تعالت أصوات بالجزائر أمس، مطالبة بإقالة وزيرة التعليم نورية رمعون بن غبريت، على أثر اكتشاف خطأ وصف بـ«الفادح» في إحدى صفحات كتاب الجغرافيا للسنة الأولى متوسط، مغطاة بخريطة ملونة للعالم، تتضمن اسم «إسرائيل» بدلا من فلسطين. وأثار هذا الخطأ موجة سخط كبيرة في أوساط الإسلاميين والمحافظين، الذين يشكلون أغلبية في صفوف موظفي وعمال قطاع التعليم. وعلى أثر اشتعال شبكة التواصل الاجتماعي بالتعليق وردود الفعل على القضية، أعلنت وزارة التعليم في بيان الليلة ما قبل الماضية عن سحب كتاب الجغرافيا، وفتح تحقيق فيما عد «فضيحة مدوية». وجاء في البيان: «تبعا لاكتشاف خطأ في صفحة من الكتاب المدرسي لمادة الجغرافيا للسنة الأولى متوسط، المطبوع من طرف دار النشر المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية، قررت وزارة التربية الوطنية السحب الفوري لهذا الكتاب ومطالبة الناشر بتصحيحه». وأوضحت الوزارة أن النسخة الأصلية للكتاب، التي تم اعتمادها من طرفها، لا تتضمن شيئا اسمه «إسرائيل» في خريطة العالم، ما يعني أن المطبعة تتحمل وحدها مسؤولية الخطأ، وأضافت أن سحب الكتاب يكون بمطالبة عشرات الآلاف من التلاميذ تسليم النسخ التي حصلوا عليها، إلى مديري المدارس لإعادتها إلى المطبعة، بهدف تغيير الصفحة التي وقع فيها الخطأ، وتعويضها بصفحة تتضمن معلومات صحيحة. وأصرت الوزيرة بن غبريت على إبعاد كل مسؤولية عن الوزارة في هذه القضية من البداية، لعلمها أنها في «عين الإعصار» منذ سنوات. فالإسلاميون والمحافظون في قطاعها، وفي الأوساط السياسية، يتهمونها بـ«فرض فرنسة التعليم الجزائري» و«محاربة الهوية العربية والإسلامية في المناهج المدرسية». وما حدث هذه المرة يعد فرصة ثمينة لمن أشار عند تعيينها وزيرة، إلى «أصولها اليهودية»، على أساس أن جدها رمعون بن غبريت كان عميلا للاستعمار الفرنسي في القرن التاسع عشر. وكتب قيادي «حركة النهضة» الإسلامية يوسف خبابة، بصفحته في «فيس بوك»: «نعتبر ما وقع في حق المدرسة الجزائرية جريمة يعاقب عليها القانون، فما حدث هو أن الوزارة ألغت فلسطين، واستبدلتها بالكيان الصهيوني في مقرر دراسي». وقال إن «محاولة تنصل الوزيرة من المسؤولية يعتبر كذلك فضيحة أخلاقية وسياسية أخرى، لأنه من العار أن نعلق المشجب على مطبعة. ومتى كانت المطابع تؤلف الكتب؟ ومتى كانت المطابع تراجع المحتوى وتقره وتوزعه؟». وواجهت بن غبريت موجة سخط أشد في مايو (أيار) الماضي، بسبب تسريب أوراق امتحان البكالوريا. وقالت حينها إنها «تعرضت لمؤامرة» من طرف خصومها بقطاع التعليم الذين اتهمتهم بـ«معاداة إصلاح المدرسة وتحديث مناهج التعليم». وأفضى التحقيق في الفضيحة إلى سجن كوادر من القطاع، وصمدت بن غبريت أمام «الإعصار» مستفيدة من دعم قوي لرئيس الوزراء عبد المالك سلال، الذي قال للصحافة إنها «تقدم عملا جيدا ولا يمكن أن تغادر الحكومة». من جهة ثانية، انتقد رئيس أهم جمعية جزائرية ناشطة في مجال محاربة الفساد، مستقلة عن الحكومة، «غياب إرادة سياسية في التصدي لفضائح الرشوة واختلاس المال العام»، وقال إن «عدم استقلالية» الآليات المتوفرة لمحاربة الرشوة، يجعلها عاجزة عن أداء مهامها. وذكر جيلالي حجاج، رئيس «الجمعية الجزائرية لمحاربة الرشوة»، في بيان أمس، أن «الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومحاربته» التابعة للرئاسة، «لم يكن لها أي أثر في الميدان منذ إطلاقها عام 2010، فهي لم تصدر أية حصيلة عن عملها». وجاء هذا الموقف إثر إعلان رئاسة الجمهورية (الخميس) عن أسماء الأعضاء الجدد السبعة لـ«الهيئة»، بمن فيهم رئيسها، الذين استخلفوا الفريق الذي اشتغل في السنوات الأخيرة، والذين لم يعرف لهم أي نشاط في الميدان بخصوص محاربة الفساد، على الرغم من فضائح الرشوة المدوية .وذكر حجاج أن ولاية الأعضاء القدامى، انتهت رسميا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، بحسب ما ينص عليه قانون الوقاية من الفساد ومحاربته الصادر عام 2006. واستغرب طول المدة التي استغرقها اختيار سبعة أعضاء آخرين، الذين يوجد من بينهم محمد سبايبي مدير ديوان رئيس الوزراء عبد المالك سلال، وعبد الكريم بالي مدير «المفتشية العامة للمالية» (تابعة لوزارة المالية وتهتم بالتحقيق في مصير ميزانيات الوزارات والأجهزة الحكومية).
مشاركة :