لبنان أمام «قفزة في المجهول» بعد تعليق الحوار وبلوغ الحكومة «حافة الهاوية» - خارجيات

  • 9/6/2016
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

... فعلها زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون، و«طيّر» طاولة الحوار الوطني التي كانت تعقد امس جولتها 21 بضيافة رئيس البرلمان نبيه بري. فـ «ردّ الصاع» للأخير الذي شكّل «رأس حربة» داعمي انعقاد الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء في غياب وزيريْ التيار العوني ووزير حزب «الطاشناق»، وهو ما اعتبره «الجنرال» قفزاً فوق «الميثاقية» (الشراكة المسيحية - الاسلامية) ومقتضياتها. وبدا واضحاً ان عون، الذي أراد من طرْح «معركة الميثاقية» استخدامها «سلاحاً» في السباق الذي يخوضه الى القصر الرئاسي في بعبدا، رسَم ابتداءً من يوم امس، معادلة تعطيل «حوار بري» مقابل إصرار رئيس الوزراء تمام سلام وخصوم زعيم «التيار الحر»وحلفائه على السواء على عقد جلسات الحكومة «بمَن حضر»، ولا سيما ان «قواعد عمل»الحوار، التي كان وضعها رئيس البرلمان نفسه، تقوم على ان انسحاب أيّ مكوّن من الطاولة بعد اعتكاف حزب «القوات اللبنانية» عن المشاركة فيها أصلاً سيدفعه الى تعليقها. ورأت أوساط سياسية مطلعة عبر «الراي»، ان تعليق الحوار الوطني، لفترة زمنية لم تُحدَّد، شكّل رسالة مزدوجة من عون الى الحلفاء قبل الخصوم، ولا سيما بعد الدور الذي لعبه «حزب الله» في تغطية انعقاد الجلسة الأخيرة للحكومة من خلال عدم مقاطعته اياها في موازاة تشكيل «حليف الحليف»اي بري «كاسحة ألغام» امام تلك الجلسة التي غاب عنها «التيار الحر»كردّ على انطلاق قطار التمديد للقادة العسكريين والذي سيشمل قبل نهاية سبتمبر قائد الجيش العماد جان قهوجي، الذي يُعتبر من أبرز «الأوراق المستورة» في الانتخابات الرئاسية بحال اقتضى المسار الخارجي ان ترسو على تسوية. وحسب هذه الأوساط فإن إعلان رئيس «التيار الحر» وزير الخارجية جبران باسيل امس على طاولة الحوار تعليق مشاركة «التيار» فيها بعدما لم يحصل على الأجوبة التي طلبها حول مفهوم الميثاقية ومرتكزاتها وهو ما قابله بري بإعلان «مش انتَ بتمرّك عليّ بتعليق الحوار، انا سأعلّق الجلسات»، يعني انتقال علاقة «الودّ الملغوم» بين بري وعون الى مرحلة الـ «لا عودة»، علماً ان «القلوب مليانة» بينهما على خلفية تراكمات عدة آخرها تحفّظ رئيس البرلمان عن انتخاب «الجنرال» رئيساً. ولم يُعلم كيف سيتعاطى «حزب الله» مع هذا التطور الذي عطّّل طاولة الحوار التي لطالما اعتُبرت «سلاح احتياط استراتيجياً» للثنائي الشيعي للإمساك بـ «مفاتيح» الربط والحلّ في الأزمة اللبنانية، بحيث بدا «حزب الله» يتحكّم بالتموْضع الاستراتيجي للبنان من خلال مشاركاته العسكرية في سورية وغيرها كما بربْطه الانتخابات الرئاسية بـ «حرب النفوذ» في المنطقة، في ما بين يديْ برّي خيوط رسْم «خريطة طريق» المخارج للمأزق الداخلي من خلال ترؤسه أعلى هيئة سياسية ولو كانت غير ذي صفة دستورية. ولم يكد يُعلن تعليق الحوار الوطني،حتى اتّجهت الأنظار الى مسألتيْن: الأولى هي«الخطوة التالية» لعون الذي يبدو انه ينتقل «من شجرة الى شجرة أعلى» من دون أفقٍ لكيفية حسْم الأمور باتجاه تحقيق «هدفه الاول والأخير» وهو الوصول الى الرئاسة. والثانية جلسة الحكومة بعد غد التي سيقاطعها «التيار الحر» و«الطاشناق» مجدداً، ولا سيما في ظل ترقُّب اذا كان سيصار الى الردّ على تعطيل الحوار بالدفع نحو ان تتخذ الجلسة الوزارية قرارات مهمة مثل تعيين رئيس للجامعة اللبنانية، كما إذا كان «حزب الله» سيكرّر المشاركة فيها هو الذي يعتبر علاقته ببري «خطاً أحمر» وتتقدّم على تحالفه مع زعيم «التيار الحر». ووفق الأوساط السياسية نفسها، فان ما ستنتهي اليه جلسة الخميس لمجلس الوزراء سيكون مؤشراً الى ما ستحمله المرحلة المقبلة ولا سيما ان مصير الحكومة بات على المحكّ في ظل إمكان اتجاه عون الى الاستقالة منها اذا استُفزّ كثيراً، وعدم إسقاط احتمال ان يقلب الرئيس تمام سلام الطاولة في حال استمرّت عملية تعطيل تنفيذ القرارات التي تصدر عن الحكومة من خلال عدم توقيع المراسيم. علماً ان دوائر مراقبة تتعاطى مع اي ترْك للأمور تذهب نحو انهيار الحكومة على انه في سياق رغبة خارجية في «الإطباق» على الواقع اللبناني بنقله الى وضعية «المأزق الكامل». وكانت جلسة الحوار شهدت مواجهة كلامية حادة بين باسيل والنائب سليمان فرنجية (مرشح الرئيس سعد الحريري للرئاسة والذي يحظى بدعم بري) الذي ردّ على كلام الاول عن الميثاقية وكيفية استمرار جلسات الحكومة بوزراء لا يمثلون أكثر من 6 في المئة من المسيحيين، قائلاً له:«مَن انت (باسيل) وماذا تمثّل وأنت راسب في الانتخابات (في البترون)؟ وانت لست رئيس التيار بل مديره لانك عُينتَ ولم تُنتخب». وجاءت هذه الاندفاعة السلبية لتتقاطع مع إشارتين واحدة خارجية والثانية داخلية عززتا الانطباع بأن المأزق السياسي - الدستوري الذي يعيشه لبنان يتجه الى مزيدٍ من التعقيدات. وتَمثّلت الإشارة الأولى في الحملة الشعواء التي شنّها المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي امس، على المملكة العربية السعودية، في تطورٍ عكس ان العلاقة بين الطرفيْن اللذين لهما ثقل في الوضع اللبناني بلغت درجة«حرْق المراكب» مع ما لذلك من تداعيات على مسارات الملفات التي تشكّل جزءاً من النفوذ الحيوي لكل منهما، سواء في ساحات الصِدام المباشر أو «المواجهة بالقفازات». أما الإشارة الثانية، فحملها القرار الاتهامي الذي أصدره القضاء قبل ايام في جريمة تفجير مسجديْ «التقوى» و«السلام» في طرابلس (في 23 اغسطس 2013) والذي وجّه أصابع الاتهام المباشر الى مخابرات النظام السوري بالوقوف وراء هذه الجريمة. وعكست هاتان الإشارتان ان الأزمة السياسية التي يختزلها الفراغ في رئاسة الجمهورية أكبر من ان يتم احتواؤها بتخريجات من «حواضر البيت المحلي». وفي هذا السياق، رأت دوائر مطلعة في بيروت عبر «الراي» ان الهجوم الايراني على السعودية والقرار الاتهامي في قضية المسجدين يشكّلان إرباكاً لأكثر من طرف لبناني، وأبرزهم «تيار المستقبل» والحريري الذي سيواجه وضعاً أكثر صعوبة في المضي بخيار فرنجية او بدعم انتخاب عون.

مشاركة :