مع النسمات الأولى من صباح هذا اليوم .. نستقبل حلول عيد الأضحى المبارك بالتكبير والتهليل والفرحة على قضاء فريضة الحج الأكبر .. مرحبين بقدوم يوم الفداء والمودة والصلة والخير والعتق من قيود النفس الشحيحة.. فمرحبا بك يا يوم المكافأة من ربِّ السماء للنبيين الكريمين إبراهيم وإسماعيل صاحبي الفضل والعطاء .. أراد الأعداءُ بإبراهيم سوءًا .. لكنَّ الله جعَلَهم من الأسفَلِين .. كما يجعَلُ كلَّ أعداء الدِّين إلى يوم الدِّين.. .. عيد الأضحى المبارك .. في حروفه ومعانيه ومراميه يختزل دلالات ربانية روحانية لا يدركها إلا الأتقياء الذين يلتزمون أوامر الله ويجتنبون نواهيه ويقفون عند حدوده ويعظمون شرائعه وتعاليمه .. ليجسد معنى الفداء والتضحية.. لينطلق من مناسبة حيوية مهمة.. حيث نعيش الفرح الكبير فيه.. ويحاول أن يمدّ هذا الفرح من خلال ما يمدّ به هذه المناسبة في الذكرى تارةً.. وفي الممارسة تارة أخرى .. فهو عيد الأضاحي الذي فيه رمزية الفداء للإنسان الذي كرمه الله عند افتداء الله بذبح عظيم لنبيّه إبراهيم عليه السلام, ليصبح الذبح شعيرة من شعائر الدين تأكيدًا لقداسة هذا الإنسان وحرمة إراقة دمه .. حيث لا عبرة في إراقة دم الحيوان إلا التزام المسلمين بمبدأ السلام وصون كرامة الإنسان في هذه الحياة القائمة على سنة التنوع والاختلاف والتدافع في الأرض .. وإحياء مبدأ التكافل بين الناس حين يتذكر الغني جاره أو أخاه الفقير.. فأنت بالأضحية تتقي الله بسلوك منهجه القويم في السلام والمحبة والعطف والتراحم. يأتي عيد الأضحى المبارك لعله يجدد محبتنا لأنفسنا التي ذابت في ملفات الهموم وضاعت في جراح تنزف وحياة تزداد تعقيداً .. وكل تلك الإفرازات السلبية التي تحاصرنا طوال العام .. عيد سعيد على المسلمين عامة.. وعلى كل من يريد أن يستشعر العيد بعيداً عن إحساس التأنيب المستمر .. والجلد الذاتي الذي يمارسه البعض على أنفسهم .. ونحن بالتأكيد سنسعد أيما سعادة بالعيد عندما تنتهي الأحقاد وتذوب الفوارق بيننا .. ويظهر الإيثار ويتعاظم السباق على التصافح والعناق وتمتد الأيادي لبعضها البعض من أجل صلة الأرحام وإنهاء القطيعة ومنع الأذية .. وتتداول فيه الهدية لتصفى النفوس وتغسل الأدران وتلتقي القلوب الرحيمة والأفئدة الرقيقة لتبدأ مع إشراقة صباح العيد صفحة جديدة من الألق والرخاء والصفح الجميل .. وفي إحساسنا المشروع .. بأن هذه أيام عيد وسعادة وفرح .. لكنها ستكون مجردة من بهجته وكئيبة كأيامنا المليئة بالحزن على إخوتنا المنكوبين في دول عربية باتت مقطعة الأوصال ومسرحاً للمناحرات والصراعات القميئة ، داعياً أن يكون الله مع أمهات المفقودين والمصابين ، والمنكوبين واللاجئين ، وأن ينصر الحق ويثبت أقدام المقاومين في مواجهة أعداء الأمة ، وان يتم علينا العيد بعد أن بنفض عن وطننا العربي غبار الفئوية والطائفية والمذهبية المقيتة ، ويطهر النفس من رجس الكراهية والحقد كما يطهر الثوب الأبيض من الدنس. وأخيراً سيبقى العيد هو الفرحة التي تقتحم قلوبنا رغماً .. وسنظل نحتفي به وندعو الله في كل عيد أن تأتي الأعياد القادمة وقد تحققت كل امانينا بنصرة الأمة وإدامة الأمن والسلام والهناء على الأردن وشعبة ومليكه وان ينعم بها على كل بلاد العرب والمسلمين .. وخروجاً لامتنا العربية من براثن الفتن والمحن ما ظهر منها، وما بطن.. وأن يعيد للعرب أمرهم ولم شملهم ويؤاخي بينهم وينصرهم على أعدائهم.. إنه على كل شيء قدير ودمتم سالمين .. كل عام وانتم بخير
مشاركة :