حذر صندوق النقد الدولي من خطر اضطرابات طويلة في الاقتصادات الناشئة والكساد في منطقة اليورو وهو ما يهدد احتمالات تعافي الاقتصاد العالمي. وبحسب "الألمانية"، فقد نقلت وكالة بلومبرج للأنباء الاقتصادية عن تقرير أعده موظفو البنك استعدادا لاجتماعات وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية في مجموعة العشرين القول إن التعافي الاقتصادي ما زال ضعيفا وأنه ما زالت هناك مخاطر كبيرة. وأشار التقرير إلى أن توقعات الصندوق للنمو الاقتصادي العالمي خلال العام الحالي يبلغ 3.7 في المائة مقابل 3 في المائة العام الماضي، ولكن تحقيق هذه التوقعات الصادرة في كانون الثاني (يناير) الماضي يتوقف على انتهاء الاضطرابات الأخيرة في الأسواق الصاعدة وبخاصة البرازيل وتركيا سريعا. ووفقا للتقرير، الذي تم إعداده قبل اجتماعات مجموعة العشرين يومي 22 و23 شباط (فبراير) الحالي في مدينة سيدني الأسترالية، فإن خروج رؤوس الأموال وارتفاع أسعار الفائدة والانخفاض الحاد في قيمة العملة بالاقتصادات الصاعدة ما زالت تمثل مصدر قلق أساسي. وأضاف التقرير أن هناك خطرا جديدا ناجم عن معدل التضخم بالغ الانخفاض في منطقة اليورو، حيث إن توقعات استمرار معدل التضخم المنخفض على المدى الطويل ترفع خطر الكساد في حالة حدوث سلسلة صدمات عكسية قوية للنشاط الاقتصادي. من جانبه، أشار جو هوكي وزير الخزانة الأسترالي أمس إلى أن بلاده ستعارض أي محاولة لفرض قواعد جديدة لتنظيم القطاع المالي العالمي أو فرض أي ضرائب على المعاملات المالية خلال اجتماع وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية في دول مجموعة العشرين. ويعتزم هوكي، الذي ستستضيف بلاده الاجتماعات المقررة للمجموعة، التصدي للضغوط المحتملة من الدول الأوروبية بهدف فرض ضريبة وقواعد جديدة على المعاملات المالية في أعقاب الأزمة المالية العالمية. وأضاف هوكي خلال مؤتمر اقتصادي أنه لا ينبغي أن يكون التركيز منصبا دوما على إضافة قواعد جديدة، بل يجب تنحية فكرة فرض مزيد من القواعد لصالح تحسين القواعد، مشدداً أنه سيدعم محاولات تعزيز قاعدة ممولي الضرائب من خلال ضمان عدم استغلال الشركات متعددة الجنسية لأنظمة تحويل الأموال وغيرها من أجل التهرب من التزاماتها الضريبية. وأشار الوزير الأسترالي إلى أنه يتعين التأكد من عدم وجود ثغرات في أنظمتنا الضريبية ويجب التأكد من تبادل المعلومات الضريبية فيما بيننا، وأنه لا توجد كمية من القواعد والقيود يمكن أن تحمي الناس من فقدان أموالهم ولا يجب أن يكون هذا موجودا، مضيفاً أنه يأمل في التخلي عن الدعوة إلى مزيد من التدخل الحكومي في النظام المالي ومحاولة تقليل المخاطر. ومن جانبها، حذرت الولايات المتحدة عن طريق جاكوب ليو وزير الخزانة وزراء مالية مجموعة العشرين من أن النمو العالمي متفاوت وأقل من طاقاته بكثير. وأضاف ليو في رسالته إلى وزراء العشرين أنه من الضروري تحقيق نمو عالمي أسرع وأكثر توازنا، مذكراً بعدة مخاطر تحدق بالآفاق الاقتصادية منها التقلبات الكبيرة في عدد من الأسواق الناشئة، وأن الولايات المتحدة تراقب عن كثب هذه التطورات. وسجلت عدة دول ناشئة (البرازيل وتركيا والهند وروسيا وغيرها) في نهاية كانون الثاني (يناير) تراجعا في عملاتها على خلفية انحسار الرساميل الأجنبية وتشكيك المستثمرين المتزايد في متانة اقتصاداتها. وأوضح وزير الخزانة الأميركي أن التطورات الاقتصادية في الصين وبلاده شكلت خلفية لهذه الأحداث في وقت ساهم خفض عمليات ضخ السيولة في الأسواق التي يقوم بها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في انحسار تدفق الرساميل في الدول الناشئة لتنتقل للولايات المتحدة، حيث باتت أكثر مردودية. وأبدى ليو ثقته بأن تعزيز النمو في الولايات المتحدة يفيد الاقتصاد العالمي بمجمله وبأن تطبيعا تدريجيا للسياسات النقدية سيترافق مع النمو، ويأمل ليو في التوصل خلال السنتين القادمتين إلى حلول لمشكلة الشركات التي تنقل مقر مركزها للإفلات من الضرائب. وكان فابريتسيو ساكوماني وزير الاقتصاد الإيطالي المنتهية ولايته قد أشار إلى أن اضطرابات الأسواق الناشئة تشكل خطرا على النمو العالمي وإن اقتصادات مجموعة العشرين على استعداد لعمل اللازم من أجل تعزيز النمو. وأضاف ساكوماني، أن الاضطرابات المالية التي شهدتها الأسواق الناشئة في الآونة الأخيرة نتيجة لعوامل عالمية وظروف محلية تظهر أن التعافي الاقتصادي العالمي مازال هشا. وتوقع وزير الاقتصاد الإيطالي أن يواجه وزراء مالية دول مجموعة العشرين هذا التحدي الجديد واستعدادهم لاتخاذ أي إجراء ضروري لتعزيز أسس النمو والتعافي الاقتصادي العالمي.
مشاركة :