حول «أفكار كيري» - هاني سالم مسهور

  • 9/5/2016
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

استخدم وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لفظ «مقاربة» لتلخيص الأفكار المقدَّمة للوصول إلى حل للأزمة السياسية في اليمن. هذا اللفظ المستخدم يمكن فعليًّا البناء عليه نظريًّا في ظل واقع يقول إن أطراف النزاع اليمنية لا تزال تمارس سياسة الاستعصاء التي لطالما مارسها اليمنيون في تاريخهم السياسي. وبموجب هذه الممارسة التي تحاول دائمًا «كسر العظم» يخسر اليمن بفعل الحروب المستدامة؛ لذلك تأتي المقاربة في محاولة للوصول إلى نقطة اقتراب، تنهي الاحتراب اليمني. ولكن من المهم، وقبل قراءة «أفكار كيري»، أن نفهم المضمون الأساس في هذا المعترك؛ فأطراف النزاع اليمني تعيش صراعًا داخليًّا ممتدًا تاريخيًّا، حاولت المبادرة الخليجية في 2011م تحويله إلى مسار سياسي، غير أن انقلاب الحوثيين في 21 سبتمبر 2014م أفشل العمل السياسي، وأدخل اليمن في استحقاق آخر، تطلَّب معه التدخل العسكري استجابة لطلب الرئيس هادي. «عاصفة الحزم» حققت الأهداف الكاملة بعد تأمين باب المندب في يوليو 2015م، وإعادة الشرعية السياسية إلى المناطق المحررة في اليمن. إذن، السعودية والتحالف العربي ليسا معنيَّيْن بالصراع السياسي الداخلي يمنيًّا، إنما يساهمان بفاعلية باتجاه الحل السياسي للأزمة، والعودة إلى المسار السياسي عبر مرجعية توافقية، هي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية. «أفكار كيري» هي تلخيص لمسار طويل من المشاورات اليمنية التي بدأت في جنيف يونيو 2015م، واستمرت في جولة بييل السويسرية ديسمبر 2015م، وانتهت عند جولتَيْ مشاورات الكويت التي كانت الأطول. ومن الواضح أن الأمريكيين يحاولون اختراق الصندوق من الخارج بهذه المقاربة التي طرحها جون كيري في مدينة جدة. وعلى ذلك لا يمكن اعتبار الأفكار مبادرة؛ فما زال المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ أحمد لم يطلق جولة تحركاته بين أطراف النزاع حتى يمكننا تقييم هذه الأفكار، وقدرتها على تحقيق الاختراق السياسي. من المهم للغاية تقدير الظرف الأهم، وهو إيقاف الاعتداء على حدود المملكة العربية السعودية، والخروج من إطار المحاولة اليائسة التي يحاول فيها الانقلابيون اعتبار السعودية جزءًا من الصراع. هذا المفهوم الذي اختبر طويلاً صَبْرَ السعوديين، وفشلت كل الأطراف المتحاربة في محاولتهم البائسة، هو الذي يجب أن يتوقف؛ فالرياض قدمت عبر مركز الملك سلمان للإغاثة الإنسانية مساعدات وصلت إلى محافظة صعدة لتأكيد أن السعودية تتعامل مع أطراف النزاع سياسيًّا، وتحاول التخفيف من معاناة الشعب اليمني بمساعدة اليمنيين للخروج الآمن من أزمتهم الراهنة.

مشاركة :