دانت الولايات المتحدة وخمس من كبار حلفائها الأوروبيين أمس الهجوم الذي تشنه منذ أول أمس قوات الحكومة الموازية في ليبيا بقيادة الفريق أول خليفة حفتر على موانئ النفط في الهلال النفطي، الذي تمكنت في أعقابه من الاستيلاء على ثلاثة من هذه الموانئ. وبحسب "الفرنسية"، فقد ذكرت الدول الست في بيان مشترك أن "حكومات فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وبريطانيا والولايات المتحدة تدين الهجمات التي استهدفت في نهاية الأسبوع موانئ زويتينة وراس لانوف والسدرة والبريقة النفطية في ليبيا". وترعى هذه الدول الست العملية المعقدة لإعادة توحيد ليبيا وإعادة إعمار هذا البلد الغارق في الفوضى منذ الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي في 2011. وشدد البيان على أن النفط ملك للشعب الليبي ويجب بالتالي أن تديره حكومة الوحدة الوطنية المدعومة من الأمم المتحدة ومقرها طرابلس، وأضافت الدول الست "ندعو كل القوات المسلحة الموجودة في الهلال النفطي إلى الانسحاب الفوري وغير المشروط"، مطالبة بوقف فوري لإطلاق النار ومجددة دعمها لحكومة الوحدة الوطنية. واقتربت قوات الحكومة الموازية من السيطرة بشكل كامل على منطقة الهلال النفطي بعدما وضعت يدها على ميناء ثالث في المنطقة، وقال محمد العزومي، المتحدث باسم إحدى الكتائب في قوات الحكومة الموازية بقيادة حفتر "تمكنت قواتنا المسلحة من إحكام سيطرتها على ميناء الزويتينة وتأمنيه بالكامل". وبدأت هذه القوات الأحد هجوما على منطقة الهلال النفطي الواقعة بين بنغازي "ألف كيلو متر شرق طرابلس" وسرت "450 كيلو مترا شرق طرابلس"، وأعلنت سيطرتها على ميناءي راس لانوف والسدرة، أكبر موانئ تصدير النفط، في تطور من شأنه أن يجر البلاد إلى صراع مسلح أكثر دموية. وشهد ميناء الزويتينة الواقع في المنطقة ذاتها معارك طوال أول أمس بين القوات التي يقودها حفتر وقوات حرس المنشآت النفطية الموالية لحكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة ومقرها طرابلس. وهي أول مواجهات بين قوات الحكومة الموازية والقوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني منذ وصول الحكومة المدعومة من المجتمع الدولي إلى العاصمة الليبية في نهاية آذار (مارس) الماضي. ولا يزال ميناء البريقة خاضعا لسيطرة قوات حرس المنشآت، وأعلن المتحدث باسم قوات الحكومة الموازية العقيد محمد المسماري في مؤتمر صحافي مساء الأحد أن هناك مساعي لدخول الميناء والسيطرة عليه من دون قتال. واعتبر عقيلة رئيس البرلمان المنتخب الذي يؤيد الحكومة الموازية في بيان أن العملية العسكرية في الهلال النفطي تهدف إلى "تحرير المواقع النفطية من حقول وموانئ من محتلي ومعرقلي تصدير النفط الليبي". وأكد رئيس البرلمان الذي يتخذ من مدينة طبرق في الشرق مقرا أن الجيش سيخرج من الحقول والموانئ، ولن توجد مظاهر مسلحة داخل الحقول والموانئ بعد ذلك، على أن يتم التصدير عبر المؤسسة الوطنية للنفط. وتُبذل منذ تموز (يوليو) مساع من أجل إنهاء الانقسام في المؤسسة الوطنية للنفط بين فرعيها، الأول في طرابلس ويتبع حكومة الوفاق الوطني، والثاني في بنغازي "ألف كيلو متر شرق طرابلس" ويتبع سلطة الحكومة الموازية. لكن تصدير النفط حتى إن تقرر أن يتم عبر مؤسسة نفطية موحدة فلن يكون لمصلحة حكومة الوفاق الوطني بل لمصلحة الحكومة الموازية غير المعترف بها دوليا بما أن قواتها العسكرية هي التي تسيطر على الموانئ. ويتعارض هذا الأمر مع قرار الدول الكبرى بحصر تعاملها مع حكومة الوفاق، ما يعني أن تصدير النفط من الموانئ الليبية في ظل استمرار سلطة الحكومة الموازية عليها لن يتحقق. وهبط إنتاج ليبيا التي تحوز أكبر احتياطيات من النفط في إفريقيا "احتياطي بنحو 48 مليار برميل"، إلى ما دون 300 ألف برميل يوميا بفعل القتال والإضرابات والهجمات، وبلغ الإنتاج ذروته عند 1.6 مليون برميل يوميا قبل عام 2011.
مشاركة :