تكتسي أيام عيد الأضحى طابعاً خاصاً عند المغاربة، فبالإضافة إلى خضوعها لقوة الأعراف والتقاليد المتعلقة بهذه المناسبة، فهي أيضاً فرصة ينتظرها عدد كبير من الشباب من أجل امتهان مجموعة من المهن الخاصة بهذه الفترة من السنة دون غيرها. ويعد الدافع وراء ذلك هو الهرب من قسوة البطالة التي عصفت بنسبة كبيرة من الشباب في ظل غياب فرص عمل حقيقية، الشيء الذي يدفع عدد كبير منهم إلى اغتنام الفرصة وطرد شبح العطالة ولو بشكل مؤقت. تجارة وفرص عمل موسمية يجد بعض الشباب المغاربة من العاطلين عن العمل في أيام عيد الأضحى، فرصة لامتهان بعض الأعمال ولو بشكل مؤقت تنسيهم مرارة العطالة في باقي أيام السنة في ظل أزمة العمل التي يعرفها المغرب، وغياب فرص العمل في أغلب المدن خصوصاً الصغيرة، والتي تفتقر إلى مصانع ومشاريع قادرة على توفير وظائف للشباب. يقول رشيد أرزان، شاب في بداية عقده الثالث، حاصل على الإجازة في شعبة الجغرافيا، إن عدم تحصله على عمل وتنقله المستمر بين الحرف يجعله يتطلع إلى مثل هذه المناسبات لأجل كسب قوته دون انتظار الوظيفة. وأضاف أرزان في حديثه لـ"هافينغتون بوست عربي": "أمتهن 3 مهن خلال هذه الفترة، بداية بنقل الأضاحي لأصحابها من السوق نحو المنازل باستعمال عربة يدوية نهاراً، وتحديد السكاكين وأدوات الذبح ليلاً، فيما أقوم بتقديم خدمات الذبح يوم العيد بمساعدة ابن أخي"، فيما اعتبر المناسبة فرصة تكسبه مبالغ مالية مهمة، لتلبية حاجياته الشخصية والعائلية لأشهر القحط التي تليها، وفق تعبيره. ويرى مصطفى دو (18 سنة) في عمله أيام العيد فرصة لكسب بعض المبالغ المالية لتوفير ما يحتاجه من ملابس ومصاريف جيبه للخروج رفقة زملائه، فوظيفة والده كأستاذ بالمرحلة الثانوية قادرة على توفير حاجيات الأسرة، قائلاً: "أعمل في هذه المناسبة فقط من أجل تدبير أموري الشخصية دون الحاجة إلى طلب المال من أبي، فأنا أفضل الاعتماد على النفس عوض الاتكال على الغير". مهن خاصة بالعيد لعيد الأضحى مهن خاصة تظهر فقط في هذه المناسبة، وتختفي مع أول أيام العيد، تماماً كما هو الحال بالنسبة لباقي المناسبات الخاصة، والتي تعرف رواج بعض الأنشطة التجارية المتعلقة بها دون غيرها. وترتبط مهن تحديد السكاكين، وأدوات الذبح، وتقطيع اللحم، خلال هذه الفترة من السنة في المغرب بعيد الأضحى، إذ يُقبل الشباب على هذا النشاط التجاري قبل أيام قليلة من العيد، وينتشرون بشكلٍ كبيرٍ في معظم أحياء المملكة إضافةً إلى بيع العلف. وتشهد معظم الأحياء أكواخاً يشيدها شباب لتسيير نشاطهم التجاري، وفي الغالب ما تضم هذه الخيمات إضافة إلى المواد السالفة الذكر، الفحم الذي يعتبر مادة أساسية في العيد، خصوصاً أن أغلب الأسر المغربية تفضل طهي الطاجين والشواء على نار هادئة باستعمال الفحم. فاطمة، امرأة في عقدها الخامس تقول في حديثها لـ"هافينتون بوست عربي"، إنها دائبة على ممارسة أنشطة متعددة أيام العيد منذ ما يزيد على 15 سنة، أي بعد وفاة زوجها. وتعمل فاطمة في العديد من المهن الموسمية رفقة ابنها البكر، الذي أصبح اليوم مساعدها وشريكها في بيع "الجلبانة والشعير" (العلف)، وتشير إلى الدافع وراء هذا النشاط قائلة: "نعمل اليوم في بيع الشعير والجلبانة بحكم ارتفاع الطلب عليها، وهي مواد يقبل عليها الناس فقط أيام عيد الأضحى، بينما نغير نشاطنا التجاري وفق الموسم وما تتطلبه السوق". حراسة شخصية وخدمات أخرى ويعرض بعض الشباب خدماتهم على المواطنين في هذه المناسبة، وهي خدمات تتطلب من الشاب أن يكون على قدر من القوة الجسمانية حتى يؤديها بشكل جيد، فبعد شراء الأضحية يحتاج المواطنون إلى وسيلة لنقلها إلى البيوت، وهنا يكمن دور الشباب، حيث يعرضون على المشترين خدمة إيصال الأضحية إلى المنزل، سواء باستعمال عربات يدوية أو نقلها على الأكتاف. فيما يُقَدم شباب آخرون خدمة مغايرة وهذه المرة لبائعي المواشي الذين يحملون معهم أموالاً كثيرة، خصوصاً في الأسواق التي تقع في أماكن معزولة، حيث يستعين التجار بشباب ذوي بنية جسمانية قوية لحمايتهم من عصابات السرقة بالأسواق، وملازمتهم مقابل أجر يومي كحراس شخصيين، حيث يؤدي الشاب دور "البودي غارد"، وحماية مالكي الماشية من أعين اللصوص المتربصة به.تكتسي أيام عيد الأضحى طابعاً خاصاً عند المغاربة، فبالإضافة إلى خضوعها لقوة الأعراف والتقاليد المتعلقة بهذه المناسبة، فهي أيضاً فرصة ينتظرها عدد كبير من الشباب من أجل امتهان مجموعة من المهن الخاصة بهذه الفترة من السنة دون غيرها.
مشاركة :