أحكامنا وقراراتنا... معتقدات وتضخم في الأنا

  • 9/15/2016
  • 00:00
  • 32
  • 0
  • 0
news-picture

اليوم في أغلب حياتنا الاجتماعية عادة ما نكون منقادين للغير وخاصة الأقربين والأصدقاء الحميمين ففي أي وقت ممكن يأتيك أحدهم ويقول لك، بالله البس خلينا نطلع أو البس ملابسك فأنا جايك بعد شوية.. المهم أين سنذهب وكيف ومتى هذه أمور ثانوية فما عليك إلا أن تلبس وتخرج ولا تتم استشارتك أو أخذ رأيك في المكان أو الزمن وهل هما مناسبان لك أو جزء من شخصيتك أو بناء على ترتيبات منك أو الخرجة مخطط لها مسبقاً كل هذا أيضاً لا يهم أهم شيء أن تستعد للخروج فما عليك إلا الطاعة، وعلينا القيادة فاستمتع. هذا المشهد السلوكي الاجتماعي هو نفسه ينتقل إلى الحياة الإدارية في بعض مؤسسات القطاع العام بالتحديد فهناك فجوة معرفية وإدراكية ما بين قائد أي مؤسسة وبين بقية أفراد المؤسسة وهناك فجوة تاريخية ما بين المسؤول المُعين او المُكلف وبين الآخرين من مخضرمي أي قطاع فجيل من المسؤولين ابتداء من الوزير وزملاء الدراسة أو الاختصاص الذين يكلفهم معه أثناء توليه فترة الوزارة والتي عادة ما تكون محدودة زمنياً وبين مسؤولي وموظفي الوزارة أو القطاع الذين بدأوا حياتهم الوظيفية لما يزيد عن عشرين عاماً... كل هذه الفجوات وبفعل السلطة جعلت المشهد الإداري كأنه صراع ما بين جيلين لا يربطهم ببعض غير المواطن والوطنية وأوجدت جيلا من الفاهمين السلبيين وآخرين مروا فلا نراهم مرة أخرى. يذهب وزير بأعوانه ويأتي آخر بأعوانه وتتسع الفجوة بفعل الوقت فما يتم في مرحلة معينة لن يتم إكماله في المرحلة الجديدة وعندما تنظر إلى المشهد من بعيد تجد مؤسسات وقطاعات لها أكثر من نصف قرن مُنذ تأسيسها ولكنها تراوح مكانها بفضل تلك الفجوات والفراغات والتقاطعات ما بين الخطط والاستراتيجيات والتوجهات والمبادرات وعندما تريد أن تمسك بداية خيط أي موضوع ينقطع بك الخيط بسرعة أو فجأه ولا تدري من أين تبدأ أو تنتهي. تعرفون لماذا تلك السنوات من التيه؟ لأننا بعد أن نختار أو نُعين أو نُكلف القيادات نعطيهم الكرة ونقول لهم الكرة في ملعبكم . فنعطيه الخيط والمخيط ونطلب منه يخيط اللي يعجبه من الملابس ويلبسها لنا وإذا صاحبنا ما يعرف الخياطة فيستورد خياطا أجنبيا ويخيط على مزاجه ويلبسنا ولازم نخرج معه بهذا اللبس.اليوم نحتاج لنتساءل كم مؤسسة أو قطاع أو وزارة واصلت خططها ونفذتها وتم تقييمها لما يزيد عن ثماني سنوات؟هناك اعتقادات خاطئة تتمكن من عقول بعض من ولوا مناصب وهي أن من كان قبلهم أو مسؤولي وموظفي مرحلة معينة تنقصهم المبادرة والنزاهة والوطنية وأنهم جيل أو فئة من البيروقراطيين.. الخ من الأفكار الخاطئة.. وهناك نتساءل لماذا كان هؤلاء في الماضي مصدرا للثقة والولاء والمواطنة والنزاهة والإخلاص وبقدرة قادر في أسبوع أصبحوا عكس ذلك كما يعتقد؟ هل يجوز أن نطلق العنان لمعتقداتنا والإشاعات أن تتحكم وتحكم على الآخرين خاصة فيما يتعلق بالعمل العام الذي يتساوى فيه الناس من حيث الحقوق والمسؤوليات والمواطنة.. أليسو مواطنين صالحين؟ آمل أن لا تكون أحكامنا على الآخرين هي إسقاطات ونجعل قراراتنا مبنية على القيل والقال والشائعات والمعتقدات الشخصية والهوى والتحزبات ونصبح مثل صاحبنا الذي إذا قالوا البس لبس.

مشاركة :