يخلط الناس بين الحكمة والترشيد في الاستهلاك والادخار، وبين البخل والتقتير، وهذا اللَّبس أوجد قلقاً وتوتراً سيؤديان حتماً لانعدام التوازن في الدخل والمصروف؛ فالمجتمع منقسم بين غارق في الإسراف وبين مقتر وبخيل حتى الجفاف! وللموازنة بين الدخل والاستهلاك؛ لا بد من وضع ميزانية ذات بنود محددة؛ لمعرفة قنوات الصرف وتوزيعها حسب الأولويات. وتعتبر ميزانية الأسرة الدعامة الأساسية لكافة المصروفات المختلفة التي يمكن التحكم بها بطريقة مناسبة من خلال توزيع بنود الميزانية، بما يتوافق مع الحالة المادية، لاسيما في أوقات المواسم المتزامنة أحياناً والتي تحدث إرباكاً للأسرة، لما تسببه والتخطيط المسبق وإدارة الأسرة اقتصادياً وتعميق فلسفة الادخار، هو وصفة آمنة ووقاية من حمى الصرف العشوائي والشراء لمجرد متعة التسوق، حيث يتحوّل الشراء لرغبة غير مقننة يتبعها شعور بالحسرة بعد امتلاء الحاويات بالأطعمة الفائضة عن الحاجة. لذا ينبغي التفكير بوضع ميزانية شخصية والقيام بتدوين ما نحتاجه في ورقة وبالتالي القيام بشراء ما تم تدوينه فقط، حتى نتجنب دخولنا في دائرة (المستهلك المغفل) بالشراء العشوائي. وهناك أمور يحسن بنا الانطلاق منها حين الشروع بإعداد الميزانية الشخصية ومن أهمها: الإعاشة والسكن والتعليم والصحة وسداد الفواتير حال صدورها، وتسليم العمالة المنزلية مستحقاتهم في وقتها، والصيانة الدورية للبيت والسيارة والأجهزة، ومن ثم التجهيزات العامة والتجديدات والاستعداد للمناسبات الطارئة، ويأتي بعد ذلك الادخار. وهي سلسلة من المصروفات التي تحتاج للدقة أثناء توزيع بنودها في ميزانية الأسرة، مما يشعر أفرادها بالاستقرار وعدم الاستنفار حال الطوارئ أو المناسبات التي تتطلب الاستمتاع بالمناسبة وليس حمل همومها! إن التعامل مع مواسم المصروفات بحكمة وتعقل يضمن راحة أفراد الأسرة، ويجنبهم الضغوط ويبعدهم عن القلق، وما ينتج عنهما من مشكلات أسرية بالغة الألم بسبب سوء التخطيط والعشوائية. ومن الجميل حقاً، أن يشرك الوالدان أبناءهما عند الشروع في وضع الميزانية؛ لأن ذلك يمدهم بالثقة والشعور بالمسؤولية ويرفع معدل اعتزازهم بأنفسهم، وهو أيضاً أحد (بنود التربية)!
مشاركة :