طهران - أ ف ب - بعد 9 أشهر من دخول الاتفاق النووي مع القوى الكبرى حيز التنفيذ، ورفع جزء كبير من العقوبات الدولية المفروضة على طهران، ما زالت المصارف الكبرى خصوصاً الاوروبية منها تتحفظ على التعامل مع إيران خوفاً من عقوبات أميركية. وقال رئيس مجلس إدارة مصرف الشرق الأوسط (خاورميانه) برويز عقيلي، إن مصارف أوروبية صغيرة وافقت على العمل مع المصرف، مشيراً إلى أن 4 مصارف إيطالية، ومصرفين نمساويين، و3 سويسرية و3 ألمانية واثنين بلجيكيين، هي التي وافقت على العمل في السوق المحلي، في حين لم يوافق أي من المصارف المتوسطة أو الكبرى على ذلك حتى الآن. وأكد عقيلي أنه هناك مشكلتين، الأولى أنه يجب تحديث النظام المصرفي، لتكييفه مع القواعد المصرفية الدولية الجديدة التي شهدت تطوراً كبيراً. وأوضح أن المصارف الإيرانية التي لم تقم علاقات مع المصارف الدولية منذ نحو 15 عاماً، عليها تطبيق قواعد جديدة تبنتها الأسرة الدولية لمكافحة غسل الأموال أو تمويل الارهاب. وتابع أن المشكلة الثانية هي «التخويف من إيران»، مضيفاً أنها تقدم على أنها الطرف السيئ، وهذا لا ينطبق على الواقع، مبيناً أنه من أجل مجيء المصارف الكبرى يجب ان تحل هاتان المشكلتان، وهو ما يحتاج إلى سنة أو سنتين على الاقل. من ناحيته، قال خبير مصرفي إنه بين هذه المؤسسات المصرفية، التي وافقت على العمل في إيران النمساويان «رايفايزن بنك» و«إيرستيبنك»، والإيطاليان «ميديو بنكا» و«بنكو بوبولاري»، والبنوك الألمانية «آيهبنك» (المصرف التجاري الأوروبي الألماني)، وبنك التنمية «كا اف في» و«آ كا آ» (البنك الأوروبي للتصدير) والبلجيكيان «كي بي سي» و«آي ان جي»، إلى جانب المصرف التركي «هلك». وأوضح الخبير أن هذه المصارف أقامت علاقات عمل مع البنوك الإيرانية، لفتح رسائل اعتماد بمبالغ صغيرة تبلغ 10 و20 و30 مليون دولار، مضيفاً أن الموارد لا تكفي لتمويل مشاريع كبيرة مثل عقد شراء 118 طائرة «إيرباص»، ونحو 100 طائرة «بوينغ»، أو مشاريع للتنمية الغازية والنفطية في البلاد. وقد أكد الرئيس حسن روحاني أن إيران تحتاج إلى استثمارات أجنبية تتراوح بين 30 و50 مليار دولار سنوياً، لتحديث ادواتها الصناعية وانعاش اقتصادها، معتبراً أنه من دون المؤسسات المصرفية الدولية الكبرى من المستحيل تحقيق هذا الهدف. من جهة أخرى، أكد رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى الايراني علاء الدين بوروجردي، أن العقبة الرئيسية في طريق العلاقات المصرفية هي وزارة الخزانة الأميركية، التي تضغط على كل الدول وتمنع العلاقات المصرفية ورفع العقوبات، إذ لم يوافق مكتب مراقبة الموجودات الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الاميركية حتى الآن على بيع طائرات «إيرباص» أو «بوينغ» إلى إيران. فيما قال محلل الشؤون الإيرانية في المكتب الاستشاري «كونترول ريسكس» هنري سميث، إن «المصارف يجب أن تأخذ في الاعتبار الشركات والأشخاص المشاركين في أي صفقة، بسبب عقوبات الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي التي ما زالت مطبقة». ويدين المسؤولون الإيرانيون باستمرار موقف الأميركيين، الذين رفعوا العقوبات «على الورق» ولكن ليس فعلياً. وأبقت الولايات المتحدة عقوبات كبيرة على إيران، مرتبطة ببرنامجها البالستي، ودعمها المفترض للإرهاب وانتهاكاتها لحقوق الإنسان. في الوقت نفسه، قال نائب وزير النفط الإيراني المكلف بالشؤون الدولية أمير حسين زماني نيا، إن الأميركيين يغذون نوعاً من التخويف من إيران إلى درجة أن لا أحد يريد مبادلات فعلية مع إيران. ويثير هذا الوضع غضب الأوروبيين أيضاً، إذ أوضحت وزيرة البيئة الفرنسية سيغولين روايال خلال زيارة إلى ايران في نهاية أغسطس أن المصارف الفرنسية المرتبطة بالمصارف الاميركية لا تجرؤ على التدخل في طهران، وهذا أمر غير مقبول إطلاقاً. وقال سميث إن تحفظ المصارف الأجنبية على إبرام صفقات في إيران، عزز بشكل واضح المجموعات التي كانت في أفضل الأحوال تشكك بالاتفاق النووي داخل إيران.
مشاركة :