أعلنت الشركة العملاقة "أبل" وفاة قائدها وملهمها ستيف جوبز، في بيانٍ لها جاء فيه: "الإبداع والشغف والطاقة التي تمتع بها جوبز كانت مصدراً لاختراعات لا تعدّ ولا تحصى، أثرت وحسنت حياتنا.." (ستيف جوبز) شريكٌ مؤسسٌ لشركة "أبل" والمدير التنفيذي السابق لها، عملاقٌ من عمالقة التكنولوجيا والإبداع، يوصف بأنه أحد أعظم الرؤساء التنفيذيين في جيله في أميركا والعالم، وبأنه ليوناردو دافينشي العصر، قاد "أبل" التي كانت في طريقها للانهيار في وقت ما؛ ليجعلها واحدة من أكثر الشركات ربحاً وتفوقاً في العالم، كما امتدحه الكاتب الصحفي في نيويورك تايمز (جو نوكيرا) في وقتٍ سابقٍ بأنه: واحد من أعظم المبتكرين في تاريخ الرأسمالية الحديث. أعلم أن قصة وفاة جوبز هي قصة مرّ عليها عدة سنوات، ولكنني أذكر إلى الآن كيف أثّر خبر وفاة جوبز في نفسي لفقدان العالم لشخص متميز ومؤثر مثله، ولكن سرعان ما تبدل هذا الشعور بآخر، شعور بالانزعاج والألم جعلني أقف متأملاً قليلاً، منادياً في أعماق ذاتي، سائلاً نفسي سؤالاً شديد اللهجة: هذا هو ستيف جونز فماذا عنك؟ هذا السؤال في ذلك الحين جعل أفكاري تتلاحق، وجسمي يحاول إفراز مواد مهدئةٍ لتغيير ملامح وجهي الباردة، وكل أعضائي تعمل جاهدةً لتجعلني راضياً ومرتاحاً كما يحاول الموظفون على وجه السرعة تلبية طلب المدير الغاضب لجعله راضياً، لكن دون جدوى كانت الجهود المبذولة لتغيير حالتي السيكولوجية، فالسؤال محير: هذا هو ستيف جونز فماذا عنك؟ ماذا قدمت لنفسك؟ ماذا طورت وابتكرت؟ إلى ما ترمي وتتطلع؟ وكم من الطريق قطعت؟ وأين بصمتك التي وضعت؟ في كلمة ألقاها أمام خريجي جامعة ستانفورد، قال "جوبز" الذي لم ينهِ دراسته الجامعية: "عملك سيشغل حيزاً كبيراً في حياتك، والسبيل الوحيد للرضا الحقيقي هو القيام بما تعتقد أنه عملٌ عظيم، والسبيل الوحيد لتحقيق هذا هو أن تحب ما تفعله"أفكارٌ كثيرةٌ راودتني محاولة إقناعي بأن "جوبز" المولود لأبٍ عربي لم يكن ليصبح ما أصبح لولا أنه ترعرع في كنف أميركا، وأنه ضحّى بعلمه لأجل عمله، إلاّ أنني تجاهلت هذه الأعذار لأنني أعلم أن المتميّز هو الذي يصنع تميّزه ويغير محيطه. استيقظت بسرعةٍ من ذهولي لأقول لنفسي إن العمر ما زال يتنفس، وإن الوقت ما زال متاحاً، وإنني الآن في زمن الإمكان، فعليّ أن أرتّب أوراقي المبعثرة، وأتوحد مع نفسي وإمكاناتي وماضيَّ وحاضري ومستقبلي والعالم كله من حولي على قلب رجلٍ واحد، وأحدد بوصلة حياتي على اتجاهٍ واضحٍ وهو بصمةٌ إيجابيةٌ في الدنيا والآخرة. أعلم أن القرار صعب، وأنني سأكون مسؤولاً أمام نفسي عن هذا القرار الذي اتخذته، وأعلم أيضاً أن الضيف ذاته سيطرق بابي مرةً تلو مرةٍ ليسألني وبنفس القسوة : هذا هو فلان بن فلان فماذا عنك؟ ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :