ماذا بقي لنا من الأكاديمية

  • 9/18/2016
  • 00:00
  • 22
  • 0
  • 0
news-picture

الأكاديمية روح وإحساس. والأكاديمية إجراء ونص ومادة وسلوك ونظام. تبدأ إرهاصات الأكاديمية بعد مغادرة التعليم العام، فيتغير معها كل شيء: يصبح حديث "الطالب" المستجد في الجامعة حديثا غير حديث الأمس، فهو اليوم الرجل تكوينا، والمقتدر ماليا، وهو المخطط للمواد التي يدرسها، والتخصص الذي ينتقيه، والمعلم الذي يدرس معه، وغيرها كثير. وللأكاديميا مع "المعلم" الجامعي أيضا حديث أزكى، فهو الباحث عن الجديد، وهو المنتقي للمنهج، وهو المحدد للأولويات التعليمية والخطة التدريسية، وهو المشرف الأكاديمي على نفسه، وهو أيضا عضو اللجان العلمية، ومستشار الجهات التخصصية خارج أسوار الجامعة، وهو المشرف على طلاب الدراسات العليا والمختبر لهم، وكاتب التزكيات، وغيرها كثير. وفي بيئة التدريب "غير الأكاديمي" بأنواعه، ما زال النقاش وربما الحرب بقصد أو بغيره مستعرا بين مفهومي التدريب والأكاديميا، فلوهلة يشعر المدرب بعبق الأكاديمية ينساب إليه خلال مسميات يجدها في بيئة التدريب مثل: الكلية - القسم - اللجنة - التخصص - المجلس، وهي كلمات تنتمي لعائلة آل أكاديميا كابرا عن كابر، خلعت للأكاديميين عن استحقاق وجدارة! بيد أن مراجعي الأنساب والأحساب الأكاديمية ومقدري تكافؤ النسب، لهم فيما يدور في بيئات التدريب رأي ومشاهدات جديرة بالاعتبار. خذ مثلا: يرى النسابون حربا ناعمة تدور جولاتها وصولاتها بين مصطلحي "الأكاديميا" و"التدريب". فالثاني في تقدير البعض لا يمت لأسرة آل أكاديميا بصلة، بل على العكس فربما كان دخيلا عليها بالجملة. وفي معرض السرد والتعليق والنفي والتأكيد حول هذا، فإن إثباتات النسب -على حد قول البعض- تتأرجح بين تأكيد أن المفك والصامولة وسلك الكهرباء وزيوت المحركات في بيت آل تدريب لا تشبه بحال أشباه الموصلات ولغات البرمجة وتقنية النانو في دار آل أكاديميا. النسابون أيضا يعترضون على التقاء النسب بين البيتين، فكيف للتدريب أن يكون أكاديميا والبحوث شبه منعدمة، والمنهج مقر سلفا، والمجالس العلمية غائبة، والمفاضلة بين الدرجات العلمية للمدربين واحدة، وآليات الاختيارات والتكليفات الإدارية شبه ضبابية، والمتابعة للمدرب في الوحدات أشبه بنظام المدارس... لا... النسابون لا يقرون بوجود تقارب في ظل هذه المتباينات! النسابون أيضا يغازلون الروح الأكاديمية في معرض مقارنتهم، فيقرون أنهم يلمسون استقلالية جميلة في اتخاذ القرارات من المدرسين في الجامعات مع طلابهم بما يتوافق واحتياجات المنهج، دون المرور بما يسمى "بروكسي" أو الطرف الثالث للمصادقة على نجاعة الأفكار وصحة التوجه. آل أكاديميا في تقديري أكثر استقرارا فيما يتعلق بثوابت التعليم فالإملاءات التعليمية تقبع في نهاية الصف لديهم، مدحورة بالثقة التامة في أعضاء هيئة التدريس وتخصصاتهم وتأهيلهم وخبراتهم، وهو الأمر الذي ربما يعانيه بعض آل التدريب المؤهلين الذين ينزعون إلى هذه الروح الجميلة التي تنشد التطوير بما يمليه الموقف مع الوقوف عند الثوابت! قبل الختام، أذكر أن آل تدريب ينتمون طبيعيا إلى آل أكاديميا بصفة انتماء الابن للوالد، ذلك أن كل تدريب هو تعليم أكاديمي، وستظل هذه حقيقة لا تقبل مساورة الظنون، إلا أن يقرر الولد هجر بيت والده، وحينها سيكون في مواجهة أمواج متلاطمة، لا يعيد لمركبه التوازن فيها سوى اقتفاء أثر والده!.

مشاركة :