة الحصول على (دبلوم تربوي)؛ لكن المفاجأة المؤلمة أن جامعات محدودة فقط فتحت أبوابها لِتَـقْـدِيمه؛ ولأعداد محدودة، الأولوية فيها لخريجيها؛ (مع أنه مدفوع الـثّـمَــن)؛ وبالتالي فــقَــد أصبح الذين تخرجوا من جامعات أخرى ينشدون الوصول إليه هنا وهناك، وهم يُـردّدون: (دِبْــلُـوم تَـرْبَـوِي يامُـحْـسِـنِـيْــن)! فمثلاً هؤلاء (خريجو الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة) قد رفعوا أصواتهم مطالبين بحقهم في دراسته داخل جامعتهم؛ ولاسيما و(التربية) قسم كبير وعَـريقٌ فيها يَـضُـمّ نخبة من المتخصصين، كما أنه منذ سنوات طويلة يقدم شهادات الماجستير والدكتوراه، أيضاً ذلك القسم سبق أن نفّـذ الدبلوم بمناهج ومفردات معادلة مِن (التربية والخدمة المدنية). أخيراً ،معاناة الراغبين في دبلوم التربية لا تقتصر على خريجي الجامعة الإسلامية فلهم زملاء في جامعات أخرى؛ وقـرار وزارة التعليم بحصر تقديمه على الجامعات التي فيها كليات تربويّـة تظلّ معه أزمة فئة من الخريجين قائمة، وسفرهم للحصول عليه بعيداً عن مدنهم يعرضهم لمخاطر السفر، ويزيد من أعبائهم الماديّة، وهم مساكين طُـفَـارَى وأسَــارى للبطالة! فهذا نداء لـيكون (الدبلوم التربوي) في كلِّ جامعة، أما التي ليس فيها أقسام تربويّـة؛ فيمكن أن تتعاون في إطلاقه مع الجامعات المؤهلة؛ على أن تكون دراسته مجانية؛ فَـفَـتح أبواب العَـمَـل والـرزق لشبابنا أولوية تسعى لها الـدّولَـة. aaljamili@yahoo.com
مشاركة :