الشراكة الاستراتيجية السعودية الباكستانية..

  • 2/18/2014
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

باكستان والمملكة شريكتا مصير ديني واقتصادي وأمني، وقد بنيت تلك العلاقات على مشروع تقاسم المسؤوليات، وتأتي زيارة سمو ولي العهد الأمير سلمان لتطرح أبعاداً استراتيجية تكمل عمل السنوات الماضية.. فباكستان رغم العراقيل التي مرت بها منذ انفصالها عن الهند، مروراً بحروبها معها، ثم احتلال أفغانستان من قبل السوفييت، وبروز القاعدة وطالبان كقوتين أضرتا بوضعها السياسي والاقتصادي، إلاّ أنها واصلت محاولات الخروج من أزمات الانقلابات وصياغة سياسة حسن جوار مع الهند وتعاون مفتوح مع الصين وتأرجح العلاقات مع أمريكا بين المد والجزر، لكنها حافظت على تواصلها مع عالمها الإسلامي، وقد ظلت سياسة البلدين المملكة وباكستان تسير بالخط المستقيم والواضح حتى ان التوافق في كثير من العوامل المشتركة بقي ينمو نحو الإيجابيات لا عكسها.. قارة آسيا الآن لم تعد تلك المستعمرة الكبرى للدول الأوروبية واليابان، فقد تحولت إلى باعث جديد لتنافس عريض بحيث تحول الاتجاه الاقتصادي وقوة العمل والتأثير في السوق العالمي إليها وشهدنا كيف ان دولاً تنازعتها الحروب والفقر مثل بنجلادش، وفيتنام تسيران الآن باتجاه الثعافي، والخروج من نطاق العوز إلى التنمية الدائمة، وباكستان لحقها التحول بحيث لم تعد بلا إمكانات عندما نجدها تبني صناعات عسكرية متقدمة وتحاول أن تؤسس لصناعات أخرى مدنية بما فيها الاتجاه إلى الاستثمار في الزراعة حيث الطاقات المجمدة، والمملكة في مختلف الظروف ظلت عامل الدعم لها في المجالات المتعددة، لأن الروابط بين البلدين ليست طارئة، أو مستجدة، وإنما هي ثابتة ومتطورة.. الأمير سلمان حين اختار باكستان محطته الأولى في زيارته يدرك أن هذا البلد عميق الجذور في حضارته ودوره في محيطه وخارجه، وكما ان المملكة قاعدة الإسلام والعروبة ومحور التأثير في المنطقة العربية، وقوة المقاومة ضد التدخلات الخارجية، لأخذها هذه المسؤوليات عن قناعة بهذه الواجبات فإن باكستان ظلت محوراً مهماً في المنظومة الإسلامية لأنها إحدى قوائم القوة السكانية في هذا العالم ولم يعد تجاهلها من القوى الدولية ممكناً رغم وقوعها في محيط مضطرب قبلياً ومذهبياً، وتعدد أعراق وأرومات، إلاّ أنها لم تفقد وحدتها الجغرافية، والتعافي من أي صدام مذهبي، أو ديني، وحين يتواجد بيننا عمالة تصل إلى حدود مئات الآلاف، فهي رافد اقتصادي وعملي لكلا البلدين، بل وان المكتسبات من وجودها طرح التآخي بين الشعبين على قاعدة الدين والمصلحة المشتركة.. وكما ان البلدين عانا مشكل الإرهاب الذي أضرّ بهما، فإن التعاون اللا محدود على مكافحته، فتح أكثر من قناة لتعزيز أمنهما والتعامل مع تلك المنظمات بدور التأهيل، أو المعاقبة القانونية وهي مهمة معقدة، وخاصة في التداخل القبلي والمذهبي وجوار باكستان مع أفغانستان، والتي أدخلت هذا البلد دهاليز المماحكات مع قوى أجنبية، لكن طالما الخيار الذي فرضته الظروف الوقوف ضد أي اتجاه للإرهاب، فإن موقف باكستان بقي على أن لا مزايدات على الوحدة الوطنية مهما كانت النتائج.. الأمير سلمان ليس غريباً على البلد الشقيق، ولذلك عومل أثناء زيارته معاملة الأخ والصديق، حتى أن مظاهر الاحتفاء الوطني جسّدت روح هذه الأخوة، وأعطتها زخمها الكبير، ومبادرتها الصادقة.

مشاركة :