ترددت كثيراً كلمتا "القتال" و"الحلم" خلال المقابلة. وذلك ربما لأن ناني يعيش في سنّ الـ29 واحدة من أجمل اللحظات في مسيرته، ولكنه لم ينس كم عانى قبل الوصول إلى ذلك. منذ نعومة أظفاره قرّر بطل أوروبا أن الإستسلام في وجه العقبات لا يدخل في حساباته. وهكذا بدأ يسبح ضد التيار منذ طفولته، أولاً بسبب والديه اللذين تخليا عنه والطفولة الصعبة التي عاشها في حي أمادورا بضواحي لشبونة حيث عادة ما تكون نهاية القصص حزينة كما حدث مع بعضٍ من أصدقائه. وبعدها لتحقيق حلمه بأن يصبح لاعب كرة قدم محترف ثم ليستعيد توازنه بعد خروجه من الباب الخلفي في نادي مانشستر يونايتد حيث حقق أبرز نجاحاته: تُوّج بطلاً لأوروبا مع منتخب البرتغال وانتقل إلى أسبانيا للعب مع نادي فالنسيا. رحلته الشخصية ليصبح ما هو عليه اليوم، والقصة الحقيقية وراء حمله شارة الكابتن في نهائي كأس الأمم الأوروبية 2016 بعد إصابة كريستيانو رونالدو والمرحلة الجديدة التي تتطلع إليها كتيبة داس كيناس مع بداية تصفيات روسيا 2018 هي بعض المواضيع التي يتحدث عنها الجناح البرتغالي الواضح والمباشر كما أسلوب لعبه في هذه المقابلة الحصرية مع موقع FIFA.com. موقع FIFA.com: فزت بالعديد من الألقاب في مسيرتك، بما في ذلك دوري أبطال أوروبا وكأس العالم للأندية FIFA مع مانشستر، ولكن هل كان لقب كأس الأمم الأوروبية هو الأهم؟ ناني: نعم، لقب كأس الأمم الأوروبية هو الأهم وتأثيره لا يُضاهى خصوصاً وأنني حققته مع منتخب بلادي. إنه أمر يحلم جميع اللاعبين بتحقيقه. أنا فخور جداً لتمثيل بلدي ولفوزي بشيء مهم جداً لوطننا. لهذا كانت الفرحة عارمة. ولا شك أن البلاد فخورة بالفريق بأكمله، ونحن أيضاً، لأننا كنا نريد إهداء فرحة لشعبنا وفعلنا كل شيء لتحقيق ذلك. عندما يفوز المرء بشيء مهم جداً، هل يفكر في الطريق الذي قطعه للوصول إلى هدفه؟ لطالما قاتلت بشراسة طوال حياتي. عانيت كثيراً منذ الصغر ولا أزال أقاتل من أجل كل شيء أريد الحفاظ عليه في حياتي. وفي كرة القدم ناضلت كثيراً لتحقيق أهدافي. ودائما ما آمنت بأن ذلك ممكن. اليوم أنا سعيد جداً بكل ما حققته لأنني أنا الوحيد الذي يعرف كل ما عانيته وكم قاتلت للوصول إلى هنا. على سبيل المثال، أريد أن يعرف ابني كيف كانت بداياتي، وأين لعبت...أريد أن يعرف أنه ليس هناك شيء سهل في الحياة، كما قد يبدو له اليوم. أسعى لأن يكون شخصاً جيداً ويتمكن من تحقيق أهدافه في المستقبل. هل تعتقد أن حياتك يمكن أن تكون مثالاً للأطفال الذين يعيشون وضعاً مماثلاً لذلك الذي عشته في طفولتك؟ نعم، أعتقد أن قصتي يمكنها أن تعلّمهم الكثير وتثبت لهم أنه بإمكانهم في يوم من الأيام أن يصلوا إلى ما وصلت إليه، لأنه حتى عندما نعيش لحظات صعبة جداً في الحياة يجب علينا أن نقاتل ونبحث عن السعادة. لا يجب أن نتخلى عن أحلامنا. إذا قاتلنا بشراسة، في النهاية نعيش لحظات جميلة. لا شك أن كرة القدم في حالتي أنقذتني من الوقوع في مشاكل كثيرة في صغري. لن أقول إنني لم أرتكب أبداً أي خطأ. فهذا أمر طبيعي بالنظر إلى أين عشت. ارتكبت بعض الحماقات مع أصدقائي. كانت حماقات الطفولة، ولكنها كانت تُبعدني عن الطريق الصحيح. وعندما حصلت على فرصة لعب كرة القدم تركت كل شيء. فهناك كنت أستمتع وأضع كل تركيزي في كرة القدم...وهكذا تمكنت من الإبتعاد عن أشياء أخرى غير جيدة. في نهائي كأس الأمم الأوروبية، تمكنت البرتغال من تجاوز عقبة فقدان خدمات كريستيانو، ولعبت دور الكابتن والقائد. ماذا دار في رأسك عندما منحك الشارة؟ أتذكر ذلك كلحظة حزينة جداً. إنه قائدنا، وشخص نحترمه كثيراً لأنه قاتل بشراسة من أجلنا. وفي ذلك الوقت عندما رأينا أنه تعرّض لإصابة...شعرت بالضيق عندما تحدث معي وقال لي إنه لا يستطيع أن يواصل. كان لعب المباراة النهائية لحظة خاصة بالنسبة للجميع، وخاصة جداً بالنسبة له، لهذا كان الحزن كبيراً. قلت له إنني لن أخيّب ظنه وسأقدّم كل ما عندي وسنحاول الفوز بالمباراة لأننا نستحق ذلك. لقد كانت لحظة حاسمة غيّرت عقليتنا، لعبنا بأسلوبنا وقاتلنا بشراسة وفي النهاية حقق الفريق الذي عانى كثيراً الفوز. وأهداك كريستيانو الحذاء الفضي الذي فاز به في كأس الأمم الأوروبية... سجّلنا نفس عدد الأهداف في البطولة وشكرته كثيراً على تلك الهدية. لقد كانت لفتة رائعة منه وتأثرت كثيراً لذلك. قال لي أعطيك إياه بسبب سلوكك، وكل الجهود التي بذلتها وكل ما أعطيته للفريق لأنك ساعدتنا كثيراً." ستلتقيان هذا العام في الدوري الأسباني، ولكن هذه المرة كمنافسين. ألقيت نظرة على تاريخ المباراة. سنخوضها قريباً! (يضحك). ولكنني لم أتحدث بعد مع كريستيانو حول هذا الموضوع. ستكون مهمتنا صعبة جداً لأن ريال مدريد فريق قوي جداً ولديه أفضل اللاعبين في العالم... ولكننا نعرف أن هذه المباراة سيشاهدها الجميع، وكلنا نريد أن نلعبها. وصلت للتوّ إلى نادي فالنسيا العريق في كرة القدم الأسبانية. ما هو الدور الذي تتوقع أن تلعبه؟ كنت أريد حقاً اللعب في أسبانيا، وحصلت على الفرصة في أفضل لحظة في حياتي. أعتقد أنني يمكن أن أساعد الفريق بشخصيتي القوية، إذ لا أستسلم بسهولة، والعمل الجاد. أريد أن أساعد كثيراً فريقي الجديد وأقدّم كل شيء من أجله. بدأنا الدوري بهزيمتين، ولكن الطريق لا يزال طويلاً. نحن بحاجة إلى تحسين بعض الأشياء، ولكن لدينا كل المؤهلات للعب بشكل جيد والفوز بالمباريات. لنعد إلى المنتخب، لقد توّجتم أبطالاً للتوّ والآن ينتظركم تحدّ جديد: التأهل إلى نهائيات كأس العالم روسيا 2018 FIFA. هل تعتقد أن المنافسين سينظرون إليكم الآن باحترام أكبر؟ نعم، سيكون أمراً طبيعياً، أليس كذلك؟ (يضحك)، ولكن إذا لم يكن الأمر كذلك، لا يهم كثيراً. الشيء الأهم هو ما سنقدّمه نحن. سيواصل الفريق اللعب بنفس الطموح وسنستمتع بأسلوبنا كالمعتاد. بعد فوزنا باللقب الأوروبي أصبحت معنوياتنا مرتفعة جداً ولدينا ثقة كبيرة بأنفسنا. ستكون المباراة الأولى في سويسرا، ومرة أخرى بدون كريستيانو، ولكن الفريق أظهر أنه بإمكانه الفوز في غيابه. كيف تواجهون هذه التصفيات؟ يجب أن نبدأ بأفضل طريقة ممكنة ونحاول فرض أسلوبنا منذ البداية حتى لا نعاني في النهاية. فنحن نعلم أن سويسرا خصم قوي جداً وسيلعبون على أرضهم، لذلك فإن المهمة لن تكون سهلة. كما أنه بعد تتويجنا أبطالاً لأوروبا ستحاول الفرق تقديم مجهود أكبر ضدنا. ولكن هدفنا هو الفوز بكل مباراة نلعبها. دائماً ما كان يُقال إن البرتغال تبقى دائماً على الأبواب للفوز بلقب مهم. بعد كأس الأمم الأوروبية، هل حان الوقت للحلم بتحقيق إنجاز أكبر مثل الفوز بكأس العالم FIFA في روسيا؟ بالتأكيد. الفوز بكأس العالم سيكون أحد أهدافنا. عندما تذوق حلاوة الفوز لا يمكنك أن تفكر في تغيير عقليتك. من الواضح أن لا شيء يضمن لك الفوز دائماً، ولكن الهدف وعقلية الفوز يجب أن تكون حاضرة دائماً. فكرة القدم هي لعبة الأحلام وعلينا أن نواصل الحلم لنحقق أشياء جميلة مثل الفوز بكأس الأمم الأوروبية. لنرى ماذا سيحدث في التصفيات، لكننا سنحاول قيادة البرتغال إلى أعلى مستوى ممكن في عالم كرة القدم.
مشاركة :