إسبانيا: قراءة تحليلية في الوضع السياسي المتأزم

  • 9/6/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

بعد أن رفض النواب الإسبان منح رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي الثقة لتشكيل حكومة ما سيمدد الأزمة السياسية في البلاد ويطلق العد العكسي لانتخابات تشريعية ثالثة في هذا العام،يوجد راخوي في وضع صعب للغاية.هذا ولقد صوت 180 نائبا ضد تولي راخوي رئاسة الوزراء مقابل تأييد 170 للمرة الثانية في غضون أسبوع، فقد صوت ضده حزب بوديموس،والاشتراكيون. ويواجه راخوي رفض الحزب الاشتراكي الذي له 85 نائبا من أصل 350. وأجرت إسبانيا الانتخابات مرتين إلا أن الحزب الشعبي المحافظ بزعامة راخوي لم يتمكن من الفوز بالغالبية.ورفضت المعارضة الاشتراكية بشدة دعم راخوي وألقت عليه باللوم في فضائح الفساد والاقتطاعات الكبيرة في الإنفاق العام. فرناندو فاليسبان،المختص في القضايا السياسية،يقدم ليورونيوز تحليلا معمقا حول وضع عصيب للغاية تواجهه إسبانيا،وهو يشرح لنا أيضا ما ينص عليه الدستور في هذه الحالة. تفتح الآن مرحلة جديدة قد تستغرق فترة تصل إلى شهرين،وهي المرحلة التي تحاول خلالها القوى السياسية التوصل إلى اتفاق مختلف عن ذلك الذي يطرحه السيد راخوي،ولذلك،سواء كان الزعيم الفعلي للمعارضة،بيدرو سانشيز،أو الاشتراكيون،او أطراف أخرى،بإمكانهم أن يقوموا بتعبئة لتسهيل إبراز مرشح آخر،أو حتى راخوي،لكن في رأيي،سيكون ذلك ممكنا في حال كان مؤمنا على الحصول عليه. شهران من المفاوضات،أولا شيء سيجري في الحقيقة،قبل 25 من سبتمبرتاريخ الانتخابات الإقليمية في غاليسيا وبلاد الباسك،النتائج في الانتخابات هي التي ستعزز أو تضعف حزب المحافظين ( الحزب الشعبي). أعتقد أن الانتخابات في إقليم الباسك وغاليسيا إنها ستمنع الأحزاب والأطياف السياسية من محاولة للتوصل إلى اتفاق قبل انتهاء المهلة الدستورية،ذلك أننا سندخل في خضم حملة انتخابية في هاتين المنطقتين،ثم إن الأمر يتعلق بمنطقتين حساتين للغاية،ففي غاليسيا ،الحزب الشعبي هو المهيمن،بينما يهيمن بحضور قوي بوديموس في بلاد الباسك، كما يوجد بالطبع القوميون الباسك أيضا. استلم ماريانو راخوي مقاليد السلطة منذ 2011،فبعد فوزه في انتخابات ديسمبر و يوينو،يعتقد راخوي أن له الحق في الحكم، ثم إن الحزب الشعبي،أبدى تأكيدا أنه متحد وراء مرشحه، المشكلة، إنما تكمن في أنه لم يقدر على الحصول على ما يكفي من الدعم من الأحزاب السياسية لأخرى. لماذا؟فهناك احزاب لا تريد أن تكون مرتبطة بحزب تشوبه فضائح فساد. الحزب الشعبي هو الحزب الوحيد ضمن المظومة السياسية في إسبانيا والذي لم يخضع للتجديد،منذ الأزمة السياسية في إسبانيا،أصر على أن الأزمة السياسية هي نتاج الأزمة الاقتصادية،ومن هذا المنطلق نرى أن راخوي يشار إليه بالبنان،باعتباره مسؤولا كبيرا في حزب يخضع حتى الآن إلى تحقيقات قضائية كبيرة بسبب فضائح شبكات تتعلق بالفساد،وهذه أمور من شأنها ألا تسهل الاتفاقات و المواثيق المحتملة مع الحزب الشعبي من جانبه حذر راخوي من أن السماح بحدوث أزمة سياسية يمكن أن يعرض اقتصاد البلاد للخطر ويثير أسئلة حول الديموقراطية.لكن الحزب الاشتراكي ثاني قوة سياسية في إسبانيا (85 مقعدا) يرفض قطعيا استمرار راخوي في الحكم أربعة أعوام أخرى.أمام هذه المعطيات كيف الخروج من المأزق إذن؟ الطريقة الوحيدة لحسم الموقف بالنسبة لبعضهم حتى يقرروا دعم الحزب الشعبي،إنما يرتبط الأمر بالتخلص من راخوي،ولكن الحزب الشعبي لا يبدو أنه يريد التنازل عن راخوي باعتباره مرشحا لرئاسة الحكومة،وليس لي في ذلك أي شك يحذوني.فبالنسبة لي،ليس ثمة أي إمكانية للوصول إلى ترشيح للرئاسة حتى لو أراد الحزب الاشتراكي القيام بشيء ما مع بوديموس، وكان بوديموس مستعدا لذلك،فإن حزب العمال الاشتراكي الإسباني بعيد بشأو كبير على أن يحصل على عدد المقاعد الضرورية،لتشكيل غالبية كافية.فالأمر يتعلق بحالة جمود تامة. من أجل تجنب الوقوع في مثل هذا الجمود،فإن بعض البلدان كمثل فرنسا لها نظام يقوم على جولتين انتخابيتين كما أن دولا أخرى كاليونان وإيطاليا والتي لها نظام يقضي أن لاطرف الفائز يحظى بمقاعد إضافية،هل إن هذا الأمر ممكن في إسبانيا؟ إصلاح النظام الانتخابي في إسبانيا يمرم عبر وسيلة أخرى،نقول :إن غالبية القوى السياسية ترنو نحو إصلاحات تحفز مزيدا من سياسة التناسب. لذا أعتقد أننا سندخل في خضم ثقافة المواثيق،والاتفاقات ويبدو لي واضحا أن ذلك ما ستعرفه إسبانيا،وذلك أمر لا نعرفه على الصعيد الوطني وحتى ولو كان موجودا على الصعيدين الإقليمي و المحلي. بات واضحا أنه علينا تعزيز ثقافة الاتفاقات هذه،وبشكل خاص،أعتقد أن علينا أن نتكيف من جديد مع ظروف اجتماعية جديدة في البلد،لأنها هي التي تعد مسؤولة فعلا عن هذا الوضع.

مشاركة :