لا يمكن أن تصف (خامنئي) إلا بالبلادة السياسية، وإلا ما دخله بفريضة الحج التي يتحدث عنها بطريقته المريبة، ليس الآن، وليس السنة الماضية، ولا التي قبلها ولكن كل سنة، يخرج من (فيه) كلام يعكس حجم (البلادة) التي استوطنته من رأسه حتى أخمص قدميه. وإذا قال خامنئي ذلك فإن بقية الساسة الإيرانيين لا يتورعون بترديد ما يقول، فالبلادة السياسية تعدي، فكلهم قالوا إن بلادنا لم تقم بأمر الحج كما ينبغي زورا وبهتاناً، وكرر ذلك بعدهم بعض المطبلين لولاية الفقيه، ولكن الحق يبقى أبلجاً، فأمر الحج بين أيد أمينة وبتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الذي بدا في عهدهم كأسهل شعيرة يمكن أن يقوم بها المسلم. الدولة السعودية منذ قيامها عززت البيت العتيق حرما آمنا كما أراده الله له، يأتيه رجال من كل فج عميق، يطلبون رضوان الله ومغفرته، جعلته أكثر هيبة، جعلته تحفة معمارية، جعلته أكثر اتساعاً، جعلته أكثر سهولة، ومن أراد معرفة ذلك فإمكانه أن يدخل محركات البحث على الإنترنت النصية والمرئية ليرى ما يعجز ساسة إيران عن فعله. ولكنك حين تدخل محركات البحث عن (الوفد الإيراني) في الحج طوال العقود الماضية سترى كمية الفساد والإفساد التي انتهكوا بها حرمة المكان، سترى المظاهرات وصور الخميني والطعن والدماء على أعتاب أسوار الحرم المكي، سترى اعتراض الجموع، سترى القتل، وأخيراً - هذا العام - سترى منع الحجاج الإيرانيين من تأدية فريضة الحج بفعل سياسة بليدة لا تعرف غير الدماء. النظام الإيراني ومنذ مجيء الخميني قبل 37 سنة لا يريد سلاماً في الحج، بقدر ما يريد فرض أجندة طائفية يمزق بها شمل المسلمين، بدليل (تصدير الثورة) التي راهن عليها ولكنها فشلت أن تبلغ مداها، بفضل الله أولاً ثم بفضل وعي العالم الإسلامي الذي مازال يعاني من تخبط السياسة الإيرانية في كل اتجاه. النظام الإيراني لا يريد إفساد الحج فحسب، بقدر ما يريد إفساد الإسلام كدين، بتبنيه الطائفية وإذكاء الحروب وتفريق المسلمين، وهذه الصورة يمكن أن تراها ممثلة في الأحزاب التي اخترعها مثل: ما يسمى بحزب الله والحشد الشعبي والحوثيون وما يندرج تحتهم من مسميات، صنع تلك الأذرع الطائفية لتكون أداة لضرب جسد المجتمع المسلم: في اليمن وسوريا والعراق ولبنان، حتى تتاح له إمبراطورية فارسية، ولكن هيهات له (فلا كسرى بعد كسرى). السعوديون حكومة وشعباً لا يعبؤون بالتصريحات الإيرانية الشاذة فقد تعودنا من الملالي كل ما هو أسوأ، ولكن يبقى الحج خطاً أحمر، حجت إيران أم لم تحج، صرح خامنئي ضد السعودية أم التزم الصمت، لا يهمنا سوى خدمة حجاج بيت الله، وحمايتهم من كل سوء، فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج.
مشاركة :