بغداد: «الشرق الأوسط» باستثناء كتلة التحالف الكردستاني بالإضافة إلى ائتلاف «متحدون للإصلاح» بزعامة رئيس البرلمان أسامة النجيفي، فإن التحالف الوطني (الكتلة الشيعية الأكبر في البرلمان) يبدو الآن في أكثر حالاته حرجا عقب تصويت معظم أعضاء كتله على الفقرة 38 من قانون التقاعد الموحد الخاصة بامتيازات كبار المسؤولين (الرئاسات الثلاث والوزراء والنواب وذوي الدرجات الخاصة). وفي وقت هدد فيه زعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم بفصل أي نائب ينتمي إلى كتلة «المواطن» البرلمانية التابعة له يثبت تصويته بـ«نعم»، فإن كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري صوت كثير من أعضائها لصالح تلك الفقرة بحسب رئيسها بهاء الأعرجي، بينما تسعى كتلة «دولة القانون» التي يتزعمها رئيس الوزراء نوري المالكي إلى جمع تواقيع جديدة من أعضاء البرلمان بهدف إعادة التصويت على فقرة الامتيازات بهدف إسقاطها من القانون. وكان مقرر البرلمان العراقي محمد الخالدي نفى في بيان له أمس الجمعة أن «يكون رئيس البرلمان أسامة النجيفي قد أعطى رؤساء الكتل البرلمانية القرص المدمج الخاص بالتصويت على قانون التقاعد» مشيرا إلى أن «ما تم تسريبه من أنباء بشأن تصويت هذا النائب أو ذاك لا تتحمل مسؤوليتها رئاسة البرلمان». وكان النائبان حيدر الملان، الذي ينتمي إلى كتلة «متحدون» والأعرجي قد نشرا الأسماء التي قالت «نعم» للفقرة 38 وكان في مقدمة الرافضين لها رئيس البرلمان أسامة النجيفي ونائبه الأول قصي السهيل، الذي ينتمي إلى التيار الصدري، بينما كان من أبرز المصوتين بـ«نعم» نائب رئيس كتلة «المواطن»، التابعة للمجلس الأعلى الإسلامي عبد الحسين عبطان، استنادا إلى الأسماء التي نشرها الأعرجي. من جهتها اعتبرت كتلة «التحالف الكردستاني» أن «المزايدات التي حاول كثير من النواب ممن يريدون التقرب إلى بعض الجهات الدينية إثارتها قد وقعوا فيها هم بعد أن تبين إنهم يقولون شيئا ويفعلون شيئا آخر». وقال عضو البرلمان العراقي عن كتلة التحالف الكردستاني شريف سليمان علي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «القضية برمتها كانت مفتعلة إلى حد كبير، حيث إن البعض حاول الخلط بين التقاعد الذي هو حق طبيعي لكل من قدم خدمة أيا كانت وظيفته وبين الامتيازات التي يمكن معالجتها دون ضجة». وأضاف أن «المفارقة هي أن الدولة لا تساهم في صندوق التقاعد، حيث يتم استقطاع نسبة معينة من راتب كل موظف ولكن هناك من أراد المزايدة بسبب التنافس الانتخابي». وأشار علي إلى أن «نواب التحالف الكردستاني صوتوا بنعم على الفقرة لأننا لسنا بحاجة إلى أن نجامل أحدا غير أن من يقول شيئا ويفعل أمرا آخر هو الذي بدأ يشعر بالحرج الآن، لأن رأسمال وجوده يعتمد على تأييد جهات ومرجعيات لا يمكنهم الوصول إلى البرلمان دون دعمها». بعض الكتل والنواب ممن أكد الأعرجي والملا أنهم صوتوا بـ«نعم» أعلنوا عزمهم على مقاضاتهم بتهم القذف والتشهير وفي المقدمة من هذه الكتل «البيضاء» و«العراقية الحرة» المنشقتان عن القائمة العراقية التي يتزعمها إياد علاوي. «الكتلة البيضاء»، التي يتزعمها جمال البطيخ أكدت في بيان لها أن «ادعاء النائب بهاء الأعرجي بأن أعضاء الكتلة البيضاء قد صوتوا على قانون التقاعد هو اتهام عار عن الصحة وكذب مفضوح ورخيص ويدخل من باب التسقيط والتشهير للتغطية على الفشل الذي رافق مسيرة الأعرجي طيلة وجوده في البرلمان». أما النائبة عن «العراقية الحرة» عالية نصيف فقد اعتذرت عن تصويتها بـ«نعم»، في وقت هاجمت فيه حيدر الملا هجوما عنيفا. من جانبه أكد مقرب من الحوزة العلمية في النجف انزعاج المرجعية الدينية لـ«مستوى الخديعة الذي مارسه النواب الذين ما كان لهم أن يصلوا إلى البرلمان لولا تأييد المرجعية لهم». وكشف الأستاذ في الحوزة العلمية في النجف حيدر الغرابي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك مشروعا حوزويا تتبناه المرجعية وتمت مناقشته مع طلبة الحوزة بدعم أشخاص مشهود لهم بالنزاهة والكفاءة وأن يكونوا تحت وصاية المرجعية من أجل أن ينتخبهم الجمهور بعد أن ثبت أن أعضاء البرلمان العراقي لم يكونوا بمستوى المسؤولية التي أنيطت بهم». وأضاف الغرابي أن «المرجعية تشعر بالانزعاج وخيبة الأمل مما يجري الآن في البلد وبالتالي فإنها تريد للناس أن يتوجهوا لصناديق الاقتراع وبكثافة من أجل انتخاب غير هؤلاء جملة وتفصيلا، حيث إن الاحتجاج عليهم لا يكفي، كما أن الجلوس في البيوت يعطيهم الفرصة للعودة ثانية، كما يعطي زعمائهم الذين هم رؤوس الفساد والبلاء الفرصة لكي يأتوا بأناس من المقربين لهم أكثر وأكثر». وأوضح الغرابي أن «المرجعية تشعر أنها حيال مسؤولية كبرى لأنها لا تريد أن تفشل ويفشل مشروعها حين يتصدى للمسؤولية الفاسدون وأضرابهم إلى السلطة ثانية».
مشاركة :