رأى الحائز جائزة نوبل للاقتصاد الرئيس السابق لقسم الاقتصاد في البنك الدولي جوزف ستيغليتز، أن العملة الأوروبية الموحدة هي «سبب المشاكل الكثيرة التي تشهدها منطقة اليورو، مثل الانكماش الاقتصادي وارتفاع معدل البطالة وصعود اليمين المتطرف». وقال الخبير الاقتصادي مؤلف كتاب «اليورو: كيف تهدد العملة الموحدة مستقبل أوروبا» في مقابلة مع وكالة «فرانس برس»، «يجب تغيير القواعد حين تكون سيئة، وإلا فإننا نذهب إلى الكارثة». وانتقد ستيغليتز بشدة السياسة الاقتصادية الأوروبية، معتبراً أن «اعتماد نماذج اقتصادية خاطئة، يؤدي حتماً إلى تشخيص وحلول سيئة». ولفت إلى أن الخبراء الاقتصاديين «كانوا يترقبون» بعد بدء العمل باليورو «الصدمة الأولى لاختبار العملة التي حصلت عام 2008 وكانت العواقب كارثية»، مشيراً إلى أن العملة «صُممت في شكل سيئ تحت تأثير أيديولوجيا الليبرالية الجديدة». وحمل على القواعد المعتمدة في منطقة اليورو وتحديداً فرض سقف للعجز في الموازنة نسبته 3 في المئة، موضحاً أن هذه النسبة «جاءت من العدم» ولا تقوم على «أي نظرية اقتصادية». ودعا إلى «مراجعة قواعد اليورو». وشدد على أن فكرة التقشف الذي يسمح بالعودة الى النمو والازدهار «باتت مرفوضة اليوم من غالبية خبراء الاقتصاد ومن صندوق النقد الدولي». لكنه أسف لأنها «لا تزال الرأي المهيمن داخل الحكومة الألمانية وتحديداً في وزارة المال»، عارضاً إرسال نسخة عن كتابه لوزير المال الألماني فولفغانغ شويبله. وقال «إنني واثق من أن كتابي لن يقنعه»، وهو يندد فيه بما يصفه بـ «الليبيرالية الجديدة» في الاتحاد الأوروبي. وذكّر ستيغليتز بأن التقشف «فشل في أزمة الكساد الكبير، ثم في آسيا والأرجنتين والآن في أوروبا أيضاً». ولفت إلى أن صندوق النقد الدولي «استخلص العِبَر من هذا الماضي وهو يقر بأنه أخطأ». وفي المقابل، استغرب أن بعض الحكومات الأوروبية مثل حكومة المستشارة الألمانية أنغيلا مركل، «لا تزال تطالب بسياسات تصحيح مالي، لا تتماشى مع الإصلاحات التي تحتاج إليها منطقة اليورو». وتكمن الأخطاء وفق ما قال «في جذور اليورو ذاتها، إذ رأى أن الأوروبيين «وضعوا العربة قبل الحصان»، ببدئهم العمل بالعملة الموحدة قبل إنشاء المؤسسات الضرورية لإدارتها. ولم يخفِ أن «العملة الموحدة حرمت الدول من أهم آليتي تصحيح، أسعار الصرف ونسب الفوائد». واعتبر أن «الدول مكبلة الأيدي ولا هامش تحرك لديها سوى في الموازنة». ولاحظ أن الأمر ذاته «ينطبق على البنك المركزي الأوروبي، الذي لا يمكنه تركيز عمله إلا على التضخم». ودعا إلى التحرك «لحماية المشروع الأوروبي». ويطرح ستيغليتز في كتابه حلولاً لإخراج أوروبا من المأزق، ويعطي الأفضلية من بينها لتجهيز منطقة اليورو بمؤسسات تسمح بحسن سير عملها، مثل بنك مركزي «لا يكتفي بمكافحة التضخم، بل يركز على مكافحة البطالة وعلى النمو». وإذا كان المواطنون لا يقبلون بتشديد سلطة المؤسسات الأوروبية، فهو يقترح وسائل لتقليصها، موضحاً أن «الأسهل من بينها هو خروج ألمانيا من اليورو، ما سيجعل الدول الأخرى أكثر تنافسية بفضل تراجع قيمة العملة الموحدة». وأوصى بـ «طلاق ودي» وصولاً إلى «منطقتين نقديتين أو حتى ثلاث مناطق نقدية» في انتظار استحداث المؤسسات الضرورية.
مشاركة :