كيف حافظت المصارف السعودية على نموها في عصر النفط الرخيص؟

  • 9/16/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

طلعت حافظ: كفاءة رأس المال لا تزال عند حدود 18 % •رغم كل تلك الضغوط القاسية على القطاع المصرفي، فقد تمكنت المصارف السعودية من اجتياز اختبار النصف الأول بنجاح ولم تستجب للأخبار السلبية جدة: معتصم الفلو في الوقت الذي تنخفض فيه مدخولات النفط لدى كبار المنتجين العالميين، ومنهم السعودية بالطبع، يزيد الضغط على قطاع المصارف؛ بوصفه القطاع الذي يستوعب الفوائض والإيداعات الحكومية وحتى تلك المرتبطة بالشركات والمؤسسات ذات الصفة التعاقدية مع المشاريع الحكومية، إلى جانب أموال القطاع الخاص. ونتيجة لذلك، فإن منطق الأمور يؤدي إلى نقصان السيولة والحد من الإقراض وزيادة المخصصات للقروض المشكوك في تحصيلها. طلعت حافظ خفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني في مايو (أيار) الماضي تصنيف 9 بنوك سعودية، في حين كان أهم المبررات التي ساقتها الوكالة، تراجع السيولة، الأمر الذي قد يحد من القدرة على تقديم الدعم للبنوك وقت حاجتها إليها، إلى جانب الظروف التشغيلية للمصارف التي تفرض بعض التحديات على غالبية المصارف من حيث ربحيتها وزيادة ديونها المتعثرة، إلا أن الوقائع أثبتت أن الأمور اتخذت مسارات أخرى كما ستبين النتائج والأرقام. أما علة العلل فيشرحها تقرير لوكالة الطاقة الدولية صدر في يونيو (حزيران) الماضي، قائلا إن متوسط سعر البرميل في 2016 كاملاً سيكون في حدود 43.03 دولار للبرميل، هبوطا من 52.32 دولار عام 2015 و98.89 دولار للبرميل الواحد عام 2014. أداء النصف الأول رغم كل تلك الضغوط القاسية على القطاع المصرفي، فقد تمكنت المصارف السعودية من اجتياز اختبار النصف الأول بنجاح ولم تستجب للأخبار السلبية، وذلك بتحقيقها أرباحًا بلغت 23.32 مليار ريال (6.22 مليار دولار)، مقابل 23.14 مليار ريال (6.17 مليار دولار) في النصف الأول من 2015. أي بنمو بلغ نحو 0.75 في المائة. كما نما إجمالي موجودات المصارف السعودية ليصل إلى 2223 مليار ريال (592.8 مليار دولار) بنهاية النصف الأول من 2016 بنسبة نمو بلغت 2 في المائة قياسًا بالفترة نفسها من العام الماضي. وفي الأشهر الستة الأولى من العام الحالي، ارتفعت القروض المجمعة المقدمة من القطاع المصرفي إلى 1440 مليار ريال (384 مليار دولار)، بنسبة بلغت 8 في المائة قياسًا بالفترة ذاتها من العام السابق، في حين تراجعت ودائع العملاء بنهاية الفترة عند 1661 مليار ريال (443 مليار دولار)، قياسًا بـ1703 مليارات ريال (454.13 مليار دولار) في نهاية النصف الأول من 2015. أما بالنسبة للقروض التي تقدمها المصارف لبرنامج دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة «كفالة»، وهي قروض لرواد الأعمال السعوديين ومنشآتهم الصغيرة والمتوسطة بضمانة حكومية، فقد قفزت بنسبة 9.3 في المائة من 1.65 مليار ريال (440 مليون دولار) في النصف الأول من 2015 إلى 1.77 مليار ريال (472 مليون دولار) في القترة المقابلة من العام الحالي. متانة رغم المتغيرات في حديث إلى «المجلة»، يورد الأمين العام للجنة الإعلام والتوعية المصرفية بالمصارف السعودية، طلعت حافظ، بعض الأرقام التي تظهر مدى متانة القطاع المصرفي التي تعكسها مؤشرات السلامة المالية، إذ إن كفاءة رأس المال لا تزال عند حدود 18 في المائة، وهي نحو ضعفي متطلبات معاهدة بازل 1 البالغة 8 في المائة، إلى جانب جودة أصول محفظة الإقراض من حيث النوع، فحجم الديون المتعثرة لا يتجاوز 1.2 في المائة من إجمالي الديون، وهي نسبة متدنية، مع توفر السيولة لمواصلة الإقراض؛ رغم انخفاض أسعار النفط حاليًا بنحو 70 في المائة مما كانت عليه قبل عامين. ويرى حافظ أن متانة القطاع المصرفي السعودي تستند إلى عدة اعتبارات على النحو التالي: 1 أساسات مالية متينة تتصف بالديمومة والاستقرار. 2 يعمل القطاع المصرفي تحت مظلة اقتصاد قوي رغم وجود جملة متغيرات اقتصادية وثبات الطلب العالمي على النفط والمشكلات التي يعاني منها الاقتصاد العالمي. 3 الدور الرقابي والإشرافي الدقيق لمؤسسة النقد العربي السعودي «ساما»، وهي البنك المركزي السعودي، فيما يتعلق بالمخاطر المالية، وبالتالي انعكاس ذلك إيجابًا على الأداء. 4 الكوادر المصرفية التي تدير القطاع من مجالس إدارات ورؤساء وإدارات تنفيذية، إذ تضم خبرات مصرفية عريقة تحسن توجيه الاستثمارات واتخاذ القرارات في أيام الازدهار مع مواكبة المتغيرات، رافضًا وصف الحالة القائمة بـ«الكساد الاقتصادي». ويعود حافظ بحديثه إلى العام 2008 عندما اندلعت أزمة الائتمان العالمية، وانخفضت أسعار النفط آنذاك وأفلست بنوك كثيرة، فاتخذت كثير من دول العالم سياسة انكماشية؛ باستثناء السعودية التي خالفت ذلك الاتجاه وأطلقت سياسة توسعية وتعهد بضخ 400 مليار دولار في شرايين الاقتصاد، وهو ما يعرف بعكس الدورات الاقتصادية. ووصفت تلك الخطوة بأنها «اندفاع»، إلا أنها أدت إلى المحافظة على النمو الاقتصادي، وجنبت القطاع المصرفي السعودي الانعكاسات السلبية لتلك الأزمة العالمية. تدابير السيولة في فبراير (شباط) الماضي، سمحت «ساما» للبنوك بتجاوز نسبة القروض إلى الودائع من 85 في المائة إلى 90 في المائة علمًا بأنها كانت في حدود 83 في المائة آنذاك. ويتم احتساب تلك النسبة بتقسيم القيمة الإجمالية للقروض على إجمالي الودائع. كما أن «ساما» تقوم بإيداعات مباشرة لدى المصارف لدعم مستويات السيولة، في حين يأتي مصدرها من الاحتياطي النقدي الهائل الموجود لديها، إلى جانب إيداعات المؤسسات الحكومية. يصف حافظ قرار «ساما» رفع تلك النسبة إلى 90 في المائة بالحكيم والمتعقل والمدروس ويمثل سياسة ناجحة، إذ إنه منح المصارف فرصة للتوسع والإقراض والتمويل، وبخاصة أن المملكة بدأت تعيش ورشة عمل في جميع القطاعات المالية والخدمية والصناعية منذ مطلع الألفية، وهي مستمرة في ذلك، علمًا بأن ذلك تدبير «مؤقت». توقعات النصف الثاني لحظت نتائج النصف الأول من العام الحالي انخفاض ودائع العملاء بنحو 13 مليار دولار، إلا أن الأمين العام للجنة الإعلام والتوعية المصرفية بالمصارف السعودية يؤكد أن جزءًا من تلك الأموال لم يذهب إلى خارج النظام المصرفي السعودي، بل تحول إلى «ودائع زمنية» (Time Deposits). كما أنه إذا قارنا الودائع الحالية بالسابق، فسنجد أنها ضعف ما كانت عليه عام 2011. ولم ينعكس ذلك على وضع السيولة الجيد نظرًا لقوة الملاءة المالية للبنوك. وتعرف الودائع الزمنية على أنها تلك التي يودعها الأفراد والهيئات لدى المصارف لمدة محدودة يتفق عليها الطرفان، ولا يجوز السحب منها جزئيا قبل انقضاء الأجل المحدد. وحول توقعات النصف الثاني، يقول إنه يتوقع استمرار الأداء الإيجابي للبنوك السعودية؛ رغم التحديات القائمة، مقرونًا بالنتائج الإيجابية في النصف الأول. ويعتقد أن النمو سيستمر مع تحسن مستويات الربحية وقوة القطاع.

مشاركة :