ترتبط زيادة احتمالات الانتعاش الاقتصادي بسرعة، بمؤشر الحياة الأفضل، إذ كلما كان أعلى كلما تعزز الانتعاش، وفقاً لخبراء سويسريين. واستُحدث مؤشر الحياة الأفضل عام 1990، وتبنّته منظمة الأمم المتحدة عام 1993 نظراً إلى أهميته في قياس تطور البشر، الرامي الى تحسين نمط الحياة الشخصي والاجتماعي. وعن كيفية عمل هذا المؤشر، فهو لا يأخذ في الاعتبار الناتج الفردي السنوي في أي دولة من دول العالم فحسب، بل يركّز أيضاً على درس الجوانب التعليمية للفرد فضلاً عن تطلعاته وطموحاته المستقبلية، ومدى قدرته على السفر حول العالم. ففي العام الماضي، احتلت النروج وأستراليا وسويسرا المراتب الأولى عالمياً في لائحة هذا المؤشر، وتراجعت سويسرا إلى المركز الرابع هذه السنة. ويشير الباحثون الاقتصاديون في جامعة زوريخ، إلى أن مؤشر الحياة الأفضل بات بين المقاييس التي تحسب له المنظمات الحكومية الدولية ألف حساب قبل اتخاذ قرارات مهمة. إذ يخوّل هذا المؤشر المقارنة بين الدول، لا سيما الصناعية منها للنجاح في رصد انتعاش أدائها الاقتصادي أو تراجعه. ويضم هذا المؤشر آليات قياس، مثل التوازن بين العمل والحياة الخاصة والصحة والعمل والدخل الشهري، ودرجة العلم والعلاقات العامة. ولا شك في أن كل فرد في المجتمع السويسري مثلاً، عبارة عن آلية إنتاجية اقتصادية تجتمع مع آلاف الآليات الاقتصادية المماثلة، لتكوين ما هو معروف بالناتج الاقتصادي المحلي. ولا يعتمد الخبراء السويسريون على مؤشر «الحياة الأفضل» لقياس مركز سويسرا مقارنة بالدول الأخرى، بل هم يعولون أيضاً على مؤشر آخر لقياس «التقدم»، وهو معروف تقنياً باسم «جونوين بورغريس إينديكاتور»، واستُحدث في تسعينات القرن الماضي بدوره، ويضم في سلته الحيوية أربعة مقاييس، هي النشاطات الإجرامية والوقت الحر ومعدل البطالة، ووتيرة الطلاق الزوجية. ويميز المؤشر الثاني بين الإنفاق الفردي «الإيجابي» لشراء السلع والخدمات مثلاً، بهدف تحسين نمط الحياة، وذلك السلبي الذي يتأثر بتكاليف النشاطات الإجرامية، ودرجة المديونية والتلوث الذي لديه انعكاسات كثيرة على الصعيد الصحي. ويلفت الباحثون الجامعيون في مدينة لوزرن، إلى أن مؤشر الرفاهية الاقتصادية، الذي استُحدث في ثمانينات القرن الماضي، هو المقياس الأدق والأفضل في القارة العجوز، كونه يجمع البيئة والاقتصاد والمجتمع تحت سقف واحد. ويتطرق هذا المؤشر الى درس كيفية توزيع الدخل الفردي في المجتمعات الصناعية المتقدمة. ولافت أن مصير الطبقات الاجتماعية الوسطى في أوروبا لن يكون وردياً على المدى الطويل، نظراً إلى مقياسين، هما كثرة الوقت الحر الذي تُنسب إليه قيمة اقتصادية، وارتفاع وتيرة العمل المنزلي غير المدفوع. على صعيد سويسرا، يتوقع هذا المؤشر ارتفاع عدد الفقراء على حساب رفاهية اقتصادية ستكون في أيدي عدد متزايد من الأغنـــياء الذين يربحون كل ساعة نهاراً وليلاً على مدار السنة، وفقاً للتقديرات المحلية، ما لا يقل عن عشرة آلاف فرنك سويسري.
مشاركة :