يؤكد المنطق ومعْـطِـيَـاته بأن (نَـيجيريا) تلك الجمهورية التي تقع غَــرب قَـارة أفريقيا يجب أن تكون في قائمة الدول الغَـنِـيّـة؛ لما أنها تمتلك العديد من الثروات؛ فهي إضافة إلى كونها من كُـبْـريَـات بـلاد النّـفط، فيها الـرَّعْـي والزراعة، وبعض المعادن كالحديد، والرّصاص والفحم الحجري، وغيرها. ولكن ورغم كل تلك المقومات الاقتصادية الكبيرة إلا أن (70%) من الشعب النيجيري الذي يبلغ تعداده (180 مليون نسمة) تقريباً يعاني من الفقر الشديد، وسوء ما يُـقَـدمّ له من الخدمات الأساسية؛ أما الـسّــبَــب (فَـذاك الـفساد الإداري والمالي) الذي جعل (نيجيريا) تَـقـبَــع في المرتبة (136) حسب مؤشر الفساد العالمي. ولكن كان (شهر مايو من عام 2015م) علامة فارقة في حياة النيجيري؛ فَـفيه تَـمّ انتخاب (محمد بخاري) رئيساً للجمهورية؛ الذي حمَـل لواء المحاربة الـجَـادّة للـفَـسَـاد؛ وكانت البداية بإعلانِـه ونائبه عن كـامـل ذمتهما المالية، تَــلا ذلك توحيد جميع الحسابات البنكيّـة للمؤسسات الحكومية في حـسَـاب واحـد يشرف عليه البنك المركزي؛ لمنع التلاعب في الأموال وتسرُّبها، ثم جاء رَبْــطُ بيانات الموظفين الشخصية والمالية في برنامج معلومات وحيد، كان من ثماره كشف أكثر من 24 ألف وظيفة وهمية. حَـضَـرَ بعد ذلك قَـرَارُ جَـمْـعِ الجهات الرقابية في الحكومة تحت مظلة واحدة، والمراجعة الدقيقة للتعاقدات الحكومية السابقة، وكذا إطلاق نظامٍ لحمايةِ المُـبَـلِّـغِـيْـن عن الفساد، ثم كانت الخـطـوة الأهــم وهي محاكمة بعض المسئولين المتهمين بممارسته، ونَـهْــبِ أكثر من (150 بليون دولار) من الخزينة العامة للدولة. تلك الـخُـطوات كانت إيجابية، وحـظِـيَـت بارتياح ودعْـم المجتمع النيجيري على اختلاف أطيافه. وهنا التجربة النيجيرية في مكافحة الـفـسَـاد رغم حداثتها تبدو ناجِـحَـة وفاعِـلَـة؛ حيث أُعْـلِـنَ هناك في أبريل الماضي عن استعادة نحو (600 مليار دولار) من الأموال العامة المسروقة؛ وتلك التجربة تؤكد بأنّ مواجهة الفسَـاد المالي والـحَـد منه ممكنة إذا توفَـرت الإرادة، والـفِـعْــل والعَـمَــل الميداني الـرِقَـابِـي والـضّـبْــطِــي؛ فهذه دعوة لِـهَـيْـئَـتِـنا الوطنية لمكافحة الـفَـسَـاد (نَـزاهَـة)، لكي تُـفِـيْــد منها. aaljamili@yahoo.com
مشاركة :