رسالة الجنادرية إلى كوكب الأرض

  • 2/19/2014
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

في الأسبوع الماضي كانت مقالتي عن الدور المهم والفاعل الذي يلعبه المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) في حفظ التراث للأجيال القادمة، وطالبت من خلال المقالة بإشراك الشباب في برامج وأنشطة وفعاليات المهرجان الوطني لضمان استمرار التواصل الثقافي والمعرفي بين الأجيال ومعهم، فإشراكهم في البرامج المعرفية واجب وطني وإنساني؛ لإثراء معارفهم، وضخ أكبر قدر ممكن في عقولهم من ميراثهم الشعبي الذي يعزز حضورهم في المشهد الثقافي ويجعلهم على تواصل دائم مع تراثهم الإنساني الكبير والعظيم، وإشراكهم في الأمسيات الشعرية، والثقافية مع الرواد -ليستفيدوا من خبراتهم وتجاربهم- مطلب حضاري؛ ليستمر العطاء والبناء وهم على اتصال حقيقي وامتداد متواصل مع هذه الجسور الممتدة والمتصلة بين الماضي والحاضر لثقافة الوطن. جاءت كلمة الجنادرية هذا العام رسالة قوية ومؤثرة ومكملة لمشروع خادم الحرمين الشريفين في مكافحة الإرهاب، ومتممة لقراره التاريخي الذي صدر مساء الإثنين الماضي ويقضي بما تضمنه الأمر من إجراءات وجزاءات ضد من يشارك في أعمال قتالية خارج المملكة، أو الانتماء للتيارات أو الجماعات المتطرفة -وما في حكمها- الدينية أو الفكرية، أو المصنفة كمنظمات إرهابية، وقد تلقى الشعب هذا القرار بارتياح تام لما يتمتع به من عمق الرؤية ونضوج التجربة، ولما للقرار من أهداف تصب في المصلحة الوطنية التي تحافظ على قوة هذه البلاد وثباتها على مبادئها الراسخة، ومؤكدا لدعم التلاحم والتآزر وصلابة النسيج الاجتماعي ووحدة الصف والحفاظ عليه من التناحر والفرقة والشتات والضياع، امتثالاً لقوله سبحانه وتعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)، وضماناً لحفظ الدولة من كل متجاوز للمنهج الذي تسير عليه منذ تأسيسها، وما يمثله النظام العام الذي يحفظ الأمن والاستقرار والعيش في رخاء بعيدا عن الصراعات المذهبية، وتجنباً للأفكار الدخيلة التي تكون وبالاً على الشعوب، وعادة ما تكون هذه الأفكار معاول هدم تعمل على تدمير البنية الاجتماعية المتمثلة في شباب الوطن، وتعمل على انكسار وتفتيت اللحمة الوطنية التي لا نسمح بأن تكون عرضة للمزايدات، والمساومات، وإطلاق الشعارات الكاذبة التي تثبت دائما فشلها في زعزعة أمن واستقرار هذا البلد، ولتبقى بلادنا مصدر اطمئنان وأمن وأمان، ولتثبت للعالم أننا دعاة للسلام في جميع أنحاء الأرض، وأن العلاقات الدولية مع الوطن تنطلق من مبدأ الاحترام المتبادل بين الحكومات والشعوب بعيدا عن التصنيفات المذهبية والسياسية والطائفية والفكرية، سواء على الصعيد الإقليمي أو الصعيد العالمي. فمهرجان الجنادرية كما وصفه وزير الحرس الوطني بأنه رمز الوطن.. ووفاء للأجيال.. وذكرى لمسيرة طويلة من البناء والعمل.. ووقفة مع النفس للعبر والدروس.. وصعيد جاد للحوار الهادف، وهي مناسبة للفرح بالوطن، بكل مكوناته الجميلة، وبكل ما تختزنه ذاكرته من إبداعات أبنائه الفنية والتراثية والفكرية. لقد كان حفل الافتتاح رائعاً كالعادة بحضور الفرق الشعبية التي أدت الألعاب الشعبية أداء رائعا، تبادلت فيه الفرق فنونها المختلفة بلوحات فنية موزعة على مقاطع غنائية استعراضية من الموروث الشعبي الفني والحرفي في جميع مناطق المملكة، ومحافظاتها بكل اختلافاتها وتقاطعاتها، وما تتميز به من تنوع ثقافي على امتداد الرقعة الجغرافية بسهولها وهضابها وجبالها ووديانها وبرها وبحرها، وإبراز دور المملكة الإنساني وعطائها الممتد إلى آخر حدود العالم، ووقفات القيادة والشعب الإنسانية مع كل المستجدات الدولية، فما قدمه الأوبريت هو رسالة واضحة لكوكب الأرض بأننا دعاة للسلام. وجاء برنامج الفعاليات يجمع نخبة من المثقفين والأدباء والمفكرين من داخل المملكة وخارجها، تناولوا عديداً من المواضيع التي تحاكي المتغيرات والمستجدات على مستوى العالم العربي وما يحيط به في ظل ما يشهده العالم من اضطرابات ومتغيرات، وما يصاحبها من تحولات في المشهد الثقافي والسياسي والاجتماعي والفكري، من خلال نقاش جاد وموضوعي وصريح يجسد هوية الجنادرية ومنهجها الذي دعت إليه منذ انطلاقتها قبل أكثر من ثلاثين سنة، ولعلي أتناول بعض المحاور المهمة في مقالات مستقلة مستقبلاً إن شاء الله. منذ موسمين عمدت اللجنة الثقافية في الجنادرية إلى إشراك بعض مناطق المملكة في استضافة بعض الفعاليات الأدبية والأمسيات الشعرية التي تم توزيعها على عدد من مناطق المملكة بالتعاون مع الأندية الأدبية التي تحتضن هذه الفعاليات، وكانت تراودني فكرة تم تقديمها إلى نائب رئيس اللجنة الثقافية في المهرجان الوطني للتراث والثقافة، وهي تتلخص في أن تقوم اللجنة المنظمة بإعداد أمسيات شعرية للشباب في القرى التراثية على أرض الجنادرية؛ لتعريف الشباب بتراث أجدادهم وآبائهم، ولإشراكهم في الفعاليات التي يقدمونها لزوار القرية التراثية من الداخل والخارج، وهو نوع من التجديد، ومساهمة فعلية تستحق الاهتمام لمشاركة الشباب في المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية).

مشاركة :