وأشار معاليه إلى أن من قواعد الشرع العظيمة أن من واجبات اهل العلم تقليل الشر وتكثير الخير، حيث ما وجدنا خيراً على منهاج النبوة زدناه ، وما وجدنا شراً قللناه ، لكن لا يمكن أن نرفع ما شاء الله ــــ جل وعلا ــــ وقدر بحكمته ألا يكون هناك حق وباطل ، وجود الباطل ابتلاء للناس جميعا كما في سورة العنكبوت: {ألم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}، كما أن الإيمان يتبعض، فالصدق يتبعض، والكذب يتبعض،وقد يتخيل الإنسان ، خاصة طالب العلم أو الداعية أنه كلما كان أشد كان أقرب إلى الصواب ، وهذا غلط في المنهج ، لأنه ليس معيار الصواب أن تكون أشد في موقفك، فقد تصُلب تارة وتلين تارة، وتُقدر كل موضعِ بموضعه لحصول المصلحة العامة في ما تريد ، وليس الصواب دائماً مع القول الأشد ، مستشهداً بقصة عمر ــــ رضي الله عنه ـــ في الحديبية، ففي ذلك درس كبير وعبرة والازدياد من العلم يعطيك فرق ما بين هذا وذاك، وواصل معاليه قائلاً : المجاهدة والمراغمة سلك فيها الناس طرق متعددة كثيرة،مابين طرق صواب وما بين تعرف وتنكر، وأهُلهُا يظنون أنهم يحسنون صنعا، وما بين باطل واضح في الجهاد والمجاهدة إلى آخره ، و الشيطان يدخل للإنسان حتى في صلاته وزكاتة ، وحجة ، ودعوته، ويدخل في جهاده ، وتحري الصواب بالعلم النافع هذا هو الطريق ، والفأل مطلوب،وتأمل التاريخ حكمة، من تأمل التاريخ ابتداءً من تاريخ الرسل، ثم تاريخ أتباعهم، والمد، والجزر، وكيف حصل الابتلاءات الكبيرة . واستعرض معاليه ـــ في هذا الشأن ـــ ما حصل في عهد الخلفاء الراشدون من ظهور الخوارج بعد مضي عشرين عاماً من عهدهم ، مطالباً الداعية إلى الله بأن يكون دائماً أمام عينه، مسائل الإبتلاء بالمحكم والمتشابه ، حيث كان النبي ــــ صلى الله عليه وسلم ــــ في دعائه كل ليلة يدعو قائلاً : ( اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك فإنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ) ،لأن الظلال في المسائل العلمية وارد، والظلال في المسائل العملية وارد ! ولها أسباب هنا وهنا، في ضعف العلم، ومن الأسباب وجود المحكم والمتشابه ، ولهذا لا بد من الرجوع إلى الحق الصحيح لأنه النجاة ، والله ــ جل وعلا ــ لم يطلب منا العمل بالمتشابه ، لما طلب العمل بالمحكمات ، المتشابه إذا اشتبه علينا نقول كل من عند ربنا هذه مسألة عظيمة فيما تأتون وتذورن . واستطرد معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ يقول : فإذا كان الأمر كذلك فعلى الداعية أن يدعوا الناس إلى اليقينيات نحن لسنا في زمن ذكر الغير اليقين لأن من تلقي عليه قد لا يتحمل ذهنه فهم حدود الكلام الذي تقول إذا كان عندك فيه تفصيلات إذا كان الشيء فيه تفصيلات في وأحواله أحكامه فلا تلقيه على كل أحد لأنه قد لا يستوعب هذه التفصيلات فتزل قدمه في المحكم والمتشابه وهذا ما حصل مع أهل الأهواء في كل زمن ، أهل الأهواء من الاثنتين والسبعين فرقة المتوعدة ، متوعدة في النار ، كلها في النار إلا واحدة ، متوعدة ، وعيد ويختلفون في قربهم وبعدهم ، وحجم الوعيد وأتوا من جهة المتشابهات إما متشابهات نقلية ، وإما متاشبهات عقلية ، والكلام في ذلك شجون إذا فالمسألة عظيمة والحرص على اليقينيات ، على الأصول ، على التوحيد على السنة على ما يجعل الناس في آمان في قلوبهم لسنين والتأكيد عليهم ، وعدم الملل وعدم الملل من التكرار هذا منهج ضروري الصبر وعدم اليأس وحسن الكلام وحسن الفعال والثبات ، والثبات حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا والتاريخ فيه مد وجزر. وفي السياق ذاته ، استعرض معاليه جانباً من أوضاع الأمة الإسلامية في عهد الدولة الأموية ، والدولة العباسية وما حصل فيهما من فتن ، وموقف العلماء من ذلك ، وكيف كان صنيع العلماء ، وقال : هنا الدرس العظيم في ذلك ، لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ، قصص الأنبياء والرسل ، وكذلك الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها . وأختتم معاليه ـــ حديثه ــــ سائلاً الله ــــ جل وعل ـــــ أن يجعل الجميع ممن يقوم بالحق ، ويفعله، وأن يعفو عن الجميع كبير ذنوبهم وصغيرها ، وقال : اللهم وفقنا لما فيه الخير والسداد وأدر الحق على ألسنتنا وثبت العلم في قلوبنا ، وأغفر لنا كبير زللنا ، اللهم وفق ولاة أمورنا لما تحب وترضى واجعلنا وإياهم من المتعاونين على البر والتقوى ، اللهم ارزقهم البطانة الصالحة وآلف بين قلوبهم إنك على كل شيء قدير . وكان معالي نائب الوزير الدكتور توفيق بن عبدالعزيز السديري قد افتتح اللقاء الذي تم مساء يوم الخميس السادس عشر من شهر شوال 1437هـ ، بكلمة رحب في بدايتها بالدعاة بمنطقة الرياض والمسؤولين عن الدعوة وأقسامها في الوزارة وفي فرع الوزارة بمنطقة الرياض ، وقال : إن هذا اللقاء يأتي استمرارا للقاءات مع أهل العلم وأهل الفضل والمسؤولين عن الدعوة في الوزارة وفي مقدمتهم معالي شيخنا الشيخ العلامة الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ باعتباره المسئول الأول عن الدعوة في هذه البلاد المباركة والمشرف والموجه لأعمالها حيث أنه عالماً من علماء هذه البلاد ومن علماء المسلمين الأجلاء الذين يرجع إليهم ، مشيراً إلى أن هذه اللقاءات لشحذ الهمم والمذاكرة والتناصح فيما بيننا ؛ بما يسهم ـــ بإذن الله تعالى ـــ في الرفع من أداء الدعاة ، وتطوير قدراتهم ، والوقوف على احتياجاتهم.
مشاركة :