شبان يمنيون يخاطرون بحياتهم لإنقاذ الحيوانات

  • 9/12/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

فيما المعارك مشتعلة على مختلف الجبهات اليمنية ولم يعد للناس من هم سوى النجاة بأرواحهم وأرواح ذويهم، كان مراد العواضي (30 سنة) يتنقل بين المحافظات وحدائق الحيوان محاولاً توفير الحد الأدنى من الحماية للحيوانات، خصوصاً تلك العالقة في مناطق النزاع. وفي البلد الأفقر الذي قلما أعطى اهتماماً كبيراً لحياة الإنسان، يبدو الاهتمام بالحيوانات، خصوصاً غير الأليفة، ترفاً ومثار استغراب وتهكم, على غرار حملة السخرية الواسعة التي قوبل بها خبر محاولة الاتحاد الأوروبي نقل حيوانات حديقة تعز إلى دولة جيبوتي حفاظاً على حياتها. هكذا يبدو اهتمام العواضي ورفاقه في مؤسسة «الحياة البرية المهددة» (غير حكومية) بالحيوانات. حالة نادرة في اوساط الشباب اليمني النازع يوماً بعد يوم الى القتال، خصوصاً منذ تعطل مسار النضال السلمي واندلاع حرب اهلية على خلفية الانقلاب المسلح. وتعود بداية العمل التطوعي للعواضي الى 2013 بعد تخرجه في الجامعة، اذ عمل مع منظمات إغاثية وأطلق مبادرات شبابية قبل أن يلتحق بالفريق التطوعي التابع لمؤسسة «الحياة البرية المهددة». وذكر العواضي لـ «الحياة» أن التعامل مع الحياة البرية يجذبه اكثر من التعامل مع اشكال الحياة الأخرى في بلده، موضحاً أنه يستمتع بالعمل في الطبيعة والاختلاط بالناس البسطاء، لاسيما أن عمله ذلك يتيح له اكتشاف أماكن جميلة لم يتوقع يوماً وجودها في اليمن. وتعد حديقة الحيوان في مدينة تعز الأسوأ حالاً لجهة الأضرار التي طاولت الحيوانات نتيجة النزاع المسلح المستمر منذ اكثر من 16 شهراً. ويقول عاملون في الحديقة وناشطون بيئيون إن حرمان الحيوانات من الطعام دفعها الى افتراس بعضها بعضاً وموت بعضها الآخر جوعاً. وأفيد عن نفوق ما لا يقل عن 11 أسداً و6 نمور. ووثق العواضي ما سماها «الأوضاع المزرية» التي تشهدها حديقة الحيوان في تعز، مقترحاً نقل مهمة الإشراف على الحديقة الى جامعة تعز، فيما اطلق ناشطون في السويد حملة تبرع على الإنترنت جمعوا خلالها ما لا يقل عن 30 ألف دولار لإنقاذ حيوانات الحديقة. وتقول «مؤسسة الحياة البرية» إن تجويع حيوانات حديقة تعز كان متعمداً ونفذته أطراف في الداخل والخارج، بهدف الكسب المادي. فتهريب الحيوانات والطيور النادرة والمهددة بالانقراض وبيعها، يشكلان تجارة رائجة على المستوى الإقليمي والدولي. كما تضم شبكة الإنترنت مواقع يمنية تمارس تجارة الحيوانات وسجلت عمليات تهريب حيوانات نادرة من اليمن وبيعها في دول مجاورة. وأكدت مصادر رسمية لـ «الحياة» ضلوع موظفين حكوميين في تهريب طيور وحيوانات نادرة بينها نمر واحد على الأقل من نوع النمر العربي المهدد بالانقراض. ويشكل الصيد الجائر أبرز الأخطار التي تتهدد الحيوانات والطيور النادرة في اليمن. ويأخذ صيد الوعل طقساً شعبياً في محافظة حضرموت (شرق) التي تحتضن سنوياً مهرجاناً شعبياً ينطلق خلاله الشبان في البراري لصيد الوعول في تقليد محلي يعود إلى آلاف السنين. ويسعى الفريق التطوعي في مؤسسة «الحياة البرية المهددة» إلى نشر الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة البرية والنباتية. ويقول محمد المهدي (26سنة) لـ «الحياة»:» نراهن على الأجيال الجديدة في استيعاب أهمية الحفاظ على البيئة»، مشيراً إلى حملات توعية نفذت في عدد من المدارس في المناطق الريفية. وشهدت صنعاء انتشاراً للعيادات البيطرية وتأسيس جمعيات تختص بحماية الحيوانات. وتقتني عائلات ثرية متأثرة بالثقافة الغربية قططاً وكلاباً فيما نشرت صحيفة يمنية إعلاناً عن قط ضائع معلنة عن مكافأة قدرها 10 آلاف ريال (أقل من 50 دولاراً) لمن يعثر على القط. ويقول محمد مفتاح (25 سنة) وهو من أبناء محافظة عمران ويعمل ضمن الفريق التطوعي لـ «مؤسسة الحياة البرية»، إن اهتمامه بالحيوانات اهتمام غريزي ينبع من انتماء مختلف الكائنات الحية وغير الحية إلى بيئة واحدة. بيد أن الطالبة في جامعة صنعاء أحلام مسعود ترى أن الاهتمام بحياة الإنسان في اليمن مازال ضعيفاً ناهيك بحياة الحيوان، مستدلة على ذلك بضعف صوت السلام لدى القادة السياسيين والدينيين والمثقفين والزج حتى بالأطفال في القتال، فضلاً عن استمرار ظاهرة دهس حيوانات في الشوارع والطرق الطويلة. وتقول «مؤسسة الحياة البرية» إن عدداً من الكاميرات الحرارية التي نصبتها في بعض المناطق لرصد وجود النمر العربي تعرضت للسرقة من مجهولين. وبات اقتناء خيول وحيوانات مفترسة وطيور جزءاً من ديكور النخبة الحاكمة وتعبيراًً عن الوجاهة. ويروي الموظف الحكومي عادل دماج حكاية زعيم قبلي في صنعاء أطلق النار على طاووس في فناء منزله بعد ما تبين له أن الطاووس يصرف الأصدقاء الحاضرين في مقيل القات عن الانتباه إلى حديث الشيخ. وإذ لم يتسن تأكيد الرواية أو نفيها في شكل قاطع، يبقى أن التباهي بها هو ما يعتبر الشائع من السلوك، والمتعارف عليه في معاملة الحيوانات.

مشاركة :