المصريون يخشون موجات غلاء جديدة مع بدء تطبيق ضريبة القيمة المضافة

  • 9/14/2016
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

لا شيء يؤرق المصريين في هذه الأيام بقدر غلاء الأسعار الحاصل بفعل مشكلات اقتصادية هيكلية، ولا يبدو أن موجات الغلاء ستفارق الأسواق قريباً، خصوصاً مع بدء تطبيق قانون «ضريبة القيمة المضافة» قبل عيد الأضحى بأيام، وهي الضريبة التي يُنتظر أن يُختبر أثرها على الأسعار في غضون أسابيع. وأقر مجلس النواب قبل أيام ضريبة القيمة المضافة بنسبة 13 في المئة. وأعفى القانون سلّة من السلع والخدمات الأساسية من تطبيقات الضريبة، ظناً بأن مجرد الإعفاء سينأى بتلك السلع، التي يُقبل الفقراء على استهلاكها وكذلك الخدمات المقدمة لهم، عن أي زيادات في الأسعار، خصوصاً في ظل زيادة نسبة الفقر بعد ارتفاع أسعار غالبية السلع بنسب كبيرة خلال العام الجاري. وارتفعت معدلات الفقر، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، إلى نحو 28 في المئة من المواطنين. ولا يستطيع هؤلاء تلبية حاجاتهم الأساسية، حتى من الغذاء، إضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة بينهم إلى نحو غير مسبوق. وتعيش البلاد أزمة اقتصادية خانقة شغلت الحكومة والرأي العام مع ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية إلى مستويات غير مسبوقة، إذ كسر حاجز 13 جنيهاً، قبل أن يتراجع إلى ما دون 12.5، علماً بأن السعر الرسمي للدولار لم يتخط 9 جنيهات. وتعاني مصر موجات تضخمية متتابعة تخطت 12 في المئة على أساس سنوي، وفق تقرير للبنك المركزي صدر الشهر قبل الماضي. ولم تؤت محاولات الدولة للجم الأسعار ثمارها في ظل انخفاض قيمة العملة المحلية المتوقع أن يستمر انخفاضها بفعل اتفاق مع صندوق النقد الدولي على قرض بقيمة 12 بليون دولار ستحصل عليه الحكومة تبعاً لإجراءات تقشف. ورفعت الحكومة الشهر الماضي أسعار الكهرباء للقطاعات التجارية والصناعية والمنزلية بنسب تخطت 50 في المئة في بعض الحالات، كما رفعت أسعار الأدوية بنسبة 20 في المئة. وارتفعت قبل شهور أسعار الغاز والمياه، علماً أن الحكومة تدرس رفع أسعار تذاكر المترو التي سيتبعه قطعاً رفع أسعار النقل الخاص التي كانت زادت في العام 2014 بعد ارتفاع أسعار الوقود. كذلك يُنتظر أن ترتفع تعرفة الإنترنت واتصالات الهاتف المحمول بعد عيد الأضحى، بحسب ما أعلنت شركات الاتصالات التي قالت إنها ستدرس السياسة الأنسب لرفع الأسعار بعد تطبيق قانون ضريبة القيمة المضافة. ووعدت الحكومة، من جهتها، بتشديد الرقابة على الأسواق مع تطبيق الضريبة الجديدة لضمان عدم زيادة أسعار السلع المعفاة منها، لكن هناك من يخشى من أن هذا الوعد لن يؤتي ثماره المرجوة نتيجة ضعف الرقابة وتحايل التجار. وزادت أسعار السجائر في مصر قبل عيد الأضحى بيومين كونها من السلع المطبق عليها الضريبة الجديدة، والسجائر في مصر من السلع المُسعرة التي لا تخضع لآليات المنافسة في الأسواق. ونشرت وزارة المالية جدول أسعار كل أنواع السجائر في السوق المصرية بعد زيادة الأسعار، وحذرت من بيعها بأعلى من السعر المُعلن، متوعدة بمعاقبة المخالفين. لكن غالبية المتاجر في مصر تبيع في الحقيقة السجائر بأسعار أعلى من الأسعار التي أعلنتها وزارة المالية، حتى بعد الزيادة. وقال محمود حسن، وهو صاحب متجر في حي حدائق القبة في شرق القاهرة، إنه يشتري السجائر من الموزعين بأسعار أغلى من المعلنة من قبل الحكومة ويضطر لبيعها بأغلى من سعرها المحدد. وأوضح أن الموزعين يتحايلون على قرارات وزارة المالية، بأن يبدأوا بيع السجائر للتجار بـ «فواتير كودية»، بمعنى أن الموزّع لا يذكر اسم الصنف في فاتورة البيع حتى لا يجد نفسه تحت طائلة القانون، ويكتفي فقط بذكر الكود الذي يشير إلى أصناف السجائر المختلفة، وبالتالي لا يمكن أن يثبت التاجر أنه اشترى صنفاً معيناً من السجائر من الموزع بسعر أعلى. ويشتكي وليد درويش وهو موظف من سكان حي فيصل في الجيزة، من ارتفاع أسعار أسطوانات الغاز المدعمة. وقال: «أسطوانة الغاز وصل سعرها إلى 70 جنيهاً» بينما يفترض أن تباع أسطوانة الغاز بـ 10 جنيهات. وأوضح أنه مع ندرة أسطوانات الغاز، بدأت المستودعات في استغلال المستهلكين، مضيفاً: «نشتري الأسطوانة بـ70 جنيهاً، وعبر وسيط لو توافرت أصلاً». وكان وزير التموين الجديد اللواء محمد علي الشيخ قال إن لا أزمات في أسطوانات الغاز. وأضاف في لقاء تلفزيوني: «الأسطوانات متوافرة في كل المحافظات ولا تجد من يشتريها». لكن تصريح وزير التموين لا يعكس، بحسب بعض المصادر، حقيقة الأوضاع في كثير من المحافظات، في ظل شكاوى متكررة من عدم توافر أسطوانات الغاز التي تستخدم في المنازل والمطاعم. ويقول منتقدون إن أزمة الأسطوانات وصلت حتى الريف المصري. وقال طلعت فريد من قرية الرقة الغربية في مركز العياط في أقصى جنوب الجيزة، إن أسطوانة الغاز تباع في القرية بـ50 جنيهاً. وأوضح أن أهالي القرية حرروا شكاوى ضد صاحب مستودع الغاز في قريتهم لبيعه أسطوانات الغاز المدعمة لمصانع الطوب عند أطراف القرية، بأسعار مغالى فيها، ومن ثم حرمان الأهالي من حقهم في أسطوانة الغاز المدعمة. وأضاف: «حررنا الشكوى وأرسلناها إلى الجهات المعنية، لكن لم تتفاعل معنا أي جهة في محاولة لوقف مخالفات صاحب المستودع». وتوقع رئيس جمعية «مواطنون ضد الغلاء» محمود العسقلاني، أن تتواصل موجات الغلاء في ظل ضعف الرقابة على الأسواق. وقال لـ «الحياة»: «موجات الغلاء المتواصلة باتت أمراً لا يُحتمل، والأغرب أن الجميع يتحدث عن موجات قادمة. الأزمة في مصر ليست في أجهزة الرقابة فقط ولكن في القوانين أيضاً التي تمنع التدخل لضبط الأسعار وتحظر التسعير الجبري للسلع غير المُسعرة، وحتى السلع المُسعرة بالقانون، فهناك تجار كوّنوا ثروات طائلة من فروق أسعارها، والسجائر أفضل مثال على ذلك». وأشار إلى أن «إدارة الرقابة والتوزيع» في وزارة التموين المسؤولة عن هذا الملف ينقصها النشاط والتفعيل، متمنياً أن يُحكم وزير التموين الجديد قبضته على هذا الأمر، وأن يدفع في اتجاه إقرار تشريع جديد صارم يطبق على الجميع وأن تعمل مؤسسات الرقابة على الأسواق بشكل دائم وليس موسمياً. واستغرب كيف أن «الركود يضرب الأسواق ومع ذلك فموجات التضخم والغلاء مستمرة. قبل تطبيق قانون ضريبة القيمة المضافة رصدنا زيادات بشعة في الأسعار، وأتوقع موجة جديدة من الغلاء بعد تطبيق القانون، ستطاول حتى السلع المعفاة، ولذلك تبرز أهمية الرقابة على الأسواق لأن الغلاء عمل تراكمي ورفع أسعار بعض السلع يؤثر في مثيلتها».

مشاركة :