بين الإهانة وتبادل النكات

  • 9/10/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يونس السيد لم تحل الشتائم والإهانات التي وجهها الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي إلى نظيره الأمريكي باراك أوباما دون عقد لقاء بينهما، على الرغم من الضجة التي أثيرت حول هذه الشتائم وقسوتها بحق أقوى رئيس دولة في العالم، ما يجسد المقولة السياسية الشهيرة ليس هناك صداقة دائمة ولا عداوة دائمة.. هناك مصالح دائمة. رد فعل الرئيس الأمريكي اقتصرت على إلغاء لقائه المقرر مع نظيره الفلبيني على هامش قمة العشرين، قبل أن يعود عن قراره ويلتقيه بعد يومين في عشاء على هامش قمة آسيان ويتبادلا النكات. لم نسمع أن الولايات المتحدة حشدت أساطيلها أو استنفرت قوة الردع النووية لديها، ولا هددت بغزو الفلبين انتقاماً لإهانة رئيسها، كما قد يتصور البعض أنه يمكن أن يحدث في بلاد أخرى. ففي أي مكان آخر تكفي مثل هذه الإهانات لإشعال حروب قد لا تنطفئ قبل عشرات السنين. أما أوباما فقد بلع هذه الإهانات وتوجّه للنظر في عيني خصمه مباشرة بما يكفي لجعله يتراجع ويعتذر من دون تهديد ولا وعيد، فهل كان الحلم سيد الموقف.. ربما.. فالسياسة هي فن إدارة الممكن.. والممكن هو أن تأخذ من خصمك كل ما تريد بأقل التكاليف الممكنة. هكذا ببساطة قال أوباما كل ما لديه بشأن سياسات نظيره الفلبيني، منتقداً ممارساته تجاه هذا العدد الهائل من الضحايا جراء الحرب التي يشنها على الجريمة والمخدرات في الفلبين من دون ضوابط أو قوانين، بينما تراجع دوتيرتي وأصدر بياناً أعرب فيه عن أسفه للضجة التي أثيرت، مبرراً ذلك بأن سبب تعليقاته الشديدة اللهجة كان رداً على بعض الأسئلة الصحفية، وأنه يأسف لكونها بدت وكأنها هجوم شخصي على الرئيس الأمريكي. لكن لم يدر بخلد دوتيرتي أن أوباما قد انتصر عليه بكل المقاييس، وأنه في اللحظة التي تلفظ فيها بإهانة الرئيس الأمريكي تسبب بخسائر تقدر بملايين الدولارات للفلبين. إذ بحسب صحيفة الاندبندانت البريطانية، ما أن وجّه الرئيس الفلبيني إهانته لأوباما وهدد بالخروج من منظمة الأمم المتحدة حتى بدأ مستثمرون أجانب في سحب الأموال من السوق الفلبيني. وقدرت الصحيفة الأموال التي خرجت من الفلبين في يوم واحد ب 58 مليون دولار. لكن ذلك يطرح سؤالاً يتعلق بالخبرة التي يتمتع بها دوتيرتي الذي انتخب حديثاً في مايو الماضي، والذي منذ تنصيبه في 30 يونيو، وإعلانه الحرب على المخدرات، تفيد الأرقام بأن أكثر من 2400 شخص قتلوا خلال عمليات المكافحة، وهناك عمليات قتل وإعدام تجري بدون محاكمات وخارج القانون، والمشكلة أنه رفض انتقادات الكنيسة والنواب ومنظمات حقوق الإنسان وحتى الأمم المتحدة المطالبة بقوننة هذه الحرب، فهل يستطيع دوتيرتي استيعاب الدبلوماسية على نحو أفضل من دون أن يتنازل عن مشروعه في محاربة الجريمة والمخدرات؟ اللافت في ذلك كله، هو موضوع النكات التي تبادلها الرئيسان، وما إذا كانت ضرورية للتغطية على الإهانات السابقة، وإضفاء جو مغاير يوفر إمكانية بدء حوار بينهما، لكنها في كل الأحوال تقدم درساً في فن الدبلوماسية، بعيداً عن العنتريات والكلمات النابية والتهديدات الفارغة. younis898@yahoo.com

مشاركة :