لست مع من يتربص بمن يظهرون فرحتهم بالعيد، مذكرا إياهم بالمصائب والبلايا. هذا السلوك الخاطئ الذي نراه من خلال خطابات البعض عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يعد افتئاتا على سماحة ديننا وأهله. فرحة العيد عندنا تتكرر في العام مرتين، من أجل ملامسة السعادة والفرح، والتعبير عن هذا الفرح بمختلف الطرق المباحة. أما من يعملون على إطفاء الفرحة، ولوم المبتهجين بهذه الهبة الربانية، فإنهم قد استغرقوا في خطوة تعزيز التنفير منهم ومن خطابهم الذي يتجاهل مثل هذه الفرص السانحة للفرح والاحتفاء. إن الحياة جميلة بكل ما فيها من تفاصيل، والذين يستحضرون رايات السواد في أوقات الفرح، لا شك أنهم يرتكبون خطأ فاحشا في حق الأجيال الجديدة التي تبحث عن خطاب يجذبها صوب الحياة وعمارة الأرض والتفاعل الإيجابي. إن افتقاد بعض خطاباتنا للرشد، أفضى إلى مشكلات أوجدت لدى بعض أبنائنا قطيعة مع الدين. وحتى لا يغضب من يغضب، سأستدرك وأقول إن هذه حالات نادرة، لكن وجودها يعكس أزمة علينا أن نفكر فيها. وهذه الأزمة يقابلها أزمات أخرى تتمثل في خطابات الكراهية والموت والغلو والتطرف الذي يتسيد في عالمنا بشكل أفضى إلى ممارسة عقاب جماعي ضد المسلمين في العالم. ويظهر هذا العقاب، من خلال ردود الأفعال العنصرية، والقرارات المضادة، التي نتجت عن الفتك بصورتنا الذهنية. إن الأكثرية المعتدلة في بلادنا وبقية بلاد المسلمين، من حقها أن تعيش حياة تتسق مع اعتدالها، إذ ليس من المناسب أن تتم محاربة خطابات الغلو والتطرف، وفي المقبل تلجأ جهات أخرى إلى تحقيق ما ينادون به من إلغاء لكل مباهج الحياة. نحن نعاني الفكرة العامة التي يتم تسويقها، باعتبارها تلبية لمطالب الناس أو بالتعبير المصري "الجمهور عاوز كده"، فهل المسلم المعتدل يحتاج إلى خطابات تحرضه على الزهد في الحياة والقطيعة مع مظاهرها، وانتظار الموت؟ إن هناك من يتعمدون القفز على التعبير الرباني العظيم "ولا تنس نصيبك من الدنيا". هذا الاجتزاء الذي تم صياغة الفكر من خلاله، أعطانا نماذج يتأصل فيها التوحش والتغول والإفراط. نحتاج إلى مراكز دراسات للرأي العام، تخبرنا ماذا يريد الجيل الجديد؟ فهذا الجيل هو المستقبل، وسلامته من الأفكار المتطرفة مسألة واجبة. هذا العيد فرصة سانحة للتعبير عن الفرح، فديننا رحب، وفيه مساحات بيضاء تتسع للجميع. والغريب أن البعض يتخصص دوما في وضع السواد وسط كل هذا البياض. احذوروا هؤلاء. كل عام وأنتم بخير.
مشاركة :