الشارقة: "الخليج" استفادت المرأة الإماراتية من الإمكانات التي وفرتها لها الدولة، ودعم مؤسساتها ومسؤوليها، للوصول إلى قمة الهرم في مختلف المجالات، بل شجعها هذا على اختيار تخصصات وقطاعات للعمل لم تسبق إليها، محققة بذلك الريادة في وطنها. إحدى هؤلاء الرائدات، الدكتورة موزةعبد الله الشرهان، أول طبيبة مواطنة تحصل على درجة الدكتوراه في علم أمراض الأنسجة والخلايا، تدرجت في المناصب إلى أن تولت منصب رئاسة إدارة المختبرات الطبية في مستشفى دبي، إضافة إلى رئاستها شعبة الإمارات لعلم الأمراض، كما كانت أول امرأة ترأس جمعية الإمارات الطبية. عن السر وراء تميزها وريادتها، وإصرارها على خوض مغامرة اختيار تخصص طبي نادر، ومشوار حياتها العلمية والعملية، دار معها هذا الحوار. *في البداية لماذا اخترت تخصصاً طبياً نادراً وصعباً هو علم أمراض الأنسجة والخلايا؟ لأنني أحب التحدي، كما أن النجاح في اختصاص متميز ونادر يعد مؤشراً للسعادة بالنسبة لي، وتحقيق التميز هدف أسعى إليه دائماً وأعمل من أجله، كما كان اختيار تخصصي مغامرة أردت خوضها. وهناك سبب آخر، وهو عدم وجود كوادر طبية مواطنة تسد حاجة الدولة في هذا المجال في مسيرتها التنموية، وكوني السباقة إلى هذا التخصص شجع آخرين على الالتحاق به. * حدثينا عن مشوارك العلمي الذي أوصلك إلى منصبك الحالي؟ بعد تخرجي في كلية الطب بجامعة الكويت، اخترت دراسة تخصص طبي كنت السابقة إليه في دولة الإمارات، وهو علم أمراض الأنسجة والخلايا. ثم أكملت مسيرتي التخصصية في المملكة المتحدة، حيث أضافت إلي الغربة عن الأهل واختلاف اللغة مهارات حياتية، تجمع بين الاندماج المجتمعي والتميز العلمي والحفاظ على تقاليدنا الأصيلة، وهناك سعيت إلى نقل ثقافتي إلى الآخر لأكون خير سفيرة لدولتنا. حصلت على درجة الماجستير في الباثولوجيا السريرية ثم تبعتها بدرجة الماجستير في علوم المختبرات، لأعود إلى وطني بدرجة الدكتوراه في مجال تخصصي. * كيف كانت الأسرة داعماً لك في مسيرة النجاح؟ الوالدان كانا أهم حافز لي للدخول إلى مجال الطب، وأثمرت هذه الرعاية والدعم المستمر إلى الآن ما أجده اليوم من نجاح وتميز، وقد ساعد دعم الأسرة في الوفاء بمهامي الوظيفية على أكمل وجه. وما يزيدني سعادة هو شعور الأسرة بالفخر لما حققته من إنجازات، وهذا أيضاً يضعني أمام مسؤولية الاجتهاد للمزيد من العطاء. * ما الجانب الممتع في عمل الطبيب لاسيما إذا كان امرأة؟ الطب مرتبط بالحكمة، والتفكير العميق والقدرة على الاستنباط والتحليل والاكتشاف. لكن هناك جانباً روحانياً في مهنة الطب، يتمثل في العطاء، وتقديم خدمات متعلقة بصحة المرء وحياته، وقدرة الطبيب على تخفيف آلام الآخرين، وكلها أسباب تؤدي إلى حب الناس، ما يدخل السعادة إلى قلبي، وينسيني معاناة العمل والدراسة. * لو لم تكوني طبيبة ما المهنة التي تودين العمل بها؟ لا أرى نفسي إلا طبيبة، هكذا تخيلت نفسي منذ الصغر وشجعني على ذلك الوالد. * برأيك هل أعداد طلاب الطب وإقبالهم يشجع على توطين هذه المهنة؟ أرى إقبالاً كبيراً بشكل عام على دراسة الطب من قبل أبناء وبنات الإمارات، فقد أولت الدولة كل أوجه الرعاية والدعم لاستقطاب الطلبة المواطنين، من خلال تأسيس العديد من الجامعات الوطنية لدراسة الطب، ما يضمن استدامة القطاع الصحي في الدولة من أبنائها. وقد تبنت جمعية الإمارات الطبية العديد من المبادرات، منها برنامج كلية الطب المصغرة، ومبادرة الصحة في القمة، وغيرهما، وجميعها تصب في هذا الاتجاه. * من خلال رئاستك جمعية الإمارات الطبية بماذا تساعدين زملاءك الأطباء؟ رئاسة جمعية الإمارات الطبية تملي علي التزامات لخدمة الزملاء العاملين في القطاع الطبي في الدولة، كما أن الجمعية تحرص على تنمية وتطوير المهارات المهنية للعاملين في هذا القطاع المهم، وتعزيز دور أعضاء الجمعية على جميع المستويات، تماشياً مع مسيرة الدولة في التقدم لنكون في مصاف الدول العالمية. إضافة إلى أن انتساب العاملين في القطاع الطبي في دولة الإمارات إلى الجمعية، يمنحهم الوسيلة الصحيحة لتطوير مهاراتهم العلمية والمهنية، كل في مجال تخصصه. * برأيك ما الذي تغير في شخصية المرأة الإماراتية حالياً عن السابق؟ وما السبب؟ لا شك أن الكثير من الصفات الرائعة التي تتصف بها المرأة الإماراتية، كانت وراء ما حققته من نجاحات على عدة مستويات، لكن الدعم الذي توليه الدولة للمرأة الإماراتية هو الذي منحها الثقة والعزيمة والإرادة والقدرة على التحدي، وجعلها ترتاد تخصصات نادرة ومختلفة. ثقافة متأصلة فضلاً عن تدرجها في المناصب، حتى وصلت إلى منصب رئاسة إدارة المختبرات الطبية في مستشفى دبي، ورئاسة شعبة الإمارات لعلم الأمراض، وجمعية الإمارات الطبية، واختيارها ممثلة لدولة الإمارات في الفرع العربي للأكاديمية العالمية للأمراض، إضافة إلى عضويتها في العديد من اللجان العلمية والبحثية، تهتم د. موزة الشرهان إلى جانب عملها في القطاع الطبي بالعمل التطوعي. وعن ذلك تقول: أرى أن المرأة بفطرتها أكثر عطاء وقدرة على إدارة الأمور، وهذا ما يدفعني للتوفيق بين أداء مهامي الوظيفية وعملي التطوعي. تضيف: وقد أصبح العمل التطوعي ثقافة متأصلة لدى الشعب الإماراتي، تشاهد ثمارها في كل ما حولك، فضلاً عن أن مظاهر التطوع في الإمارات مرتبطة بالعادات الطيبة والتقاليد الأصيلة التي تربى عليها أبناؤها. وتشير إلى أن العمل التطوعي هو أبسط تعبير عن العرفان بفضل الإمارات على أبنائها، فالعطاء هو ما يجب أن يقدمه الإماراتيون لوطنهم المعطاء رداً للجميل، وهو في الوقت نفسه واجب وطني، كما تصفه.
مشاركة :