قال فضيلة د. عيسى يحيى شريف إن النبي صلى الله عليه وسلم في حجته التي اشتهرت بحجة الوداع خطب خطبته الشهيرة في صعيد عرفة، فوعظ وحذر، وبشر وأنذر، ونهى وأمر، وأوصى وأخبر، وأشهد من حضر وأمرهم أن يبلغوا عنه من وراءهم من البشر. و أشار د. عيسى في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بمسجد علي بن أبي طالب بالوكرة إلى أن من أبرز ما قاله صلى الله عليه وسلم في هذه الخطبه الجلية أنه صلى الله عليه وسلم حذر من كل أمور الجاهلية، ذلك لأن الجاهلية الجَهلاء، هي الضَلالة العمياء، والاضطراب والفَوضَى. عبادة الأوثان وأشار الخطيب إلى أنه في ظل الجاهلية تعبُد الأوثان، وتعظم الطواغيت والكهَّان، وفيها تشريع لانتشار الظلم والبغي، حتى لا يُعرَف معروف، ولا يُنكَر منكر. و أوضح أن الله تبارك وتعالى بعث نبيَّ الهدى والرحمة، صلى الله عليه وسلم ليدعو للعمل بالقرآن والسنة، فأنقذ الناس من الغواية، وخلَّصهم من الظلم والجبروت والضلالة، فعمَّ الخير بتوحيد الله وإخلاص العمل له -سبحانه وتعالى- لتسعد الأمَّة المسلمة بعبادة الله وحده، واتباع نبيه صلى الله عليه وسلم، بالدعوة إلى التمسك بالهدى والتحذير من اتباع الهوى وطريق الردى. وأوضح أن مسلمَ روى في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، في حديث حجة الوداع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبة عرفة (ألا وإن كل أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع). 4 وسائل للإفساد ونوه الخطيب إلى أن الجاهلية تسعى لإفساد الفرد والمجتمع من خلال أربع وسائل هدامة: الوسيلة الأولى: سوء الظن بالله جل في علاه، لإفساد العقيدة الإسلامية بنشر الشبهات والتشكيك في الإسلام ونشر الشبهات، قال تعالى: (وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ) يسيئون الظن بالله من خلال السعي لنشر الشك في قيم الإسلام وثوابته، ( يقولون هل لنا من الأمر من شيء) فكأنهم من شدة خوفهم من الكفار وبغضهم للمسلمين يظنون أن الأمور تجري حسب رغبة الكفار وليس حسب حكمة الله، فرد الله عليهم بقوله (قل إن الأمر كله لله). أما الوسيلة الثانية فهي : سعي الجاهلية إلى إفساد القضاء والحكم بتشريعات تحارب جمال الإسلام وعدله، قال تعالى: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ). ألا فالتزموا عباد الله منهج الله ففي ذلك السعادة والأمن والحق والعدالة، قال تعالى: (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ) . نشر الزيلة وقال د. عيسى إن الوسيلة الثالثة هي أن الجاهلية تسعى إلى نشر الرذيلة ودفن الفضيلة، لأجل فساد المجتمع من خلال فساد الأخلاق ونشر التبرج والسفور، والخنا والفجور، قال تعالى: ( وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)، موضحا أن أهل الجاهلية يريدون أن يزخرفوا التبرج والسفور ويزهدوا في الحجاب والآداب، (يريد الله أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً). وذكر أن الوسيلة الرابعة لإفساد المجتمع هي أن الجاهلية تسعى إلى إثارة الحمية النعرات الطائفية لضرب المجتمع بعضه ببعض، بغية انتشار الحروب والخصومات، قال تعالى: (إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيء عليماً). سلوكيات الجاهلية وبين الخطيب أن كل ما خالف القرآن وشاقّه من قول أو فعل أو أخلاق أو سلوكيات فهو من الجاهلية، وأن كل ما خالف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو أخلاق أو سلوكيات والطعن في النبي وسيرته ومنهجه فهو من الجاهلية، وكذلك من الجاهلية الطعن في الأنساب والفخر بالأحساب فلا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).
مشاركة :