الحج موسم للإنسانية رسمها السعوديون | عبد الله منور الجميلي

  • 9/11/2016
  • 00:00
  • 39
  • 0
  • 0
news-picture

(1) (الحَجُّ) بمناسِكه، وكلِّ تفاصيله مدرسَةٌ كُبرى في الإنسانيَّة؛ ففيه تتلاشى وتذوب الفوارق بين البَشَر، وتَتَجلَّى بوضوح مبادئ العدالة والمساواة؛ فأولئك الحجَّاج الذين يقترب عددهم من الـ(3 ملايين)؛ تختلف جنسيَّاتهم، وألسنتهم، وانتماءاتهم، واقتصادياتهم، إلاَّ أنَّهم وَقْت حَجِهم يتوحَّدون قَولاً وفِعْلاً، فـ(غَايَتهمُ وشعائرهم وتحركاتهم واحدة، واللباس واحد، ولُغَة التَلْبِيَة والدعاء مشتركة بينهم، والمكان والزمان ظرفان يحتضنان الجميع في طمأنينة وسكون والتزام رغم الزِّحَام). في الحَجِّ تموت الطائفيَّة والمذهبيَّة والعُنصِريَّة بأشكالها المختلفة، فالمسلمون هناك في الأماكن المقدَّسة سواسية، لا فَرق بينهم إلاَّ فيما يُقدِّمه أحدهم لنفسه بين يدي الله تعالى؛ كل تلك المعاني السامية التي يزرعها الحَجُّ في النفُوس تنادي المسلمين عمومًا لِلخروج من دائرة الصراعات السياسيَّة والفكريَّة والمذهبيَّة؛ لتكون وحدتهم وسكينتهم أيام حَجِّهم باقية ومستمرة طِوال عَامِهِم. (2) (إنسانيَّةُ الحَجِّ) رسمتها المملكة العربيَّة السعوديَّة (حكومةً)، وهي تُقدِّم الدعم والرعاية والمليارات لكيما تجعل رحلة الحَاجِّ منذ قدومه لبلاد الحرمين، وحتَّى مغادرته ممتعة وسهلة وآمِنَة، تسكنها الروحانيَّة وتَشْغَلُها فقط العِبَادة. (إنسانيَّةُ الحَجِّ) أعلنتها المملكة (شَعْبًا)، حيث جَعَل من أولويَّاته السهر على راحة الحجَّاج، ولا أدلُّ على ذلك من تلكم الفِرق المتنوِّعة التي جاء أفرادها إلى مكَّة المكرَّمة، والمدينة المنوَّرة، والمشاعر المقدَّسة من مختلف المناطق ليعملوا على خدمة حجَّاج بيت الله تعالى (تَطَوُّعًا) دون أن يكترثوا لمخاطر الزِّحَام، ولهيب الصّيف. (3) (الروحُ الإنسانيَّةُ للحَجِّ) تجَسَّدت بتلك المواقف التي يُسطِّرها (رجال أَمْنِنَا البواسل) القائمون على خِدمة ضيوف الرحمن؛ فأولئك لم يكتفوا بمهام عملهم الرسميَّة الأمنيَّة والتنظيميَّة؛ لكنهم قَدّموا مواقِف ومشاهد تبصم على إنسانيَّتهم الكبيرة، وعلى أخلاقيَّاتهم النبيلة؛ تتناقلها دائمًا -باحتفاء- وسائل الإعلام ومواقع التواصل الحديثة. فما أنبلهم وهم يُرشدون تائهًا، ويُسَاعدون كهْلاً أو عاجزًا، أو مريضًا، وما أروعهم وهم يَرحمون صغيرًا أعياه التعب، وما أعظمهم وهم يَرْوون عطشَ الحَجِيْج، ويحاولون تخفيف شِدة الحَرِّ عليهم بقطراتٍ من الماء البارد. تلك الصور الإنسانيَّة التي يرسمها أولئك الأوفياء؛ جعلت أحد الصحفيين العَرب يُغَرِّد ذات حَجٍّ: (ما رأيتُه من رجالِ أمنِ السعوديَّةِ في الحَجِّ جعلُنِي أراجعُ نظرتِي الشموليَّةَ حولَ المؤسَّساتِ الأمنيَّةِ العربيَّةِ، فقدْ كانُوا قِمَّةً في التّفَانِي وحُسْنِ الخُلُقِ). فشكرًا لكلِّ أولئك الأوفياء، الذين رسموا الإنسانيَّة في أبهى صورها، وقدَّموا لدينهم، ثُمًّ لوطنهم، وضيوفه العطاء؛ فهم مصدر عِزِّنَا، وبهم، ومعهم نَرفع هَامَاتنا لعنان السماء، ونُردّد: (نحنُ السّعُوديُّون، ولْيَصْمُت كلُّ حَاقِدٍ). aaljamili@yahoo.com

مشاركة :