احتفلت الطوائف الإسلامية في لبنان بعيد الأضحى المبارك، غير أن الظروف السياسية والاقتصادية الداخلية والتطورات الدموية في المنطقة، خيمت على حركة معايدة السياسيين الذين اعتذر معظمهم من مناصريهم على عدم تقبل التهاني، مثلما خيمت على خطب العيد الأزمة السياسية القائمة و «ما تعانيه الشعوب المقهورة» في المنطقة. وفي غياب مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان عن لبنان لأدائه فريضة الحج وغياب رئيس الحكومة تمام سلام بداعي السفر، تولى أمين الفتوى في الجمهورية الشيخ أمين الكردي تمثيل دريان في خطبة العيد في مسجد محمد الأمين في قلب بيروت، وأم المصلين في حضور الأمين العام لمجلس الوزراء فؤاد فليفل ممثلاً سلام، وحضر النائب عمار حوري ممثلاً زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري، وشخصيات. خطبة العيد وأسف الكردي في الخطبة لـ «سقوط الإنسانية المعاصرة أمام امتحانات عدة، فعلى مرأى ومسمع العالم كله لا تزال فلسطين وقدسها الشريف نموذجاً صارخاً للاحتلال واغتصاب الأرض ومحاولة تزييف التاريخ وطمس الحقائق ومخالفة القوانين والأعراف الإنسانية. ولا يزال الجرح النازف في العراق وفي سورية وفي أكثر من بلد في العالم حجة على الدول الكبرى في تخاذلها وتآمرها ومحاباتها للظالم على حساب المظلومين من الشعوب المقهورة والنفوس البريئة». وأكد أن «المجزرة بالأمس في أسواق إدلب، بقصف الطائرات الناس وهم يتحضرون ليوم العيد، وصمة عار على جبين هؤلاء جميعاً». وشدد على ان «الإسلام دين التلاقي وليس النزاعات، ودين الحب وليس الكراهية، فلن يؤثر في جوهر هذا الدين وصفائه، لا تشدد المتشددين ولا تفلت المتفلتين، بل هو دين الاستقامة والوسطية والفكر والحضارة والإنسانية بلا منازع. ونحتاج اليوم إلى أن نرسخ هذه المعاني وننهض بهذه الثقافة الإيجابية لتسمو حضارة البشر إلى أعلى مراتب الإنسانية والذوقيات والجمال والرحمة والعدل». وقال: «إن روحية التلاقي والوحدة واستثمار التنوع والتغاير بين البشر لما فيه منفعتهم أحوج ما نحتاج إليه في لبنان، فاختلاف الرأي ينبغي أن يكون سبباً للوصول إلى الصواب، وتنوع الثقافات ينبغي أن يكون باباً للرقي، وتعدد المشارب السياسية ينبغي أن يكون تنافساً على خدمة الوطن والمواطن. أما أن تتحول السياسة إلى خصومات الأهواء والمصالح وتضيع معها المصالح، فهذا مرفوض بكل المعايير». وسأل: «من يتحمل اليوم أزمات البلد الأمنية والمعيشية والصحية والبيئية؟ إننا بحاجة إلى صحوة ضمير نستنقذ بها هذا الوطن الجميل الذي يجمعنا». وبعد الخطبة، توجه الكردي وفليفل وحوري والنواب وشخصيات إلى ضريح الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري حيث تليت الفاتحة. نعيم حسن وأم شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن الصلاة في مقام عبدالله التنوخي في عبيه، في حضور عدد من الفاعليات الروحية والمدنية وحشد من رجال الدين. وتحدث في خطبة العيد عن «النكبات التي تقصم ظهر الأمة، وتفتت بنيانها، وتوهن عقدها، وتجعل من حماها ملعباً لمصالح الدول الكبرى». وشدد على أن «الجبل، بقيادته السياسية، وتراثه الروحي، يحمل رايةً وطنية، وهي راية الحوار والاعتدال وثوابت الميثاقية الصادقة، وما نشهده في هذه الأيام من اشتداد للمواقف المتباعدة والذهاب إلى انقطاع لغة الحوار، مع ما يحيط بنا من أزمات وصراعات، وفي ظل الشغور المعيب في موقع رئاسة الجمهورية والشلل القاتل في عمل المجلس النيابي، والتعطيل المتمادي لعمل الحكومة، يجعلنا أمام تحديات خطيرة تهدد مستقبل البلاد والمؤسسات برمتها، وكأننا لم نتعلم بعد من دروس الماضي». ودعا «كل القوى السياسية إلى تقديم تنازلات ومنع انهيار قطاعات الدولة بدءاً من حفظ عمل الحكومة، وتقديم الحصانة السياسية لمؤسستي الجيش وقوى الأمن الداخلي، والانصراف إلى حل سياسي داخلي بامتياز». مفتيا طرابلس وصيدا أما مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار، فقال من المسجد المنصوري الكبير في عاصمة الشمال في حضور نيابي وشخصيات: «في ديننا، حرام علينا أن نعتدي على هرة، فما أنتم قائلون في ما يحدث حولنا؟ في سورية، العراق، اليمن، ليبيا، بورما وفي فلسطين؟ أطفال تيتم، نساء ترمل ويعتدى عليها، ورقاب تقطع ودماء ذكية تسيل، وبلدات وقرى تدمر وتدك البيوت بالطائرات والبراميل المتفجرة ويرحل الناس عن أرضهم ومدنهم وقراهم، أين ضمير العالم؟ بل أين هيئة الأمم؟ أين العالم كله؟». ورأى أن الهدف «أن تنشأ العداوات بين المذاهب والفرق وتتفجر الضغائن المذهبية ليتحقق التصادم وليحدث التقاتل وحتى ننشغل بأنفسنا عن عدونا الأساسي إسرائيل». ودعا مفتي صيدا الشيخ سليم سوسان، في خطبته في مسجد بهاء الدين الحريري، في حضور رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة، وفاعليات من صيدا ومخيماتها، إلى «الاسراع في انتخاب الرئيس لتعزيز السلم الأهلي ودور الدولة». وقال: «كما أكدنا وحدة لبنان وحريته، نؤكد عروبته وانتمائه، ولن يكون إلا مع اخوانه العرب في كل قضاياهم المحقة».
مشاركة :