هذه قصة قديمة بعض الشيء سمعتها في محيطي العائلي ذات مناسبة والتصقت بالذاكرة لطرافتها ودهشة تفاصيلها. أبطالها ...ذكاء صحراوي مستتر، ومنطق أهل المدن المتفتح. وكلاهما جميل ولكن باختلاف، لذا تأتي الحكايات. كانت الزوجة على وشك أن تضع مولودها الثاني بعد ان توفيت ابنتها الاولي، وأخبرت زوجها عن أسماء مختارة لولد أو بنت، طبعا لم يكن هناك الترا ساوند لمعرفة نوع الجنين ذلك الوقت، ولكن الزوج لم يرق له اسم البنت المختار، فقال لها بنبرة جادة" إذا جاءت بنت بنسميها مشاعل" احتجت المرأة " لا..أبي أسميها سهيلة" أصر " لا بل مشاعل" غضبت خاصة وانه هو من اختار اسم المولودة الأولى واعتقدت بأنه دورها هذه المرة فاستعانت بحنكة أمها كي تقنع الزوج فهي تحب هذا الاسم من صغرها وتتمني أن يرزقها الله بفتاة تسميها به. فجاءت الحماة بضحكتها المرحة وسطوة كلماتها المؤثرة وراحت تلاطف زوج بنتها كي يغير رأيه وتدعو ان يرزقه الله بولد ولكن إن جاءت بنت ليته يوافق على اختيار ابنتها. ورغم تقليدية العداء الاجتماعي بين الرجل أم الزوجة إلا انه كان يحترمها. “ واللي يسلمك يا بو فلان هالمرة توافق" قالت ترجوه. فكر الرجل قليلاً وقرر بألا يكسر بخاطر حماته واقترح الآتي:” حتى نكون عادلين سنضع ثلاث ورقات كل واحدة باسم. واحد تختاره هي (يقصد الزوجة) والثاني أختاره أنا، أما الثالث فاتركه لك تختارينه ونعمل قرعة ها ما رأيك؟" يقصد مجاملة أم زوجته بالطبع. فرحت الحماة ليديمقراطية القرار وشعرت بالراحة ولكن زوجته صاحت في اعتراض" ولكنك ستختار الورقة أليس كذلك؟" قال جادا "لا والله لن ألمسها بل أنتِ من ستقومين باختيارها وأمام الجميع". انشرحت ملامح الزوجة وظهرت ابتسامتها وقالت "موافقة". وجاء وقت الولادة ورزقهم الله بابنة وتم كتابة الاسماء الثلاثة في ثلاث ورقات منفصلة ووضعت في صحن وحينما أتوا بالرضيعة قدم الزوج الصحن لزوجته لتختار ورقة وطلب منها أن تسحب واحدة. والتقطت الزوجة بوجل ورقة ما، ودون ان ينظر إليها سلم الورقة لشقيق زوجته الزائر كي يقرأها هو. فتحها الخال وأعلن الاسم مبتسماً "مشاعل!“ هلل الجميع وشاركتهم الزوجة الفرح باستسلام. وهكذا تم الاختيار الديمقراطي قبل أكثر من خمسين عاماً. وبعد عشرات السنين من تلك الحادثة اكتشفت الزوجة ذات يوم بان الزوج الذكي كان قد انتهز مرحلة المخاض ومعاناتها والاستعداد للولادة فكتب على الأوراق الثلاثة جميعاً اسم واحد فقط. مشاعل! وهكذا تم ميلاد الاسم. الجميل في الموضوع هو رأي الفتاة عندما كبرت وعرفت السالفة فحين سئلت ماذا كانت ستختار لو كان الأمر بيدها أجابت دون تردد "اسمي بالطبع".
مشاركة :